الإسلاميون مادة دسمة على مائدة صحافة تخضع لـ"ريجيم"
لا يعد الإسلاميون عنواناً جديداً على الصحافة المحلية، ولكن الأمر هذه المرة يخص جماعة الإخوان المسلمين بالذات، أي الحركة الأصل التي ظلت إلى حين بعيدة عن التناول الإعلامي المباشر حتى في فترة الصراع الشهيرة بين الإسلاميين وحكومة معروف البخيت. حينها كان العنوان في الصحافة هو حزب جبهة العمل الإسلامي وبعض أسماء قادته ومواقفهم، ونادراً ما كانت جماعة الإخوان ذاتها ميداناً لتناول إعلامي بهذا الاتساع.
هذه المرة اتخذت المواد الصحفية صيغة متابعات أو تعليقات على خلاف داخل الجماعة لم يظهر -في العلن على الأقل- أن هناك موقفاً للحكومة أو لأجهزتها منه، مثلما كانت الحال في حالات سابقة. وصحيح أن الصحافة الورقية فقدت ريادتها في مجال الأخبار الطازجة لصالح المواقع الالكترونية التي تعمل على مدار الساعة وبحرية أكبر، إلا أنها استعاضت عن ذلك بتكثيف المقالات الصحفية، وذلك بعد قبلت بنقل الأخبار عن مواقع الكترونية مثلما حدث مع قصة التقرير السياسي المقدم إلى مجلس شورى الجماعة وهو الذي شكل أحد محاور الاهتمام الإعلامي بعد أن تم تسريبه إلى موقع عمون.
لم تكن الصحف هذه المرة بحاجة إلى الاصطفاف مع طرف ضد آخر، ويكفي للدلالة على ذلك الإشارة إلى أن صحيفة مثل "الرأي" نأت بنفسها عن المتابعة الحثيثة لأخبار الخلاف الداخلي، وهي الصحيفة ذاتها التي كانت تزخر بالعشرات من المواد الصحفية الموجهة بوضوح في فترة الخلاف السابق بين الحكومة والحركة الإسلامية. لقد اقتصر الأمر هذه المرة في "الرأي" على مقالات بعض الكتاب الذين عرفوا بحماسهم لتناول شؤون الحركة الإسلامية.
غطت العناوين الصحفية الخلاف الداخلي الذي يشمل قضايا تنظيمية وخاصة لجهة العلاقة بين إخوان الأردن وحركة حماس، ثم أتت قنبلة "التقرير السياسي" الشهيرة. ولكن شاءت الأقدار أيضاً أن تترافق هذه الموجة مع حادثة وفاة والد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وسماح الحكومة له بدخول البلد والمشاركة في الدفن واستقبال المعزين، وهو ما أضاف عنواناً جديداً بدا في لحظة أكثر بريقاً من باقي العناوين.
عموماً لم تكن الصحف بحاجة إلى كثير من التقصي والبحث المرهق، ذلك لأن المصادر الداخلية كانت متوفرة (أي من داخل الإخوان أنفسهم)، وهو أمر يحصل لأول مرة بهذا الاتساع، فالأطراف المتنازعة صارت تهاجم بعضها علناً وتدافع عن مواقفها وتستعين بالإعلام لتحقيق أهدافها الداخلية.
صحيفة "الغد" كانت الأبرز في عدد المقالات، وليس ذلك غريباً ففي الصحيفة عدد من الكتاب سبق لهم أن مروا بتجارب مع الحركة الإسلامية وبعضهم عُرفوا كمختصين أو باحثين في شؤون الحركات الإسلامية مثل محمد ابورمان وسميح المعايطة وابراهيم غرايبة. وفي "الغد" أيضاً كتب ياسر أبو هلالة في بعض الأمور الداخلية منها مقالة خصصها للحديث عن استهداف القيادي الإسلامي رحيل الغرايبة الذي يعد طرفاً أساسيا في الصراع داخل الحركة، وفي نفس الصحيفة كتب جميل النمري وجهاد المحيسن حول دلالات زيارة مشعل.
بالطبع لم يكن غريبا مواظبة الكاتب في "الرأي" صالح القلاب على مهاجمة حماس والإسلاميين مع توقفه عن الترميز الذي اضطر إليه خلال فترة المصالحة بين الحكومة والحركة. غير أن "الرأي" لم تهتم مثلاً بخبر زيارة خالد مشعل ولم تغط خبر التشييع والخطب التي قيلت أثناء الدفن وفي بيت العزاء، وهي أمور شكلت عناوين اهتمت بها كثيرا وكالات الأنباء فضلا عن الصحافة المحلية.
في صحيفة "العرب اليوم" احتل الموضوع موقعاً يومياً تقريباً على الصفحة الأولى من خلال مواد كتبتها مندوبة الصحيفة المتخصصة بالأحزاب ربى كراسنة، كما نشرت الصحيفة عدداً أقل من المقالات لكتابها حول الموضوع. والى حد ما كانت صحيفة "الدستور" معتدلة في متابعة القضية.
في الواقع لقد اختلفت مداخل الكتّاب في تناول الأمر، فمحمد أبو رمان وياسر أبو هلالة وسميح المعايطة تناولوا الأمر بقدر واضح من الحرص أو التعاطف مع الحركة مذكّرين بأهميتها في عموم الحالة السياسية في البلد، فنصح سميح بوقف الاستنزاف الداخلي، وانفرد محمد أبو رمان في محاولة إنصاف التقرير السياسي للجماعة وقال بوضح أنه لا جديد فيه باستثناء انه تم تسريبه. لكن كتاباً آخرين لم يستطيعوا إخفاء موقفهم إما لصالح طرف أو بهدف تضخيم الخلاف الداخلي والتنبؤ بتداعيات قد تؤثر على الحركة الإسلامية ككل.
الملاحظة اللافتة والأخيرة، أن صحيفة "السبيل"، وهي صحيفة الحركة الإسلامية ويقودها مشاركون في الصراع الداخلي لم تشأ أن تدخل بوضوح في السجالات الصحفية، فالكتاب فيها امتنعوا بينما اقتصرت التغطيات على الحد الأدنى وبصياغات منتقاة وحذرة.











































