الأسعار تلهب نار العنف الاجتماعي في الأردن
قتل،إطلاق نار،اعتداء، مشاجرة، قضايا أصبحنا نشهدها كل يوم في المجتمع، ولم تسلم منها الفعاليات الفنية التي تعرضت لاعتداءين في اقل من أسبوع كان أخرها إطلاق النار على موقع تصوير مسلسسل رأس غليص، والهجوم المسلح على أعضاء فرقة موسيقية لبنانية في المدرج الروماني.
تكرار أعمال العنف مؤخرا والتي اتسمت بعضها بطابع عشائري دفعت جهات للتحرك حيال ذلك كميثاق الشرف بعدم المساس بأملاك الدولة في مدينة الطفيلة التي وقع أبناءها على وثيقة شرف تعهدوا فيها بعدم المساس والاعتداء على الممتلكات العامة بعد أحداث عنف عقبت تخريج طلاب جامعة الطفيلة التقنية وامتدت إلى العاصمة عمان وصل إلى حد إطلاق نار على منزل النائب السابق عبد الله العكايلة وأحداث شغب في حي الطفايلة احد أحياء العاصمة".
ولا يقتصر العنف على هذه الحالات فقط بل امتد إلى داخل الأسر الأردنية إذ أن اغلب الجرائم التي حدثت مؤخرا كان مرتكبيها وضحاياها من نفس العائلة، كما هو الحال في جريمة القويسمة التي راح ضحيتها أم وثلاثة أطفالها قتلوا على يد الزوج، وبحسب إحصائيات صادرة من منظمات أردنية تعنى بشؤون المرأة، تتعرض ما بين 250 - 300 سيدة سنويا للعنف الأسري، وهي أرقام ليست دقيقة كون الضحايا التي تتعرض للعنف في الأسرة لا تلجأ لتبليغ الجهات المختصة في اغلب الأحيان.
علماء الاجتماع: العنف شمل كل المجالات
علماء الاجتماع يرون أن " ظاهرة العنف بدأت تطفو على السطح لتشمل كافة المجالات، فهنالك اعتداء على الأطباء و مشاجرات في الجامعات، وعنف بين العشائر، واعتداء على الكوادر الفنية والطبية" يقول دكتور علم الاجتماع حسين الخزاعي لراديو البلد " ظهرت مؤخرا ثقافة جديدة في المجتمع الأردني وهي ثقافة اللامبالاة في قضايا حلولها أحيانا بسيطة ومن الأمثلة على ذلك حوادث السير وقضايا المشاجرات".
انتشار العنف في المجتمع مؤخرا حسب الخزاعي مرده أسباب عديدة أبرزها العامل الاقتصادي، كالتضخم وارتفاع الأسعار وثبات الدخل وفوضى الأسواق من حيث عملية البيع والشراء وأصبح المواطن ضحية استغلال عدد من الفئات استنزفت الدخل المحدود لبعض الفئات مما جعل الوضع لا يطاق".
"التضييق على الحريات يولد الضغط" يتابع د.الخزاعي " لكن هذه الحريات لا تعني الاعتداء على المنجزات، يجب أن يكون هناك حملة توعية في المجتمع الأردني لخلق ثقافة مضادة ومحاربة لثقافة العنف، وبيان ان الحرية يجب أن تكون حرية بناءه وليست حرية تخريب".
الأسعار مره أخرى
مواطنون يربطون ارتفاع "نسبة العصبية بارتفاع المحروقات" كما يرى إبراهيم سائق حافلة نقل عام " المواطن بات عصبيا أكثر من اللازم هذه الأيام، هذا نشهده كل يوم بحسب عملنا كسائقين، والسبب ارتفاع الأسعار والحياة الاقتصادية الصعبة، فكل شيء ارتفع مما جعل المواطن يدخل في حالة إحباط شديد دفعته ليفرغ كل غضبه بالمشاجرات".
الفن لم يسلم أيضا
كما شهدنا الاعتداء بإطلاق النار على الفرقة الموسيقية اللبنانية الأربعاء الماضي، فإن فعاليات فنية سابقة لم تسلم هي الأخرى من موجة العنف: فالمشاكل التي واجهت تصوير مسلسل نمر بن عدوان في الشونة الجنوبية و تعرض موقع تصوير المسلسل التاريخي رأس غليص إلى إطلاق نار، هذه الحوادث هل تعني أننا فشلنا في خلق مجتمع مثقف يساهم في إيجاد مجتمع مدني متحضر يرفض العنف؟ أو ان الثقافة لم تستطع إيجاد جمهور شعبي لها لترسيخ مبادئ التسامح واقتصرت على النخبة فقط؟
الفنانة جوليت عواد لها وجهة نظر خاصة في هذا المجال تقول إن " انتشار العنف بهذه الطريقة يعود لأجندات خارجية تحملها عروض ومسلسلات فنية تبث على القنوات الفضائية تعزز ظاهرة العنف، أما قضية وجود مسرح أو أعمال تلفزيونية فهذا غير كافٍ إذ يجب وضع دراسة إستراتيجية لمدة خمس سنوات بكيفية تأهيل ما خربه الأعداء من أفكار لنرتقي بهذا المجتمع ونعيد إنسانتيه مره أخرى الم نتعلم من المسلسلات الأمريكية العنف، لكن بالوضع الحالي وما تفرضه المحطات الفضائية العربية من مزاجيه على القضايا الفنية لا نستطيع أن نرتقي بمجتمع سوي خالي من العنف والاضطرابات النفسية والعصبية".
الكاتب الصحفي فهد الخيطان يرى أن حالة من التوتر والإحباط تسيطر على الناس بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة لكن هذا السبب ليس كافيا كما كتب في احد مقالته، يقول " تراجع سلطة وسيادة القانون والتهاون مع المتجاوزين وغياب أسس العدالة وتنازل الدولة عن دورها في مواجهة أشكال العنف لحساب الزعامات العشائرية والمناطقية التي تتدخل لتسوية النزاعات بشكل ودي خارج الأطر الشرعية للدولة. ولهذا يلجأ البعض إلى اخذ القانون بيده مستغلاً تراجع سلطة القانون ومعتمداً على حلول توافقية وصلحات عشائرية".
ويؤكد الخيطان أن "إدارة الصراعات الاجتماعية تحتاج إلى مراجعة شاملة تعتمد القانون كأساس لمواجهتها وتعميق قيم المشاركة على أساس وطني بديلاً للمحاصصة والتنفيع, والكف نهائياً عن التوظيف السياسي للروابط الاجتماعية بكل أشكالها".
الجريمة اقل من المعدل
إلا أن الأمن العام له وجهة نظر أخرى تقول " الجريمة ضمن الحدود الطبيعية بل هي أقل من ذلك" حسب الناطق الإعلامي بالأمن العام الرائد محمد الخطيب الذي يرى أن "المجتمع الأردني تطور بسبب عدة عوامل منها الثورة التكنولوجية، وهنا لابد أن يوجد جريمة في بلد يقدر عدد سكانه بستة ملايين نسمة، لكن الجريمة في الأردن بالتأكيد ضمن الحدود الطبيعية بل أقل". يعيد الخطيب التأكيد.
إستمع الآن