الاكتظاظ في الغرف الصفية يضع "نقاطا ً سوداء" في سجل نوعية التعليم

الاكتظاظ في الغرف الصفية يضع "نقاطا ً سوداء" في سجل نوعية التعليم
الرابط المختصر

"عودة " ابن الثماني سنوات ينتمي لأسرة مكونة من تسعة أفراد ، يعيش مع أسرته في منزل متهالك ضمن منطقة مكتظة بالسكان حيث يقل فيها عدد المدارس التي تخدم حي " النزهة " ، فالزرقاء مدينة تشتهر بكثافتها السكانية ونقص البنى التحتية في قطاعات مختلفة ومنها التعليم.

يتذمر عودة وأخوته أحيانا كثيرة مما يحصل أثناء الطابور الصباحي وأثناء تواجده في الغرفة الصفية، وكذلك الشكوى المستمرة من انه لا يستطيع بلوغ شباك المقصف المدرسي وهو يزاحم بين طلبة يزيد عددهم عن (3000) طالب وطالبة للحصول على احتياجاته من المقصف الوحيد في المدرسة.

وتقول أم عودة " أبذل جهدا مستحيلا في تدارك حاجات أبنائي التعليمية ، نظرا لصعوبة التعامل مع خمسين طالبا أو أكثر من قبل المعلم " .

وفي هذا الأطار تشير سجلات دائرة الإحصاءات العامة ، وفق تصريحات مديرها الدكتور حيدر فريحات فيما يتعلق بالتوزيع السكاني ، ان سكان المملكة يتوزعون بشكل غير متسق على المحافظات ، حيث يعيش ما نسبته (38.7 %) من السكان في العاصمة مقابل (14.9 %) في الزرقاء .

ويؤكد الخبراء على لأثار السلبية للنمو السكاني على جودة التعليم وتكافؤ الفرص .

وفي ذات السياق ؛ الصورة تبدو مشابهة لما يعانيه عودة ، إذ ان الطالب يزن (13 سنه) الذي يدرس في مدرسة ابن طولون في منطقة الغويرية ، يشكو هو الأخر من أن اسمه يرد في أخر القائمة الطويلة بالسجل الطلابي والذي تجاوز ال (55) طالبا ً .

واستدعت زيادة عدد المدارس في الزرقاء الى وجود (3) مديريات ترعى شؤون التعليم في هذه المنطقة المكتظة، بعدما كانت مديرية واحدة تقوم بهذه المهام .

ففي احد المدارس التابعة للزرقاء ، يستخدم المطبخ ، وباحات المدرسة كغرف صفية ؛ وذلك للتغلب على مشكلة التزايد الطلابي .

وبالرغم من الأثار السلبية لمدراس الفترتين إلا انه يبقى الأسلوب المتبع لمواجهة الأكتظاظ الصفي بحسب مشرف تربوي الذي فضل عدم ذكر اسمه .

وفي دراسة أعدتها إدارة التخطيط في وزراة التربية تهدف إلى تحديد الزيادة في اعداد الطلبة نتيجة النمو السكاني ، الا أن مجموع الطلاب الذين يعانون من المباني المدرسية المستأجرة وذات الفترتين في العاصمة لوحدها قد بلغ عددهم (57) الفا و(393) طالب وطالبة ، تلتها محافظة الزرقاء (43) الفا و(420) طالب وطالبة ،وهاتان المحافظتان تشكلان (58%) من اعداد طلبة بقية المحافظات الأخرى .

" أن من اعقد مشاكل التنشئة الاجتماعية والرعاية التعليمية هو التكاثر العددي للسكان بنسب عالية " ، هكذا يقول اختصاصي علم الاجتماع ظاهر قواسمه ، عند حديثه حول الأثار الاجتماعية للزيادة السكانية .

ويرى قواسمه " أن استنزاف الموارد التعليمية في الدول النامية ؛ سببه الرئيس التزايد اللامعقول في النمو السكاني مما يضع صانعي القرار امام تحديات صعبة " .

إذ تكشف الأرقام بأن الزيادة السكانية الطبيعية في المملكة على طلبة المدراس الحكومية ؛ تلقي عبئاً على وزراة التربية والتعليم . إذ انها خلال (5) سنوات المقبلة ستبلغ (112) الف طالب وطالبة . أما الزرقاء فستكون زيادتها السكانية الطبيعية (17) الف و (236 ) طالب وطالبة بنسبة (15 %) .

ويقول المعلم صفوت- المعين حديثا ً - إن "الكثافة الصفية داخل الغرف التعليمية في مدرستي ، هي مشكلة أعاني منها وتدفعني بالتفكير نحو البحث عن وظيفة اخرى " ، ويتابع صفوت حديثه عن هذه المشكلة بأنها باتت تؤرق كل الزملاء في هذه المهنة .

مجموعة من الطلاب أكدوا أن عدد الطلبة في الصف الواحد الذي يتكون من أكثر من شعبة يصل أحيانا إلى أربع شعب يتجاوز الحد المطلوب والمسموح فيه مما يؤدي إلى المضايقات والمشاكل بين الطلاب ، اضافة لعدم الاستيعاب من المدرس بسبب حالة الفوضى الموجودة ، وبالتالي عدم وجود الاجواء المناسبة للدراسة ، ولا احد يستمع إلينا مهما وجهنا من شكاوى للمدير وغيره من المسؤولين.

ويؤكد مهتمون أن صناع القرار يتجاهلون ما يحدث في مسألة الزيادة السكانية وإنعكاساتها الخطيرة على جودة التعليم، مما يضع " نقاطا ً سوداء " في سجل نوعية التعليم في الأردن .

ويبدي المجلس الأعلى للسكان أهتماما ً مسبوقا ً بأثر النمو السكاني على جودة التعليم الأكاديمي وتكافؤ الفرص من خلال دراسات ومبادرات متعددة تبين تفصيلات هذه الأثار السلبية .

مما يعني أن يأخذ المخططون التربويون بأستغلال الأدوات المتاحة لمواجهة التحديات المستقبلية ، خصوصا ً وان الأردن على أعتاب الفرصة السكانية .

أضف تعليقك