البورصة وأموال الفقراء
بفرح وحماس القى احد الزملاء من القسم الاداري في الصحيفة القبض عليّ في ساحة المبنى ليخبرني انه يبحث عني منذ ايام، حول احد المقالات التي كتبتها حول قضية توظيف الاموال والبورصة الوهمية، ليقول: ان معلوماته ان من خسروا اموالهم ليسوا اصحاب اموال، بل ان من يعرفهم والكثيرين امثالهم قاموا بأخذ قروض من البنوك بفوائد ليقوموا بإيداعها لدى هذه الشركات، اي أن الناس ليسوا اثرياء، ولم تكن الأموال مدخرة لديهم، بل هي قروض حصلوا عليها من البنوك على رواتبهم المتواضعة، وهم الآن في وضع صعب.
قلت له: ان قيمة الاموال التي تم تقديمها للشركات بلغت حوالي 600 مليون
دينار، بحسب بعض التقديرات، وقد يكون منها 100 مليون لمن يتحدث عنهم من
الفقراء الذين اقترضوا ليعطوها لتجار البورصة الوهمية، لكنه اصر على ان
المبالغ اكبر من هذا، وقد يكون لديه معلومات اكثر دقة، لكن حتى لو كان هذا
صحيحا، فهذا يعني ان المشكلة اكبر لأن هذه الفئات ستبقى تدفع الثمن سنوات
الى ان تسدد القروض من دون ان تأتيها اي ارباح.
كل يوم من ايام القضية يفتح الابواب لإظهار خسائرها وآثارها السلبية.
فالصحف تتحدث عن 500 مليون دينار قيمة ما اخذته هذه الشركات وتقديرات اخرى
تتحدث عن 600 مليون دينار، وقد تكون الحقيقة اكبر من هذا. لكن السؤال: كم
تم تهريبه من هذه الملايين خارج الاردن؟ اي كم خرج من الاردن على شكل عملة
صعبة على ايدي هذه الشركات بكل ما يعنيه هذا من دلالات اقتصادية، وماهي
مسؤولية الحكومة عن مثل هذه الخسائر التي تجاوزت الاشخاص الى الدولة؟ وما
الذي فعلته الحكومة اضافة الى عملية احالة الامر الى القضاء واستقبال
الشكاوى؟ فالحكومة سلطة ولديها أدواتها في الحفاظ على اموال الناس، حتى لو
كان الخطأ منهم فضلا عن الحفاظ على حق الدولة عندما يتم تهريب مئات
الملايين الى الخارج.
لعل السؤال الاخر يتعلق بمن خرجوا هاربين الى دول عربية واجنبية، وسجلت
بحقهم شكاوى. فهل ستقوم الحكومة بملاحقتهم عبر الشرطة الدولية، ومن خلال
الاتفاقات الامنية الثنائية؛ لأنّ هذا قد يساعد على اجبار هؤلاء على
العودة واعادة الاموال الى الناس.
هذا الملف يجب ان يفتح بشكل كامل، وان تتحمل كل الجهات الرسمية والشركات
مسؤولياتها التامة. فما جرى لم يكن امرا مفاجئا مثل الزلزال او الذبحة
الصدرية، بل هناك معلومات كانت متداولة وعلامات استفهام كانت تثار حتى لدى
جهات رسمية؛ فلماذا انتظرنا حتى كان ما نشاهد.
عودة الى الزميل الذي أتمنى ان لا يكون من ضحايا هذه القضية، واقول له ليس
المهم إن كان الناس جاؤوا بالأموال من قروض او من بيع اراضيهم، او ثمن ذهب
نسائهم، المهم ان يتم تخفيف الخسائر وعودة الحقوق الى اصحابها الذين هم في
غالبيتهم من الطبقة الفقيرة والمتوسطة. والملف لدى الحكومة التي عليها ان
تسعى بشكل حثيث الى اعادة اموال الناس إليهم.











































