"الأمانة" بطاقة عبور المرشح إلى "النواب" هل ينجح في اختبارها؟

"الأمانة" بطاقة عبور المرشح إلى "النواب" هل ينجح في اختبارها؟
الرابط المختصر

*مرشحون ينظرون في مجلس الأمانة ممرا لمجلس النواب * "مختبر الكفاءات" هل يمنح المرشحين شرعية للعبور إلى القبة * "الخدمة" لا تصنع نائبا مثالياً للشعب * تغول السلطة التنفيذية على الحكم المحلي * الأمانة اختبار أولي للأداء

يمثل مجلس أمانة عمان الكبرى لكثيرٍ من أعضائه نقطة بداية للوصول إلى قبة البرلمان، وهذا "الشغف" يعود إلى تجارب سابقين مروا من الأمانة "أعضاء كانوا أم عمداء العاصمة" وأصبحوا أعضاءً في مجلس النواب.

حراكٌ تشهده مناطق عمان الـ27 ، وفيه يرصد حشد لـ7 أعضاء من أصل 67 عضوا في مجلس الأمانة لقواعدهم الشعبية؛ تحضيرا لخوض غمار الانتخابات النيابية المنوي إجراؤها في التاسع من تشرين الثاني المقبل؛ غير أن أيُ منهم لم يقدم استقالته حتى اللحظة رسميا لأمين عمان وفق تأكيدات الأمانة لنا.

السعي الدائم إلى التمثيل الحقيقي يبدأ من المجالس البلدية حيث التواصل "الأقرب" إلى قضايا المواطنين الخدمية؛ تلكم فلسفة أعضاء مروا من المجالس البلدية ليتقربوا إلى المواطنين ثم الوصول إلى قبة البرلمان.

عضو مجلس الأمانة لدورتين متتاليتين، يحيى السعود، يتحضر لخوض غمار الانتخابات النيابية المقبلة، يعتقد أن "المجلس" هو "حلقة وصل" بين المواطن والمسؤول بالتالي "دوره رقابي خدمي وتشريعي" وما هو حاصل حاليا "مغرق في خدميته" على اعتبار أن هذا الدور "يعُمق من التواصل بين القاعدة الشعبية وممثلهم في المجلس".

ببساطة دور الأمانة والبلديات، وفق السعود، "هو إيصال الخدمات على اختلافها إلى المتلقين"، ولا ينتظر المواطن منها غير ذلك، ويقول أن "المرور من مجلس الأمانة يعتبر فرصة ذهبية لمعرفة ماذا يريد المواطن وما هي المشاكل التي تعاني منها مناطقهم".

 

تغول السلطة التنفيذية على الحكم المحلي

ممدوح العبادي نائب سابق، وعمدة العاصمة عمان الأسبق، يرى أن ثمة "مقاربات" كبيرة بين مجلس الأمانة ومجلس النواب، وأيضا ثمة "تقاطعات" كثيرة بينهما، ويقول: "إذا كان للنائب نصيب من العمل العام السياسي يستطيع أن يزاوج بين العمل البلدي الذي هو الحكم المحلي والعمل البرلماني مستفيدا من اطلاعه على الخدمات".

"عضو الأمانة هو ممثل دائرته ونائب وطن على المستوى الصغير"، يقول العبادي ويضرب مثلا على مهام أعضاء المجلسين؛ "عضو الأمانة قد يطلب بناء مدرسة في منطقته لكن في البرلمان حيث هو نائب وطن لا يطلب ذلك إنما يناقش إستراتجية وزارة التربية والتعليم في تحسين المناهج التعليمية"، ومن هنا يعتقد أن ثمة "تزاوج بينهما".

المظلة الأوسع للنائب تناقش الشؤون السياسة المحلية والدولية كذلك، هذا ما يفهمه العبادي، لكن هذا يختلف عن ممثل المنطقة في مجلس الأمانة الذي يناقش سياسة الأمانة أو البلدية ومسارها.

الحاصل حاليا هو "تقيد" أعضاء كما يرصد عمدة عمان الأسبق، وهذا مرده "تغول السلطة التنفيذية على الحكم المحلي، والتي أخذت الكثير من الصلاحيات وحيث يجب أن تعود للحكم المحلي".

"الخدمة" لا تصنع نائبا مثالياً للشعب

الخبرة البلدية هي معين للنائب، على ما يقوله العبادي، لكن الخطوة المقبلة "الإطلالة الحقيقة على العمل السياسي العام والثقافي والفكري والإعلامي والخارجي لأنه لا يستطيع أن يبقى محصورا في العمل الخدمي".

الأمانة هي برلمان العاصمة؛ بالتالي يجب أن ينطلق عضو المجلس من كونه ليس عضوا خدميا في منطقته بل يجب أن ينظر إلى تطوير الحكم المحلي في الأمانة، وهنا يرصد العبادي واقع ومهام للأمانة أسوة بباقي دول العالم "في أن تكون راعية للثقافة والنقل المواصلات والكهرباء والمياه والأمن والدفاع المدني".

السعود يعتقد أنه من العبث أن ينتهج نائب البرلمان الدور الخدمي ويلاحق الحكومة في إيصال الإسفلت والتمديدات الكهربائية للمناطق، "هذا دور البلديات أولا وواحدة من مهام عضو الأمانة"، ويضيف أن ثمة اختلاف بين دور النائب عن عضو المجلس البلدي؛ الأول دوره رقابي تشريعي وأما البلدي فدوره خدمي بامتياز؛ لكونه في مؤسسة خدمية يطغى عليها ذلك الطابع، بينما دور مجلس النواب مراقبة أداء الحكومة ومشرع للأنظمة والقوانين، فهناك فصل كامل بينهما".

عضو الأمانة زياد العواملة المقبل على الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، يرى من جانبه أن هناك "ضغوطات" يتعرض لها عضو الأمانة من قبل قاعدته الشعبية، ويقول: "لن ينتهي عمل النائب أو العضو في مجال الخدمات، هذا هو مجتمعنا، ويريد عند انتخابه أن يخدمه ممثله ويتوقع أن يبلي خدماته والحالي لا يوجد دافع الانتخاب على أساس حزبي أو فكري".

ويرى العواملة في طلبات المواطنين المتكررة، بالـ"عبء" على الأعضاء في حال أخذوا أدوارا في قراءة التشريعات والسياسات، ويرجع ذلك إلى عدم قناعة المواطن بدور عضو الأمانة غير تقديم الخدمة.

أمانة عمان الكبرى؛ بوصفها أكبر مؤسسة خدمية في الأردن؛ ما يلُزم أعضاء المجلس فيها إلى التقيد بشروط ناخبيهم، لكنها "دخلت مؤخرا في مجال الاستثمار والتنظيم ما يحتم على الأعضاء أدوارا غير الخدمية منها"، يقول الصحفي المتخصص بشؤون الأمانة عماد السعايدة. ويجد أن هناك "أداء واضح لعدة أعضاء، مروا من أمانة عمان كعمداء العاصمة تحديدا، وكان لديهم الخبرة في الاستفادة من تجربة الأمانة، ليكونوا أعضاء فاعلين في مجلس النواب".

يرصد السعايدة أعضاءً يعتبرون المجلس مرحلة لتجميع وحشد لقواعدهم الشعبية لأجل الترشح فيما بعد لمجلس النواب، وهذا ما هو حاصل حاليا عند عدد منهم.

العضو السعود يعتقد من تجربته الشخصية أنه أتم دوره "الخدمي في مجلس الأمانة" وحان الآن للانتقال إلى الدور "الرقابي والتشريعي في مجلس النواب".

في العمل العام، هناك من يرى أن عضو المجلس البلدي لا ينبغي عليه أن يكون منغمسا بشؤون منطقته فقط، ويجادل العديد بضرورة وجود عضو مجلس بلدي أو نائب "أوسع وأشمل" من ما هو حالي. عليه الخروج من حالة "الانعزال" على حد وصف العبادي.

المطلوب "التزاوج" في العمل، وهذا ما يفتح الباب واسعا أمام "التنظيم الحزبي" الذي يقود الشأن السياسي المحلي، "ممثل المواطنين على اختلاف المجلس قد يكون حزبيا ويفهم بالصحة ويكون أشبه بوزير صحة ظل ووزير تعليم ظل و أشغال عامة وثقافة ظل".

90% من أعضاء مجلس النواب من "المستقلين" وهذه النسبة، وفق قراءة النائب العبادي، ليست "إيجابية أبدا" ومن هنا يكون سهلا عليه التسلح بالمهارات والمعارف ويتخذ جانبا أو تخصصا ليكون مؤثرا في وجوده سواء في مجلس الأمانة أو البلديات أو تحت قبة البرلمان.

 

الأمانة اختبار أولي للأداء

حاليا، يعتبر مجلس الأمانة "أقل خبرة" عن سابقيه من المجالس، بل ويذهب الصحفي السعايدة في حديثه إلى حد القول أن أعضاء "تدربوا تدريبا على العمل البلدي وتفاجئوا في كثير من القضايا على في كيفية التعامل معها"، ورغم ذلك يسجل السعايدة عدة إنجازات للمجلس لكنه يرجعها إلى دعم الإدارة العليا لها؛ بالمحصلة "لم يكن للمجلس أي دور يذكر وثمة أخطاء ارتكبها الأعضاء بل أن قانون خاص بأمانة عمان لا يزال يدرُس من قبل الكوادر الإدارية والقانونية في الأمانة في حين لم نسمع عن دور يذكر لأعضاء المجلس".

لكن العضو العواملة يرى في عمل المجالس "متشابهة إلى حد كبير" في طرح آراء على قضايا تخص الأمانة، "فيها يكون للعضو رأي إذا كانت في المجال الخدمي أو التشريعي لكن بالخلاصة العمل في مجمله واحد، وصعب الحكم على الأداء".

يتفق السعود مع السعايدة، ويعتبر أن المجلس لم يفلح في إقرار قانون خاص بأمانة عمان ليسهل من عمل الأمانة تشريعيا وتنفيذيا، بل وكاد أن يكون تجربة عملية لعمل مجلس النواب.

الشارع العماني

طموحات "أعضاء" حاليين علها تصطدم بطموحات ناخبيهم الذين كانوا يطمحون بأعضاء فاعلين وأكثر خدمية لمناطقهم سواء كانوا في مجلس الأمانة أم النواب لكن الواقع ليس وردي بالنسبة لهم.

حراك الأعضاء المفترض لا يواكب تطلعات مواطنين يعتقدون أن مجلس الأمانة الحالي "لم يوفق" في كثير من القضايا منها أزمات سائقي السرافيس المتتالية التي نقلت الأمانة خطوطهم قبل 3 سنوات إلى أماكن مختلفة،ما أثر على أعداد الركاب بالتالي تضرر السائقين مباشرة، فضلا عن تعويضات وصفت بالـ"متدنية" صرُفت لأصحاب محلات في الساحة الهاشمية تم استملاكها من قبل الأمانة وتم نقلهم إلى مجمع المحطة الذي كان مؤقتا آنذاك واعتبر الأخير خطأ استراتجيا للأمانة ومجلسها.

"أزمة استملاكات حي القيسية" ساهمت في زيادة احتقان سكانه على مجلس الأمانة، واجدين فيه بـ"غائب الطوشة" عن ما آلت إليه الأحداث.

مراقبو الشأن البلدي يرون ثمة "أخطاء كبيرة" ارتكبها مجلس الأمانة؛ من حيث غيابه عن جملة قرارات إدارية في الأمانة كان عليه أن يكون "صاحب التأثير والتعبير عن هموم المناطق المتضررة".

نبيل الحاج، صاحب بقالة بوسط البلد، لم يجد في مرشحهم الفائز في مجلس الأمانة "أي أثر له يذكر" معتقدا أن الأعضاء على اختلافهم يهجرون المواطن لحظة نجاحهم في الانتخابات ومن هنا يقول "لا يستأهل أحد على صوتنا".

تجار شارع فيصل بوسط البلد تضرروا كثيرا من سياسات الأمانة، على حد قول التاجر جهاد الحاج، حيث لم يكن حينها عضو الأمانة ممثل منطقتهم سندا لهم؛ ومع ذلك يقول الحاج: "التجارب السيئة ليست دليلا قاطعا على نضوب الكفاءات، لذلك أنوي حشد الأصوات في الانتخابات البلدية والنيابية لأحد المرشحين، فأنا مقتنع بكفاءته".

 

صاحب كشك قهوة سائلة، رأفت العابد، يقول أن التصويت لمرشح كان عضو أمانة "حرام" لكونهم لم يكونوا بحجم آمال ممثليهم بذلك يدعو المواطنين إلى مقاطعتهم أعضاء الأمانة المرشحين.

سائق السرفيس رجائي، يود حشد الأصوات لصالح مرشح "نكاية" بأحد المرشحين الذي لا يزال عضوا في مجلس أمانة عمان، معتبرا أنه دوره أدنى من الصفر بقليل. ووافقه الرأي السائق أمين سعادة معتبرا أن خوضهم غمار الانتخابات أشبه بـ"طبخة معدة مسبقاً".

 

لكن محمد إسحاق حامد "مقتنع" كما قال لنا، بأداء ممثله في مجلس الأمانة، قائلا أنه وإذا قرر عضو أمانة آزره سابقا خوض معركة الانتخابات سيكون أول المصوتين له.

وشهد مجلس النواب الخامس عشر المنحل وجود نواب مروا من مجلس أمانة عمان، هم جعفر العبداللات وخليل عطية وعبد الرحيم البقاعي، كما كان كل من عبد الرؤوف الروابدة وممدوح العبادي ونضال الحديد عمداء العاصمة منذ نهاية الثمانينات وحتى عقد الألفية.