البحث عن الرزق على أرصفة الطرقات

البحث عن الرزق على أرصفة الطرقات
الرابط المختصر

افترشوا
ساحة المسجد الحسيني ونظراتهم ترمق الشارع لعلهم يجدون "الفرصة"..
الحياة رسمت خطوطها على وجوههم لتترك تجاعيد
غائرة تدل على قسوة الحياة..
ينتظرون أن تتوقف سيارة ما، يطل منها شخص يشير
لهم بالصعود ليبدأو عمل يوم شاق.


وعلى
صوت الأذان يتناولون كسرة الخبز ويغمسوها في كأس من الشاي ثم ينطلقون الى ساحة
المسجد لالتقاط الرزق" إنهم عمال من مختلف المهن، يتوافدون على الساحة من
مناطق مختلفة من المملكة، بعضهم يأتي من اربد قبل بزوغ الفجر يجلسون على صفيحة
معدنية ويضعون أمامهم فرشاة الدهان بانتظار كسب العيش.


حالهم
كالعصافير في ساحة المسجد، تلتقط فتات الخبز من الرصيف ومن صندوق خضار خشبي بائس مرمي
في سوق الخضار المجاور للمسجد، لا فرق بينهم وبين العصافير فكلاهما سيعود لبيته في
المساء ليحمل ما جمعه من قوت يومه ليطعمها لأفواه لا تعرف الشبع ومعنى المعاناة.


أبو
ركان الستيني عيناه غائرتان في جمجمته الصغيرة واظب يوميا منذ 8 سنوات وهو يتردد
على ساحة الجامع الحسيني، يقول بصوت يكاد يخرج من حنجرة متحشرجة " نعمل في الأسبوع
يوم أو يومين وفي بعض الأحيان يمر شهر واحد دون عمل، نجلس من ساعات الصباح الباكر
ننتظر شخص يريد ان يدهن منزله أو أي عمال أخرى، كل يوم ننتظر ان تتوقف سيارة ما في
شخص يحتاج لخدمة ما...نحن جاهزون مهما كانت نوع الخدمة".


يتابع في تذمر مستمر "تجد هنا جميع الأعمال
من دهين وبليط الجميع يأتي لهذه الساحة كونها من أقدم ساحات العمال في الأردن ففي
بعض الأحيان يصل عدد العمال في اليوم الى مئات الأشخاص، هناك منافسة البليط يدعي
انه يعمل كل شي وهناك أشخاص يعملون لا يتقنون أي مهنة".



أما
أبو حسام بلغ من العمر عقدة الخامس، تشتم منه رائحة الرطوبة، تكاد تخرج من ملابسة
الرثة، وكما يدعي هو "عامل شامل" له يد في كل مهنة يعمل في البلاط
والإنشاءات والزراعة وغيرها من المهن، يقف كل يوم أمام المسجد الحسيني ليعرض
خدماته ليحصل على ما تيسر من المال ليعيل أسرته المكونة من سبعة أفراد "انا
عندي سبعة أطفال يوميا احصل على 10 دنانير لا تكفي ثمن الخبز، ناهيك على ان العمل
موسمي ففي الاكثير من الأحيان لا أجد عمل لأسبوع ووقتها إذا لم اعمل لم أكل الوضع
صعب جدا".



"الحياة
ليست وحدها التي تقف في وجهنا" يقول سمير الذي يشكو من بعض الجهات الحكومية "وزارة
العمل لا تعطينا أي اهتمام ألسنا عمال أردنيين؟؟؟
ناهيك عن ان أمانة عمان في بعض الأحيان تقوم بمداهمات بحقنا وتصادر عدة
العمل مصدر رزقنا الوحيد".


وفي
الساحة تختلط الجنسيات مع بعضها البعض تجد هناك عمال من كل الدول من مصر وسوريا
والعراق وبعض والسودان تختلف اللهجات والألوان لكنهم تجمعهم " لقمة الخبز"
كما يقول الشاب هيثم الذي اشتكى من المنافسة والمزاحمة على لقمة الخبز من قبل بعض
العمال العرب على حد قولة.


المسجد الحسيني ليس مسجدا وحسب، بل هو
أكثر من ذلك، انه جامع بمعنى الكلمة ففي ساحته الكبيرة
يجتمع الفقراء والباحثين عن العمل والباعة المتجولين والسياح،
وهناك يعقد رفقاء الفقر حلقات النقاش عند حائط المسجد الغربي قرب باب المسجد
الرئيسي يبحثون بها ماذا سيخرجون اليوم بعمل وكم سيكسبون من المال يرجعون به إلى
أطفالهم.


وإذا
ألقيت نظرة على المسجد من الداخل ترى ساحته الداخلية وقد شدك الأسلوب المعماري القديم
حيث تلمس البرودة هناك على الرغم من درجات الحرارة المرتفعة في الخارج، كما يلفت
نظرك الرسومات الإسلامية المنقوشة على الحائط والسجاد الذي ُفرشت به أرضية المسجد.





وعلى
الرغم من ذلك يعتبر المسجد مزارا للسياح من كافة الجنسيات حيث
تكتظ ساحته بالزوار الذي شرعت عدسات كاميراتهم بالتقاط الصور للمسجد الذي بني عام
على يد الأمير عبد الله بن الحسين عام 1924م ويبلغ طوله 58.5 متر وعرضه 12.5 متر
وله رواق أمامي ورواقان جانبيان وفي الوسط ساحة سماوية ومئذنتان ترتفع اليمنى 70 متر
و ليسرى 35 متر، أجريت فيه أعمال إصلاحات و تجديدات واسعة.

أضف تعليقك