الأمير علي ينتقد أمانة عمان

الرابط المختصر

انتقد الأمير علي بن الحسين أداء امانة عمان في مقالة له نشرت في صحيفة الرأي جاْت تحت عنوان "هذا ليس تطورا حضاريا"  وفيما يلي نص المقال:

لقد رمت الاحداث في المنطقة بثقلها على بلدنا وتعاملت عاصمتنا مع هذا الضغط المتزايد بما فيه تدفق العديد من العراقيين وغيرهم الذين لجأوا الينا للفرار من العنف بطريقة مميزة مع الحفاظ على الامن والتنمية.

لكن بين حين وآخر يتخذ قرار قد يبدو ايجابيا للبعض غير ان عواقبه متشعبة وسلبية على بعضنا الاخر. اشير هنا بالتحديد الى القرار الذي اتخذته امانة عمان الكبرى وتم الاعلان عنه في المنتدى الاقتصادي العالمي والذي يقضي بفرض ضريبة على مالكي الاراضي الشاغرة قد تصل الى 30% من قيمتها الاجمالية وبتكثيف البناء لتخليص العاصمة من الثغرات.

هذا القرار ليس بالمفاجئ كليا اذ غدا من المعهود ان يتعامل الاردن مع وضع ما بفرض ضرائب باهظة غير ان ثمة العديد من العيوب تشوب المشروع المذكور.

بادئ ذي بدء، يعاني مواطنو هذا البلد من ارتفاع الاسعار وتدني الاجور الا يدرك صانعو القرار ان العديد من الاراضي شاغرة لأن المواطنين يودون الاحتفاظ بها لأولادهم كي يبنوا عليها في المستقبل متى كبروا؟ ام انه لم يعد يحق للاردنيين ان يتمتعوا بهذه الرفاهية؟ ثانيا، ومع الاقرار بأن امانة عمان تقوم بعمل رائع بزرع اشجار تتلاءم مع مناخ المدينة ما زلنا نفتقد الى حدائق ومساحات خضراء والعديد غدا يعاني من العيش فيما يشبه غابة من الاسمنت بالطبع بعض صانعي القرار لا يأبهون لذلك حيث انهم في مرحلة بناء فيلات على ما تبقى من غابات البلوط غرب العاصمة قد لا يبالون الان ولكن لفترة قصيرة فقط ذلك ان هذه المناطق ستخضع قريبا لسلطة امانة عمان وللقوانين السارية في باقي انحاء العاصمة حسب ما اعتقد.

الا يجوز سد هذه الثغرات بوسائل اخرى كمنح حوافز واستحداث قوانين تشجع مالكي الاراضي على السماح بتشجير هذه المناطق او تحويلها الى حدائق او ملاعب صغيرة الى ان يحين وقت التشييد عليها ؟ الا يمكن التركيز على تشجيع المستثمرين لبناء ابراج والقيام بمشاريع تنمية في الصحراء شرق عمان - على غرار دبي ودول الخليج وهي نماذج يبدو اننا مصرون على الامتثال بها - عوضا عن قضم اراضينا الزراعية في جنوب وغرب المدينة؟ لقد طرحت هذا السؤال على مسؤول، قلة فقط تشاطره رأيه فنظر اليّ مذهولا وتعجب: ''نبني الى الشرق؟ هذا غير ممكن اذ سيحتم المرور عبر عمان الشرقية والوحدات'' وكأن هذه المناطق الحيوية مصابة بوباء ومع العلم انها بأمس الحاجة الى مساحات خضراء ربما يكون في ذلك فرصة ايضا لازالة الحواجز في المجتمع التي تبرز هنا وهناك والغريبة كليا عن طبيعة الاردن التي ترعرعنا فيها والمتسمة بالانفتاح والتواصل.

يثير التنفيذ الفعلي للعديد من القرارات تساؤلات كثيرة فقد اتخذ في السابق قرار مبني على مبررات محقة يقضي باقتلاع الاشجار المزروعة على الارصفة لتسهيل حركة المشاة والحد من انتشار الحساسيات التي تولدها بعض الاشجار لدى اتخاذ هذا القرار قيل ايضا انه ستتم اعادة زرع الاشجار في اماكن اخرى وان نسبة بقائها قيد الحياة تتراوح من 80% الى 85% .

قبل ايام في شارع يقطن فيه احد اصدقائي، وهو شارع فرعي هادئ لا حركة مشاة فيه ولا منفذ له، كانت جرافة ضخمة تفلح الارض وتقطع الاشجار وحين اشتكى صديقي الى امانة عمان طلبت منه ان يخاطب وزارة الزراعة التي حولته بدورها الى الامانة وهكذا دواليك الى ان قضي على الاشجار ودمر الرصيف، اقول قضي عليها لانه تم قطعها من اسفل جذوعها فيما بقيت جذورها مغروسة في الارض اما الاشجار فظلت مرمية على حافة الرصيف لاكثر من اسبوعين هذه نسبة بقاء على الحياة لا تتعدى 0% قد لا نرى هذه الظاهرة في كل مكان لكنها واقعة تحدث وللأسف.

مما لا شك فيه ان امانة عمان الكبرى مؤسسة عظيمة تقوم بعمل جبار في ظروف عسيرة غير انه لا يمكن التغاضي عن بعض اخطائها ويكفي السير في الشوارع لمعاينتها في الواقع، الاردن ملئ بالمتعلمين والكثير من اصحاب القرار في بلدنا نالوا شهاداتهم في الخارج وبالتالي يرغبون في الارتقاء بالاردن الى مستوى الدول الاكثر تقدما انني ادعمهم ولا اعارض الاستثمار والتطور واعمل جادا لازالة اية عقبة قد تعيق او تؤثر على الرؤية المستقبلية التي رسمها جلالة الملك، كما انني على ثقة بأنهم يشاطرونني الرأي: اذا لم نحقق ذلك بالطريقة السليمة ثمة خطر في ان ننتهي الى استغلال الناس والطبيعة والموارد على الرغم من حسن النوايا.

قبل فترة وجيزة كنت في بلد ''متقدم'' لا يحق فيه للفرد ان يقطع حتى سياج حديقته الشخصية من غير اذن مسبق، ففي الوقت الذي يميل العالم الى الترويج للأخضر ساعيا لتحويل مناطق مبنية الى مساحات خضراء والى حدائق صغيرة في الاحياء السكنية نقوم نحن بالجهد المعاكس والمؤسف اننا نعتبر هذا النهج تطورا.

الأمير علي بن الحسين

أضف تعليقك