الاحتلال يفتعل أزمة معبر الكرامة لإحياء مطار رامون

الرابط المختصر

 كشفت صحيفة إسرائيلية، أن إجراءات العمل من أجل تشغيل مطار رامون الإسرائيلي، قرب إيلات (جنوب)، ستبدأ خلال شهر آب/أغسطس القادم.

يأتي ذلك بعد أكثر من أسبوعين على الأزمة الخانقة التي يشهدها الجانب الأردني للسفر إلى فلسطين عبر جسر الملك الحسين، وإعلان السلطات الأردنية عن إجراءات جديدة للحد من الأزمة التي يواجهها المسافرون.

وجاء في صحيفة “يسرائيل هيوم”، الخميس، أن الإسرائيليين يعملون من أجل البدء بتشغيل المطار لرحلات ستُقل الفلسطينيين إلى تركيا، بدلاً من سفرهم إلى الأردن عبر معبر الكرامة ثم التوجه إلى مطار عمان الدولي.

وكان نشطاء فلسطينيون قد حذروا قبل أيام من أن أزمة معبر الكرامة، الذي يربط الفلسطينيين في الضفة الغربية بالأردن – المنفذ الوحيد لتنقل الفلسطينيين للخارج – تعود لأسباب سياسية.

وقال طلعت علوي، منسق حملة “بكرامة”، إن “من خلق الأزمة يسعى إلى استثمارها، فالأخطر من الأزمة ما يأتي بعدها”، إذ توقع أن يتم تقديم خيار مطار رامون بديلا لسفر الفلسطينيين.

وافتتحت السلطات الإسرائيلية مطار رامون في عام 2019، لكن منذ ذلك الوقت، وخاصة مع جائحة كورونا، لم يتم تشغيل أي رحلة دولية منه، وهو ما جعل المسؤولين عنه يرحبون بالمبادرة الجديدة لتشغيله.

وأوضحت الصحيفة أنه تم التواصل مع شركة بيغاسوس التركية من أجل القيام بهذه الرحلات في وقت مبكر من شهر آب/أغسطس.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن القضية الآن تخضع للفحص على جميع المستويات، بسبب التعقيدات الأمنية المتعلقة بمرور المسافرين بجميع عمليات التفتيش اللازمة قبل الدخول إلى الخط الأخضر والوصول إلى المطار.

وبينت الصحيفة أن مسؤولاً في جيش الاحتلال أكد تكليف طاقم بمتابعة الملف، لكن حتى الآن لم تصدر موافقة على البدء بهذا الإجراء.

وتابعت: “المضي قُدما في هذا الإجراء يطرح أسئلة مثيرة: من سيكون مسؤولاً عن ترتيب دخول المسافرين من الضفة إلى الخط الأخضر؟ وهل سيصلون بالحافلة مباشرة إلى مطار رامون؟ ولمن سيكون ذلك ممكنًا؟ ومن سيؤمن الرحلات؟ ومن سيقدم خدمات ما قبل الرحلة للمسافرين الفلسطينيين في إسرائيل وخارجها؟.

ويبدو أن هناك شروطا “إسرائيلية” للسماح للفلسطينيين باستخدام المطار المذكور أهمها الثمن السياسي مقابل ذلك، وهو متعلق بعدم التوجّه لمحكمة الجنايات الدولية لرفع أية قضايا ضدّ إسرائيل.

من طرف واحد ومرفوض

بدوره، قال موسى رحال، المتحدث الرسمي باسم وزارة النقل والمواصلات الفلسطينية، إن المقترح الإسرائيلي هو حديث “من طرف واحد”.

واعتبر رحال أن موقف دولة فلسطين يعتبر واضحا تماما، إذ يجب تنفيذ ما تنص عليه الاتفاقيات الموقعة قبل التوجه لأي خيار.

وتابع رحال: “بموجب الاتفاقيات هناك مطار القدس الدولي (قلنديا) الذي يجب تسلميه لدولة فلسطين ليتم ترميمه والعمل به واستخدامه لسفر الفلسطينيين، لكن الاحتلال يتعنت منذ سنوات في هذا الأمر، كما أنه يقوم بمجموعة من الإجراءات على الأرض من خلال بناء مخططات استيطانية”.

وأضاف رحال: “على الجانب الآخر هناك مطار غزة الدولي الذي تم تدميره فيما يرفض الاحتلال ترميمه وتشغيله مرة ثانية”.

وشدد على أن هناك مخططات في المناطق الشمالية من الضفة الغربية لتأسيس مطار يخدم هذه المناطق لكن الاحتلال يعيق ويرفض ذلك.

ووصف القرار بأنه “عنصري بامتياز”، وهو يقع ضمن إجراءات الفصل العنصري حيث سيقوم الاحتلال بإعادة توجيه من يسمح لهم بالسفر عبر المطارات الإسرائيلية لهذا المطار في محاولة لتخصيصه للفلسطينيين بدلا من استخدام مطار اللد الدولي”.

وأكد رحال: “هذا أمر لم يتم التشاور مع الطرف الفلسطيني بخصوصه، وهو من طرف واحد، ولن يكون هناك قبول حتى لو طرح على الفلسطينيين”.

وأشار إلى أن هناك مسافة طويلة جدا على المسافرين قطعها في حال استخدموا المطار حيث تقدر ما بين ساعتين إلى 4 ساعات.

واعتبر أن هذا المقترح هو بمثابة رسالة لأبناء الشعب الفلسطيني وهم بدورهم سينظرون للأمر على أنه موقف وطني، مساس بالسيادة الفلسطينية وبالتالي سيقوم الفلسطيني بالالتزام بالموقف الرسمي الفلسطيني.

ورغم ما أنفق على المطار من أجل تشغيله (2 مليار شيكل لتفعيل المطار وتشجيع السفر من خلاله) إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية كشفت أنه يعاني من ضعف كبير في الإقبال عليه.

يذكر أن قوات الاحتلال أعلنت قبل أقل من عام عن مخطط يحول مدرج مطار القدس الدولي، الذي يطالب فيه الفلسطينيون حاليا، إلى مستوطنة حيث سيتم بناء 10 آلاف وحدة استيطانية وفنادق ومرافق عامة على أنقاض المطار.

وبحسب المعلومات المتوفرة، فإنه وحتى العام 1967 كان مطار القدس أقيم المطار في العام 1920 في فترة الانتداب البريطاني واستخدم خلال الفترة الأردنية في الفترة ما بين 1948 و1967 الميناء الجوي الوحيد في الضفة، قبل أن تضع إسرائيل يدها عليه وتحوّله مطارا لرحلات داخلية قليلة، إلى أن أغلقته نهائيا عام 2000.

وبحسب خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، كان مطار القدس يعتبر المطار الاستراتيجي الثاني بعد مطار عمان، وقامت الحكومة الأردنية عام 1966 بتوسيعه، ولكن جاءت حرب 1967 وتم توقيفها.

ليس إلا خدعة

بدوره، قال مدير مركز حريات الفلسطيني حلمي الأعرج إن اقتراح السفر عبر مطار رامون من قبل الجهات الأمريكية والتعامل مع الموضوع على أنه هدية من الرئيس الأمريكي للشعب الفلسطيني “ليس إلا خدعة” ويجب التمسك بحقنا في التنقل الحر، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني يطالب بحقه في السفر كما هو موجود في كافة القوانين الدولية والإنسانية، وهو حق لكل من على هذه الأرض أن يتحرك ويسافر ويتنقل بحرية وأن يغادر بلده ويعود إليها متى يشاء.

وأشار الأعرج في تصريحات صحافية قبل أيام إلى أن الشعب الفلسطيني لا يمتلك الحد الأدنى من الحق في الحركة.

وقال الأعرج “قديماً كان الفلسطيني يسافر عبر مطار اللد، ومطار قلنديا”، لافتا الى أن ترويج فكرة السفر عبر مطار رامون “مجرد خدعة بشروط تعجيزية للمواطنين الفلسطينيين”.

واعتبر الأعرج القبول بهذا المقترح مشكلة ويجب أن تتم المطالبة بالتنقل عبر المطارات التي تسمح للشعب بالحركة والتنقل بدون حواجز أو صعوبات وتعقيدات، ولمسافات بعيدة جداً.

وطالب المجتمع الدولي بإجبار الاحتلال على فتح كل المعابر والمطارات أمام المواطنين الفلسطينيين بلا استثناء وأن يبقى الخيار متاحا للمواطن الفلسطيني لاختيار الطريقة التي يريد أن يسافر فيها.

وشدد على ضرورة مطالبة السلطة الفلسطينية بالتواصل مع الأمم المتحدة وأمينها، والمؤسسات الدولية، والممثليات الدبلوماسية العامة في فلسطين وإطلاعهم عبر جولات على ما يعانيه الفلسطيني عبر معبر الكرامة، وعلى حواجز الموت، وما يعانيه من حصار القدس وقطاع غزة وأن يتم التدخل لإنهاء هذه المعاناة.

وأكد على ضرورة أن تتخذ السلطة الفلسطينية قرارات واضحة وأن تمارس الضغط الكافي على دولة الاحتلال بهذا الشأن، حتى لو وصل ذلك إلى مستوى التوقف عن السفر للضغط على الاحتلال، وأن تعمل على تأمين فتح المعبر لـ 24 ساعة، وأن تضمن ألا يتم إهانة وإذلال وتعذيب المواطنين الفلسطينيين.

يذكر أن مركز “حريات” نظم مؤتمرا وطنيا لتسليط الضوء على حرية الحركة والتنقل والسفر قبل شهر ونصف، حتى يلفت انتباه المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه الجريمة المنظمة التي يرتكبها الاحتلال بحق عشرات آلاف المواطنين الذين يحرمهم من حقهم الطبيعي في السفر وينتهك حقوقهم الأساسية التي تترتب على هذا الحظر.

ويقع مطار رامون الإسرائيلي في وادي تمنة (جنوب) على بعد 18 كيلومترا شمال مدينة إيلات. ويحتوي على مهبط بمساحة 3.600 متر. وتم افتتاحه بتاريخ 21 يناير 2019.

وتعرض المطار بتاريخ 13 مايو 2021 إلى رشقات صاروخية أطلقتها كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس) حيث أطلقت عليه صاروخا من طراز عياش 250، وقد جاء القصف بعد ساعات من قرار السلطات الإسرائيلية إغلاق مطار بن غوريون، وتحويل الرحلات إلى مطار رامون نظرا لاستمرار إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية في اتجاه تل أبيب. القدس العربي