الإسلام السياسي في الأردن... شعارات لا تغني ولا تسمن من جوع

الرابط المختصر

قبل الخوض في موضوع "الإسلام السياسي" لابد من أن نفرق بين عدد من التيارات والحركات الإسلامية الموجودة على الساحة الأردنية والعالمية أبرزها الحركات الإسلامية السياسية ذات "الخلفية الإخوانية" وهي حركات سلمية......تتعايش مع النظام الحاكم وتميل إلى العمل من داخل النظام السياسي والاجتماعي السائد، وتسعى بدفعه إلى التغيير بروح إصلاحية لا ثورية,ومن ابرز الأمثلة عليها جماعة الإخوان المسلمين و حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي للجماعة.

ثانيا الحركات الإسلامية السلفية، وهي حركات تتمسك بما تركه السلف وتدعو للعودة إلى القران والسنة وتنحوا منحى تعليمي إرشادي، ولا تهتم بالسياسة كثيرا ولا تحسنها وتتسم علاقتها مع الحكومة بالمد والجزر ومن ابرز روادها في الأردن "عراب التيار السلفي" أبو محمد المقدسي.

ثالثا الحركات التكفيرية مثل تنظيم القاعدة وهي منظمات أصولية تكفر من ليس على طريقها بمن فيهم المسلم، وتدعو إلى إسقاط النظام بالقوة وترفض التعامل مع النظام حتى لو فُتحت لها الطريق للمشاركة السياسية، من هنا يمكن القول إن التيارات المتشددة ترفض كل ما هو موجود في الداخل والخارج وغير مستعدة للمساومة وهي حركات سرية تعمل تحت الأرض.

في الأردن يمثل حزب جبهة العمل الإسلامي الواجهه السياسية لجماعة الإخوان المسلمين ويعتبر من أكبر الأحزاب سياسية في المملكة منذ إعادة الحياة الحزبية في عام 1989

ويرى نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن د.همام سعيد أن الجماعة لم تتخذ الحزب السياسي بديلا عن تشكيل الحكومات ويقول " الهدف من إنشاء الحزب أن يقربنا خطوة من الحكم بالإسلام وهو ليس بديلا عن الحكومة إنما وسيلة إليها".

ويتفق نائب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي جميل ابوبكر مع سعيد ويعلق " العمل الحزبي جزء من العمل السياسي والأحزاب هي واسطة بين الحكومات والناس،كما الحزب يعتبر الإطار الذي ينتظم فيه أصحاب الرؤى والبرامج المشتركة في إطار سلمي ولذلك هي ليست بديلا عن تشكيل الحكومات".

وفي العودة لمفهوم "الإسلام السياسي" نجد ان هذا المفهوم ليس حديث النشأة فهو ضارب في عروق التاريخ الإسلامي لاختلاط الدين بالسياسة عند المسلمين، ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية مراد بطل الشيشاني أن مفهوم الإسلام السياسي مصطلح درج مع تزايد الحركات الإسلامية في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات وتبلور في التسعينات ويقصد به الحركات والأحزاب والمنظمات التي تنطلق من منظور أيدلوجي إسلامي على الرغم من أن هناك وجهة نظر أخرى تقول إن الإسلام لا يمكن تجزئته بين ثقافة وسياسة وغيرها من التصنيفات".

وهذا ما يطرحه الإخوان في الأردن ويؤكد د. همام سعيد " نحن لا نفرق بين حزب سياسي وديني فلا فرق بين السياسة والدين في الإسلام لأنه دين يهتم بجميع أمور الحياة ".

ويرى مراقبون انه على الرغم من انخراط بعض الجماعات والتنظيمات والأحزاب الإسلامية في العمل السياسي إلا أنها بقيت توفر الدعم اللوجستي عقائدي للجماعات الريدكالية الإرهابية من خلال تبرير ما تقوم به هذه الجماعات الإرهابية بإلقاء المسؤولية على "الشيطان الأكبر" والمقصود به الولايات المتحدة الأمريكية وقد تتجنب " أحزاب الإسلام السياسي" إصدار أي إدانة للأعمال الإرهابية.

وفي هذا السياق يجد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية محمد أبو رمان أن الظاهرة الإسلامية ظاهرة متشابكة يوجد بها حالة من التكافل اللاشعوري بين أطيافها سواء في البعد الراديكالي أو المعتدل، فعلى الرغم من من كل الاختلافات الفكرية والرؤى المتباينة حول الإصلاح والتغيير وأدواته، إلا أن هناك شعور لدى أفراد الطيف العام من أفراد هذه الظاهرة أنهم يمثّلون رؤية مشتركة عامة ويكون هناك نوع من التظافر، الأمر الآخر هناك دور للاتجاهات الإسلامية التي تعلن تبنيها الخيار الديمقراطي كوسيلة في تعزيز الأفكار الراديكالية الإسلامية وعلى سبيل المثال جماعة الإخوان المسلمين في صبغتها السابقة في فترة السبعينات كانت تتبنى أفكار سيد قطب والحاكمية والمجتمع الجاهلي والمفاصلة وكانت هذه الأفكار تخترق أدبيات الجماعة، وكان لها الأثر في تهيئة الأرضية الاجتماعية والفكرية للتيارات الريداكالية الحالية بل أن هناك تيارات داخل الإخوان لا زالت تؤمن بهذه الأفكار و نستطيع القول إن القيادات الاخوانية التي تؤمن بأفكار السيد قطب قطعت نصف الطريق والتيارات الريدكالية قطعت النصف الأخر".

وترد جماعة الإخوان المسلمين على هذا الرأي، ويقول نائب المراقب العام للجماعة سعيد همام " بالعكس الإخوان المسلمون لولا وجودهم في الأردن لكان هناك واقع آخر فهم الذين يعدلون المزاج ويصوّبون المسيرة ويصلحون الأخطاء ويطلقون المفاهيم، ولو لم يكن ذلك لكان هناك خطورة في الخروج عن مفاهيم الإسلام الصحيحة، وكل ما كان العمل الإسلامي فوق الأرض مكشوفا يبتعد عن الدهاليز والكواليس كان أكثر اعتدالا وتعاملا مع الجمهور ".

وتعتبرالاحزاب الإسلامية في الأردن حركات سياسية "برغماتية" بالدرجة الأولى لها رؤاها وحساباتها التي ساهمت البواعث الدينية والعقدية في تكوينها، ولكنها تسيست بعد دخول المعترك السياسي واستخدمت الدين لحشد الجماهير وكسب الرأي العام، من خلال إطلاق العديد من الشعارات والتي تُستخدم في كل ميادين العمل السياسي كمقولات "القرآن دستورنا" و "الإسلام هو الحل" مما يحقق شعبية للأحزاب الإسلامية كونها تعزف على لحن العاطفة الدينية.

وهذا ما يطرحه نائب الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الذي يقول عن سبب شعبية حزبه " حزب جبهة العمل الإسلامي ينطلق من مرجعية الأمة في عقيدتها وأخلاقياتها وهي مرجعية نابعة من القران والسنة، فالحزب جزء من ضمير الأمة ويحمل عقيدتها وأفكارها كما انه ملتصق بالجماهير ومصالحها ويقدم رؤى لها من خلال المرجعية الإسلامية".

ومن جانبه يقول د.همام سعيد إن سبب التفاف الجماهير حول جماعة الإخوان هو"الإسلام الذي تدعوا إليه الجماعة فحين تتكلم الجماعة يكون كلامها من القران والسنة وتتفق مع فطرة الإنسان".

ويعلق المحلل محمد أبو رمان على الخطاب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن ويقول " جماعة الإخوان المسلمين مازالوا مستغرقين في شعارات سياسية أكل الدهر عليها وشرب، فعلى الرغم من طرحهم مشروع للإصلاح السياسي لم يتم تبنيه بشكل جدي ولم ينعكس على أدبيات التنشئة داخل الجماعة والخشية بان يكون هناك ازدواجية وانفصام الشخصية بان تخاطب الجماعة الوسط السياسي بخطاب ديمقراطي بينما تكون الأدبيات الداخلية بإنكار الآخر وإنكار التعددية والتعامل معها كاداه وليس كغاية، الأمر الآخر أن جماعة الإخوان المسلمين لا تقوم بدور تنويري في المجتمع باتجاه محاربة الفكر التكفيري حيث يقتصر دورها على انتقاد بسيط لبعض الأعمال الإرهابية بل هناك محاوله لتجنب انتقاد الجماعات الريدكالية".



وتأسست جماعة الإخوان المسلمين في الأردن في العام 1945 بعد 17 عاما من تأسيس "جماعة الإخوان المسلمين" في مصر.

وقد سُمح للإخوان المسلمين بعد تأسيسها بممارسة نشاطاتهم بشكل علني بعد ان اعترف بهم النظام كإطار شرعي غير سياسي له فروع خاصة به في مناطق الأردن والضفة الغربية الملحقة به. وظلوا تجمعا مرخصا له طوال المدة، وشاركوا في كل الانتخابات البرلمانية .



واستثنيت الجماعة من الحظر الذي طال الحركات السياسية بين العامين 1957 الى 1989، وأسست تحت مظلة جمعية إسلامية تحمل اسم "جمعية الإخوان المسلمين" وفقا لقانون الجمعيات وافتتح المركز العام للجماعة في 19/11/1945 تحت رعاية الملك عبدالله الأول، وأشرفت في العام 1992 على ترخيص حزب سياسي، جنبا الى جنب جماعة الإخوان المسلمين، بالاستفادة من قانون الأحزاب في العام 1992 وهو حزب جبهة العمل الإسلامي.

أضف تعليقك