الاردن... جهود مكافحة الفساد تراوح مكانها
تقرير "الشفافية" يضع وصفة عالمية, الالتزام بها كفيل بالقضاء على الظاهرة...
طرأ تحسن "غير جوهري" على موقع الاردن في مؤشر »مدركات الفساد« للعام الحالي. وحسب تقرير صادر عن منظمة الشفافية العالمية احتل الاردن المرتبة 47 في قائمة تضم 180 بلدا. ففي تقرير عام 2007 حصل الاردن على 4.7 نقطة حسب مقياس من »صفر فاسد جداً الى عشرة نظيف جداً« وفي التقرير الاخير حقق 5.1 نقطة.
لم يشهد الاردن تطورات ملموسة لجهة مكافحة الفساد مقارنة مع العام الماضي ولهذا السبب جاء التحسن في التقرير محدودا للغاية ولم يزد عن نصف نقطة تقريبا. في المقابل ما زالت استطلاعات الرأي العام تعكس انطباعات متشائمة ازاء ظاهرة الفساد في الاردن اذ تشير نتائج آخر استطلاع لمركز الدراسات الاستراتيجية بهذا الخصوص الى ان الاغلبية تتوقع ازدياد الفساد في السنوات الخمس المقبلة.
انشاء هيئة مكافحة الفساد التي اقرت استراتيجيتها مؤخرا ساهم في تحسين ترتيب الاردن على المستويين الدولي والعربي فقد احتل المرتبة الخامسة ضمن قائمة تضم 18 بلدا عربيا.
الهيئة ما زالت في بداية الطريق وتعاملت مع عدد محدود من القضايا في الاشهر الاخيرة كان آخرها قضية جامعة البلقاء التطبيقية. واظهرت التطورات الخاصة بهذا الملف ان الهيئة ما زالت غير قادرة على ممارسة عملها باستقلالية كاملة.
اكثر اشكال الفساد رواجا في الاردن هو استغلال اصحاب القرار مواقعهم وشبكة علاقاتهم مع الشركات لتحرير صفقات مشتركة لمصلحة الطرفين وساهم في تعزيز الظاهرة دخول رجال الاعمال على خط العمل السياسي بشقيه الحكومي والبرلماني ونشوء حالة غير مسبوقة من تضارب المصالح تمثلت في تبادل الادوار بين المسؤولين وزوجاتهم وادارة العطاءات بالوكالة. وتشكل هذه الظواهر تحديا امام مؤسسات مكافحة الفساد التي اعتادت على مواجهة اشكال تقليدية من الفساد المباشر القائم على الاعتداء على المال العام.
وضعت رئيسة منظمة الشفافية العالمية هوغيت لابل وصفة عالمية لمكافحة الفساد تصلح لكل البلدان واذا ما التزمنا بها فان ترتيب الاردن سيشهد تحسنا مضطردا. تقول لابل: »يتطلب القضاء على الفساد رقابة قوية من خلال البرلمانات ومؤسسات انفاذ القانون, ووسائل الاعلام المستقلة ومنظمات المجتمع المدني النشيطة.
وتضيف »عندما تكون هذه المؤسسات ضعيفة يخرج الفساد عن نطاق السيطرة بما يجلب من عواقب مروعة على الناس العاديين وعلى العدالة والمساواة في المجتمعات بشكل اوسع«.
الدول التي حققت المراتب الاولى في قائمة »الشفافية العالمية« مثل الدنمارك, السويد, نيوزلندا, سنغافورة, وفنلندا هي التي التزمت منذ امد بعيد بوصفة »لابل«.
في الاردن لعبت وسائل الاعلام المستقلة دورا لا بأس به في مكافحة الفساد وساهمت في خلق رأي عام مناوئ للفساد والفاسدين واصبحت اداة لردع الفساد وفي بعض الاحيان الكشف عن صفقات غير مشروعة واحباطها قبل ان تمر لكن دور الاطراف الاخرى في المعادلة ما زال محدوداً او منعدماً كما ان وسائل الاعلام التي تسعى لتعزيز دورها في الحرب على الفساد تواجه ضغوطا من اطراف رسمية لثنيها عن ملاحقة الملفات المشبوهة.
تبقى الاشارة هنا الى دور شركات القطاع الخاص والحاجة الى »كبح جماح الطرق المشكوك فيها التي تتبعها الشركات من اجل تملك وادارة الاعمال التجارية« الى جانب المخاوف الداخلية التي اشار اليها تقرير »الشفافية« بشأن دور المال في السياسة, والحاجة الى تفعيل اتفاق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لمكافحة الرشوة التي اصبحت سارية المفعول منذ عام .1999
ويستحق هذا الامر وقفة من طرف الجهات الرسمية في الاردن لان دور الشركات ونفوذها في الحياة السياسية اصبح خارج السيطرة ويشكل تهديدا جديا لمكانة مؤسسات الدولة لا بل ان اصحاب الشركات يسعون لادارة الدولة على طريقة شركاتهم.











































