الباذنجان الحمصي مكدوسًا على موائد الأردنيين

الرابط المختصر

هذا التقرير من إعداد:

عبد الحميد الناصير

وائل الشرع

لينا حداد

عندما غادرنا سوريا كان الوضع يُرثى له، لم أفكر حينها بالمونة السنوية التي كنا نستعد لها ونعمل على توفير كافة الإمكانيات اللازمة لصناعة المكدوس واللبنة والزعتر والزيتون وما نحتاجه كل سنة في بلدنا الأم، هكذا بدأت الحديث اللاجئة السورية مخلصة الزعبي "أم محمد" في الأردن أم لثلاثة أطفال، وأضافت: "واحنا بسوريا ما كنا نعمل المكدوس الا مونة فقط، يعني التجارة والتسويق والأمور هاي كلها ما كنا نسعى عليها ولا نعرفها".

 

رحلة المشروع الصغير..

أم محمد ذات الأربعين من عمرها، ربة منزل لجأت إلى الأردن عام 2012، بدأت تبحث عن عمل لتستطيع مساعدة زوجها في تدبير مسلتزمات بيتها وأطفالها، ولم يخطر ببالها أن تبدأ بمشروع خاص من صنعها إلا حين زيارة جارتها الأردنية والتي تُدعى بأم راشد حيث تعمل معلمة في مدرسة حكومية، تقول أم محمد: "كنت محضرة مونة 10 كيلو مكدوس لأولادي لأنهم كثير بحبوا المكدوس وحبيت اعطي لجارتي أم راشد، وكثير عجبها".

بعد إعجاب أم راشد بمكدوسات أم محمد نصحتها بأن تعمل من المكدوس كميات أكبر وتقوم ببيعه للزبائن، "الله يوجهلها الخير أم راشد وين ما راحت، كانت تمدح بمكدوساتي قدام المعلمات وكل المدرسة تشتري من عندي". حيث تولت أم راشد الدور التسويقي لمنتج أم محمد في صناعة المكدوس الحمصي.

 

أصبحت تنتج أم محمد من 50 إلى 100 كيلو من المكدوس ولاقى هذا المشروع صدًى كبيرًا لدى زبائنها وبالمنطقة التي تسكنها أم محمد، حيث امتدّ الطلب لخارج محيط المحافظة وصارت أم محمد علمًا مهمًا في تجارة المكدوس المنزلي.

 

الباذنجان الجرشي أم الحمصي!

لم يكن يُطرح الباذنجان الحمصي في الزراعات الأردنية، وإنما فقط الباذنجان الجرشي ذو اللون الأسود والذي يتميز بسُمك قشرته، وكما وصفته أم محمد بأنه أقرب إلى المخللات، أما الباذنجان الحمصي والذي افتقده السوريون عند لجوئهم إلى الأردن نظرًا لعدم توافره في الأسواق الأردنية والذي يتميز باللون المائل إلى الزهري ويحتاج من يومين إلى ثلاثة للكبس. توضح أم محمد "أنا ما كنت أفضل الباذنجان الجرشي للمكدوس لأنه ما تعودنا عليه وكمان طريقتنا بتختلف شوي عن طريقة أخواتنا الأردنيات".

 

الباذنجان الحمصي يغزو الأراضي الأردنية

يقول المزارع السوري جهاد عبدالرحمن، والذي لجأ إلى الأردن عام 2012، "أنا مهنتي الزراعة ومجرد ما دخلت الأردن بلشت كمان بالزراعة"، بدأ جهاد يفكر في زراعة أصناف غير متوفرة في الأردن وكانوا يعتادون على وجودها في سوريا، "وهيك بلشنا بزارعة المكدوس الحمصي لأنه ما كان متوفر".

إن القطاع الزراعي في الأردن يعاني من تحديات طبيعية ناتجة عن الموارد المائية بالإضافة إلى تأثر المواسم بالكوارث الجوية وهذا ما يؤثر غالبًا على تنوع المنتجات في الأسواق وأجور عمال المياومة في هذا القطاع، واجه جهاد العديد من الصعوبات خلال مهنته الزراعية، "يعني واجهتنا صعوبة بالروحة والجية لأنه ما كنا نعرف شي، بس بعدين تيسرت الأمور".

الشريك أردني.. والأيادي سورية

تُكمل أم محمد في سردها لرحلة إنتاج المكدوس الحمصي، عانى زوجها من ضيق في التنفس وألم في الصدر مما اضطرها إلى نقله للمستشفى، التقت حينها مع شريكها الأردني، السيد تحسين عبيدات مالك مؤسسة لبنى للمخللات، ويوضح "تعرفت بالصدفة على أختي أم محمد وأُعجبت جدًا بمنتجها وقررت أساعدها برأس مال بسيط والحمد لله الامور ماشية".

أم محمد تقول أنها محظوظة بشريكها الأردني وأنها بالبداية لم تقبل أن تأخذ مالًا منه إلا عندما أقنعها أنه سيدخل شريكًا في مشروعها الصغير في إنتاج المكدوس الحمصي.

يؤكد عبيدات أن المكدوس كان ولازال من أهم الوجبات المتوفرة على المائدة الأردنية ولكن ما يختلف هو نوعية المكدوس، والآن بعد وجود أخواننا السوريين أصبح هناك تنوع في المنتجات المحلية، كما وتعتبر منطقة الرمثا مصدرًا أساسيًا في زراعة المكدوس الحمصي نظرًا لتربتها الخصبة وتوفر المياه فيها.

ويقول عبيدات: "لما شفنا أنه صار الطلب أكثر على الباذنجان الحمصي، صرنا نقنع المزارعين الأردنيين بزراعة هذا الصنف من الباذنجان، لأنه هو الماشي بالسوق والحمدالله صاروا يزرعوا والحمدالله الإنتاج كويس". 

 

من الرمثا إلى باقي المحافظات

لم يعد المكدوس الحمصي محصورًا في منطقة الرمثا ولكن استطاعت أم محمد أن تجعل هذا الطبق حاضرًا في الموائد الأردنية على اختلاف المناطق، وأصبحت تنتج كميات كبيرة من المكدوس الحمصي تفوق الـ 100 كيلو،  حيث شاركت في العديد من البازارات الأردنية بمختلف المحافظات، كما وتسعى أم محمد في الحصول على دعم من المنظمات المختلفة ليكبر مشروعها الصغير أكثر وأكثر.