التحرش يجبر نساء على ترك العمل
لم تكن فتحية تعرف ما سيحدث لها في مكان العمل، فهي تعمل في قص الأقمشة في مصنع الحياكة منذ ثلاثة أشهر، ولكن في يوم لم يكن عادياً، ذهبت إلى عملها قادمة من إحدى قرى إربد.
وصلت مبكرة، ولم يكن سواها من العاملات، وبعض الإداريين والمشرفين، ذهبت الى صالة العمل، ولحق بها أحد المشرفين، رأته متجهاً نحوها، فشعرت بالتوتر، اقترب منها أكثر، ازداد توترها، قال لها "سأضعك في قسم الإشراف إذا سهرنا هذه الليلة مع بعضنا".
أنقذها من حراجة الموقف دخول إحدى العاملات الصالة، فانزاح ما كانت تشعر به من توتر، "بقيت طوال اليوم أفكر بما حدث متفاجئة من الموقف" تقول فتحية، (وهو اسم مستعار)، لـ"لمرصد العمالي".
وبعد العمل ثلاثة أشهر، أمضتها على قلق، اضطرت فتحية إلى ترك العمل، والعودة في صفوف البطالة، مُخفية عن أسرتها ما حدث معها، متعللة بأن ضغط العمل والإرهاق هو السبب وراء ترك العمل.
قانون العمل الأردني خصص عقوبة للتحرش إذا قام بها صاحب العمل فقط، دون ذكر العقوبة التي تقع على زميل العمل. ولم يصادق الأردن على اتفاقية "مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل 2019 / 190"، التي تعتمد سياسات لمكافحة التحرش الجنسي، وتشجع اعتمادها لضمان بيئة عمل آمنة للنساء.
وعرَفت الاتفاقية "190" التحرش والعنف بأنه "نطاق من السلوكيات والممارسات غير المقبولة أو التهديدات المرتبطة بها، سواء حدثت مرة واحدة أو تكررت، التي تهدف، تؤدي، أو يحتمل أن تؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي، نفسي، جنسي، أو اقتصادي، وتشمل العنف والتحرش على أساس النوع الاجتماعي".
تقول دعاء العجارمة، مسؤولة البرامج في مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أن المركز يعكف على إعداد دراسة حول "سلامة المرأة في بيئة العمل"، وستنشر نتائجها قريبا.
وتلفت العجارمة إلى أن الدراسة تحتوي على شهادات وحالات كثيرة لنساء تعرضن للتحرش خلال عملهن ومن جهات مختلفة أيضاً.
وتهدف الدراسة إلى تحليل العوائق التي تحول دون توافر أماكن عمل آمنة للنساء، ومعايير الصحة والسلامة، وتحليل بيئة العمل من حيث تعرض النساء لأشكال مختلفة من العنف والتمييز، التي قد تمنعهن من المشاركة في تنمية مجتمعاتهن.
تقول إحدى الحالات المشاركة في الدراسة أنه "من المستحيل أن ينتهي العنف والتحرش من مجتمعنا فنحن نتعرض له دون أي رد فعل من النساء مما يجعل الرجال يتمادون في هذه السلوكيات".
وتلاحظ الحالة أنه "من غير الممكن أن تشتكي امرأة من العنف أو التحرش إلا وينقلب الأمر عليها؛ إما بتشويه سمعتها وسمعة أهلها، أو يُحلّ بفنجان قهوة، ليُفلت الجاني من العقوبة، فلماذا نتكبّد عناء التبليغ والشكوى بلا طائل؟!".
ووفق دراسة أجرتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية عام 2018، وأن 75% من الأردنيات اللاتي تعرضن للتحرش في مكان العمل لم يفكرن في اتخاذ إجراءات قانونية. وأن نسبة انتشار التحرش في أماكن العمل تبلغ 42%.