البرنامج النووي الأردني بين الضغوط الأمريكية والتعنت الإسرائيلي
نقلت وكالة رويترز عن مصادر قريبة من المفاوضات بشأن اتفاق للتعاون النووي بين الولايات المتحدة والأردن إن رفض واشنطن السماح للأردن باستغلال رواسب اليورانيوم في أراضيه لتصنيع وقود نووي عطلت محادثات للتعاون النووي وإن الجانبين بعيدان تماما عن التوصل إلى أي اتفاق.
وسيساعد اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن التعاون النووي الأردن على بدء برنامج نووي سلمي وتحقيق الهدف الخاص بتوليد 30 في المئة من احتياجاته من الطاقة من خلال الطاقة النووية بحلول عام 2030..."
ولكن المصادر الأردنية، بحسب الوكالة، قالت إن واشنطن رفضت في محادثات العام الماضي السماح للأردن بإنتاج الوقود النووي بنفسه وهو حق يصر عليه الأردن الحليف المقرب من الولايات المتحدة بوصفه أحد موقعي معاهدة حظر الانتشار النووي
وقال مصدر مطلع على آخر جولة من المباحثات الشهر الماضي "على الرغم من التفهم المتزايد لوجهة نظرنا إلا أن الفجوة بيننا لا تزال متسعة ولكن المحادثات مستمرة. ولا يزال أمامنا طريق طويل للتوصل إلى اتفاق
واكتشف الأردن احتياطيات واعدة من اليورانيوم - تقدر بحوالي 65 ألف طن إلى الآن - ويتطلع إلى استخراجها على نطاق تجاري للاستخدام المحلي وللتصدير
ووقع اتفاقيات للتعاون النووي مع ثمانية بلدان من بينها فرنسا والصين وروسيا لبناء برنامج نووي سلمي وتقليل اعتماده على واردات النفط التي تكلفه 20 في المئة من ناتجه المحلي الإجمالي.
ويصر المفاوضون الأمريكيون على ضمانات مماثلة من قبل الأردن ستلزمه بشراء مفاعل نووي من السوق الدولية كضمانة ضد أي تحويل محتمل للاستخدامات العسكرية.
وطبقا للمسؤولين الأردنيين فإنه يمكن للأردن بموجب شروط الاتفاق الذي اقترحته الولايات المتحدة أن يستخرج الخام لكن ليس في مقدوره تحويله إلى وقود وقد تمنع الشروط أيضا أي خطة أردنية مستقبلية لأن يصبح مركزا إقليميا لتخصيب اليورانيوم.وقالوا إن هذا أمر مجحف.."وأبدى الملك اقتناعه بأن مطالب الولايات المتحدة نابعة من الضغط الإسرائيلى، وآخر ما تريده إسرائيل الآن هو مواجهة مع الأردن حول هذا الموضوع.
وقال المصدر نقلا عن موقف المسؤولين الأردنيين في المحادثات "لماذا نتنازل عن حقوقنا، نحن نتمسك بكل ما نتمتع به من حقوق وامتيازات بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي
ولكن الملك عبد الله الثاني قال في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال إن إسرائيل المجاورة - الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يعتقد أنها أنتجت قنابل نووية - تمارس ضغوطا "سرية" على الدول كي لا تبيع التكنولوجيا النووية للأردن.
الضغط الإسرائيلي على الجانب الأردني بشأن البرنامج النووي دفع وزير العدل الإسرائيلي السابق يوسي بيلين إلى انتقاد الموقف الإسرائيلي، معتبرا أن بلاده "تخلق من الأردن عدوا جديدا في المنطقة".
وقال بيلين في مقال نشر في نيويورك تايمز الأمريكية تحت عنوان “اتركوا الأردن تخصب اليورانيوم”: إنه “فى الوقت الذى نجد فيه أنفسنا معرضين للمقاطعة والعزلة السياسية، لا يجب أن نفقد الدولة العربية الوحيدة التى تربطنا بها علاقات سلمية”. وعزى الكاتب أسباب وجهة نظره هذه إلى أن الأردن دولة فقيرة، وتفتقر إلى المصادر الطبيعية، وتنفق مليارات الدولارات كل عام لاستيراد 95 % من الكهرباء، ورغم ذلك، تغير كل هذا عام 2007، بعدما عثر على 65 ألف طن من ركائز اليورانيوم فى الصحراء الأردنية لتصبح بذلك واحدة من أكبر مستودعات اليورانيوم فى العالم، واحتلت المركز الـ11
وأضاف أن الإدارة الأمريكية، رغم ذلك، تحاول حث دول الشرق الأوسط على التخلى عن إنتاج وقودهم النووى خشية أن يؤدى تخصيب اليورانيوم منخفض التخصيب إلى إنتاج مواد تصلح لصناعة قنبلة النووية، الأمر الذى ربما ينتهى بسباق نووى فى منطقة مزقتها الحروب والصراعات
وتساءل الكاتب عن أسباب حرمان الأردن من حق استخدام اليورانيوم الخاص بها لإنتاج الطاقة النووية؟، ولماذا التشكك فى أن الأردن سيقدم على فعل ما يقول إنه لن يفعله؟
ورأى بيلين أن هناك مخاطرة فى السماح للأردن بتخصيب اليورانيوم بالقرب من الحدود الإسرائيلية، ولكن هناك مخاطرة أكبر فى رفض طلب الملك عبد الله، خاصة وأنه قائد مؤمن بإحلال السلام فى المنطقة
ويسعى الأردن الآن للحصول على عطاءات دولية لبناء مفاعل نووى سعته 1100 ميجا وات، وهو الأول من سلسلة مفاعلات يخطط الأردن لتشيدها أملا فى أن تمد الدولة بالكهرباء التى تحتاجها، بل وتصدرها إلى جيرانها فى الشرق الأوسط بحلول عام 2030 .
ووقعت شركة أريفا الفرنسية اتفاقا في وقت سابق من هذا العام لإنشاء شركة مشتركة لاستخراج اليورانيوم من وسط الأردن بموجب امتياز مدته 25 عاما وفي مايو أيار الماضي انتهى الأردن إلى قائمة مختصرة تضم شركات أريفا وإيه.إي. سي.إل. الكندية وأتومسترويواكسبورت الروسية لتتنافس على تصميم أول محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية قدرتها ألف ميجاوات.
ويقول مسؤولون إن اختيار الشركات المتعاقدة سيستغرق ثلاث سنوات وإن بناء المحطة سيستغرق ما بين أربع إلى خمس سنوات أخرى.