التعديل الوزاري.. سبق صحفي لا يتسابق إليه إلا الصحفيون

التعديل الوزاري.. سبق صحفي لا يتسابق إليه إلا الصحفيون
الرابط المختصر

يبدو أن أخبار التعديل الوزاري استهلكت "مخصصاتها" من الجاذبية الصحفية في زمن سابق قبل عدة أشهر عندما ارتفعت وتيرة الأخبار حول الموضوع، وحينها كانت الصحافة تتحدث عن تعديل سيكون من طبيعة خاصة لجهة تعزيز الانسجام داخل الحكومة الذي كان سيترافق مع انسجام أعم وأشمل كان الجميع يتحدثون حوله بين مكونات الدولة وخاصة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والديوان الملكي والأجهزة الأمنية.

غير أن مسار الاهتمام الصحفي بالتعديل اختلف كلياً عندما أصبح هذه التعديل أمراً فعلياً بعد أن أصبحت أخباره وأسماء المشمولين، خروجاً ودخولاً، أخباراً واقعية.
 
إن المتتبع للصحف اليومية في الأيام الأخيرة لغاية يوم أمس الأحد، لاحظ بالتأكيد أن أخبار التعديل في هذه الصحف تراجعت من حيث الحجم واللغة ومستوى الحيوية والموقع على الصفحات، إضافة إلى قلة التحليلات والمقالات مقارنة بما كان عليه الحال عندما كان التعديل مجرد توقعات وهواجس.
 
وحدها صحيفة "السبيل" –اليومية الجديدة- نشرت الخميس الماضي تحليلاً إخباريا عن التعديل الوزاري كتبه الصحفي جمال شواهين، وربما يعود اهتمام هذه الصحيفة بالأمر إلى أنها لم تشارك في موجة الاهتمام الأولى بالتعديل، بسبب أنها لم تكن صحيفة تصدر يومياً آنذاك، وهو ربما ما جعلها الآن تحرص على الحصول على حصتها من الاهتمام بهذا الأمر ولو بصورة متأخرة بعض الشيء.
 
ذلك بالطبع لا يعني أن الصحف الأردنية اليومية لم تتابع موضوع التعديل على الاطلاق، فالمتابعة جرت فعلاً ولكن بالحد الأدنى من التفاعل، ففي صحف الأحد الماضي 22/ شباط، وهو اليوم الذي كانت كل المصادر تعتبره يوماً لإعلان التعديل، صدرت صحيفتان يوميتان بلا أخبار عن التعديل على الصفحة الأولى، فصحيفة "الغد" مثلاً نشرت ولكن في زاوية "زواريب" ثلاثة أخبار قصيرة عن الموضوع، وهو ما قامت به أيضاً صحيفة "العرب اليوم" التي نشرت خبراً قصيراً واحدا عن التعديل في زاوية "كواليس". ولكن من يدري؟ ربما أرادت الصحيفتان من ذلك أن تضيف بعض الجاذبية على الخبر عن طريق نشره في "الزواريب والكواليس" وهي الزوايا المخصصة لـ"النميمة الصحفية".
 
من جهتها، صحف (الرأي والدستور والسبيل) نشرت تقارير إخبارية قصيرة نسبياً ولكنها على خلاف (الغد والعرب اليوم) وضعتها على الأولى، وجميع تلك التقارير تناولت الأسماء المرشحة للدخول والخروج وهي أسماء لم تكن تحمل الكثير من الجديد الخاص بذلك اليوم، مع ملاحظة بعض الاختلاف في توزيع بعض الحقائب على الأسماء المتوقعة بحسب كل صحيفة.
 
غير أن اللافت أكثر، وهو قلة مقالات الكتاب في هذا الشأن، إذ يبدو أنهم بدورهم استهلكوا اهتمامهم بالموضوع في زمن سابق، فمع اقتراب مطلع الأسبوع الحالي، أي أسبوع التعديل، كانت المقالات والتعليقات تتقلص تدريجياً، بل عن بعض المقالات التي نشرت فعلاً تناولت هي أيضاً ظاهرة تراجع الاهتمام بالتعديل.
 
فالكاتب ياسر ابو هلاله في "الغد" يوم أمس الأحد، كتب مقالة تهكّمَ فيها من تدني المحتوى السياسي للتعديل والتوزير، وفي السياق تساءل عن المذكرات التي سيكتبها الخارجون عن خبراتهم التي شكلوها أثناء توليهم مناصبهم وعن صراع الأفكار والسياسات الذي خاضوه مع السلطة التشريعية، لينتهي الكاتب إلى نتيجة غير ساخرة عن أن منصب الوزير أصبح أقرب إلى الوظيفة ولكن صاحبها أي الوزير يعاني من عدم استقرار وظيفي!
 
أما الكاتب جميل النمري وهو زميل أبو هلاله في نفس الصحيفة، فكتب بصورة فيها أيضاً قدر من السخرية، عندما تحدث عن أن التعديل الوزاري في البلد أصبح أقرب إلى "اليانصيب" على المواقع الوزارية، وان هَوَس الصحفيين المكلفين بمتابعة الموضوع لا يوازيه ولا يرافقه اهتمام مماثل لدى الرأي العام بسبب غياب حياة سياسية فاعلة وآليات معاصرة لتداول السلطة.
 
غير أن صحفياً آخر اختار أن يكتب عن الأمر على صورة تقرير إخباري ساخر، فهو كما يبدو لا يرى أن السخرية في موضوع التعديل الوزاري مجرد رأي خاص بالكاتب، بل يكفي أن تتابع بعض المجريات وستجد نفسك ساخراً، فقد كتب حسين العموش في صحيفة "الدستور" ما يشبه التقرير الإخباري الساخر، فهو لاحظ على هامش التعديلات الوزارية ظاهرة سماها "ثقافة الكراتين"، حيث اعتاد الوزراء الخارجين من الحكومات على تجهيز عدد من الكراتين يجمعون فيها أوراقهم وأشياءهم الشخصية لكي يصطحبوها معهم عند مغادرة مكاتبهم، حتى أن الوزراء اشتقوا فعلاً جديداً في اللغة المتداولة فيما بينهم هو "كَرْتَنَ، يكرتن". أضاف العموش أن الوزراء أثناء فترات التعديل والتغيير يتبادلون فيما بينهم سؤالاً يقول: "كَرْتنتَ أم لم تُكرْتِن؟".