الإصلاح السياسي وهاجس التوطين

الرابط المختصر

الحراك السياسي المكثف الذي شهدته الساحة الأردنية مؤخرا، أثار موجة من الشكوك والصخب حول الهوية الأردنية وتحديدا فيما يتعلق بموضوع "التوطين" والمشاركة السياسية للأردنيين من أصل فلسطيني.ويعتبر الخامس من نيسان – تاريخ تشكيل حكومة بدران- بداية "تسونامي سياسي" في الأردن، وبدأت القصة عندما برزت الانتقادات لما يسمى (الفريق الاقتصادي) في الحكومة الجديدة، وللخطط الإصلاحية التي جاء بها هذا الفريق، وواجه الفريق الاقتصادي انتقاد شديدا يتعلق بعدم ارتباط هذا الفريق بالشعب وخصوصا وزير المالية المستقيل باسم عوض الله.



الاصلاح والأجندة الوطنية فتحت باب الجدل على مصراعيه فيما يتعلق بموضوع " التوطين" والهوية الوطنية، ويعلق الكاتب صالح القلاب " إن مخاوف الأردنيين تكمن في أن البعض من أصحاب الأجندات الخاصة يحاول استغلال مسيرة الإصلاح المستمرة والمتواصلة، التي تؤيدها غالبية الشعب الأردني، من اجل المس بالثوابت الأردنية ومن أجل افتعال صراع اجتماعي، وزعزعة بلد قدره ان يكون جغرافياً في هذه المنطقة الواقعة بين ألسنة الحرائق ودوي الإنفجارات".



لكن هناك بعض التيارات تتحفظ على عملية الاصلاح تحت باب الحفاظ على الهوية الأردنية من الاندثار وعلى الدولة من التفكيك، ويكتب الصحفي ناهض حتر في هذا الخصوص مادحا في مقال للوزير السابق فواز الزعبي ومحذرا من "مخططات تفكيك الدولة الأردنية".



الكاتب الصحفي جميل النمري ضم صوته لحتر وقال بشكل أكثر صراحة " إن الحل الاستراتيجي الذي يقترحه الدكتور فواز الزعبي إذا كان مطروحا في المدى القريب وقبل استقرار الحل على الجبهة الفلسطينية وحسم موضوع اللاجئين وقيام الدولة الفلسطينية يتضمن بالطبع المخاطر الماثلة في ذهن الاردنيين بالنسبة للوطن البديل وفي ذهن الفلسطينيين بالنسبة للإغلاق المسبق لملف فلسطيني الشتات".



وكان الزعبي قال في مقالته التي نشرت ضمن سلسلة مقالات لوزراء ومسؤولين سابقين في صحف يومية "سيكون الاصلاح السياسي العنوان الرئيس في رسم ملامح نظامنا السياسي، يتأتى ذلك بالتأكيد من خلال ايجاد آلية جديدة لتشكيل الحكومات، على اسس برلمانية منتخبة".



"رفض التشكيك بأهداف الأجندة الوطنية واتهامها بالمفككة للدولة ومكرسة للتوطين" ما شدد عليه وزير البلاط الملكي ومنسق الأجندة الوطنية د. مروان المعشر. ورفض "ربط الأجندة الوطنية بالتوطين"، وقال: "إن الهدف الوحيد من الأجندة الوطنية رفع دخل المواطن وتحسين مستوى معيشته ومن يتحدث بموضوع التوطين هدفه عدم تقدمنا للامام".



الكاتب الصحفي عريب الرنتاوي علق في مقال له في "الدستور" على تصريحات الدكتور المعشر: "تحدث الدكتور المعشر بأكثر مما ينبغي، ولا أحسب أن أحدا غيره يمتلك القدرة على تقديم الإجابات الصريحة، او يمتلك الأهلية لامتصاص مناخات النقد والشك والتشكيك، حتى أنه طلع علينا، ونحن ننهال عليه بالأسئلة والتساؤلات بمصطلح "التشكيك المشروع"، فهو يعرف مثل غيره، بل واكثر من غيره، أن مشاريع ومبادرات من هذا النوع، لا تمتلك الضمانات المقنعة لأحد، حتى وإن استمر الحديث لأيام وليس ساعات، وأن محك النجاح ومعياره هو في الترجمة العملية لمخرجات اللجنة، أيا تكن".



لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة حذرت من المساس بالوحدة الوطنية خاصة بعد بروز الكثير من العناوين المختلفة التي بدأت تطال هذه الوحدة وتعرضها للخطر مستغلة بذلك مسألة التوطين والتخوف من الاصلاح الديمقراطي والغلو في الانحيازات الإقليمية، وقد أكد الناطق باسم لجنة التنسيق احمد يوسف ان "الهوية الفلسطينية هي هوية نضالية ولا تتناقض مع الهوية الأردنية أو أية هوية عربية وان التناقض والتصادم هو فقط مع المشروع الصهيوني الداهم على الجميع. وأشار في بيان أصدرته اللجنة بعد اجتماعها الذي عقدته في وقت سابق أن انخراط بعض أصحاب المصالح والنفوذ في أجندات خارجية وتسخير مقدرات الوطن لمصالح خاصة فإن الغلو في الجهوية والإقليمية والتطرف في الطروحات هو الذي يهدد الوحدة الوطنية التي تعتبر أهم اسس الاصلاح الشامل واستقرار الأمن للمجتمع والقاعدة الصلبة التي تقوم عليها العلاقة الوثيقة بين جميع المواطنين. واضاف ان رفض الفصل بين المواطنين يستلزم حماية هذه الوحدة وترسيخها بما يحفظ منعة الأردن وأمنه الوطني والقومي ويحمي جبهته الداخلية ويضمن الفرص المتكافئة لجميع المواطنين دون تمييز ويصون حقوقهم المشروعة التي كفلها الدستور".



موضوع التوطين والهوية موضوع حساس في المجتمع الأردني، لذلك اطل قمة الهرم السياسي، الملك، ليطمئن مخاوف البعض من هذه القضية وليؤكد أنه "لن يقبل بموضوع التوطين" او "تعديل الدستور الذي هو خط احمر"، حسبما قال الملك عبد الله الثاني في لقائه مع صحيفتي الدستور والعرب اليوم.

أضف تعليقك