الأردن يترقب صيفا مائيا ساخنا ..وسط تهديدات اسرائيلية بوقف "اتفاقية المياه"

يواجه الأردن أزمة مائية كبيرة تقدر بعجز 450 متر مكعب سنويا مما دفع المملكة لطرق باب اسرائيل في 2021 لشراء 50 مليون متر مكعب إلا أن اسرائيل وجهت رسالة واضحة للمملكة "الماء مقابل عودة السفراء ووقف التصريحات ضد إسرائيل" على خلفية الحرب على غزة.

 

كشفت وسائل إعلام عبرية، أن "إسرائيل" اشترطت مقابل ذلك عودة سفيرها إلى عمّان. وقالت هيئة البث الإسرائيلية "كان"، إلى "إسرائيل تجري خلال الأيام الأخيرة مشاورات بخصوص الطلب  تم نقل رسالة إلى الأردن التخفيف من حدة تصريحات المسؤولين الأردنيين، بما يشمل وزراء ونوابا برلمانيين ضد الاحتلال، والتخفيف من التحريض ضد الاحتلال في الأردن.

 

الأردن قررت في نوفمبر 2023 استدعاء السفير الأردني في إسرائيل فورا، تعبيرا عن رفض الأردن وإدانته لـ الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة ووجه بإبلاغ وزارة الخارجية الإسرائيلية بعدم إعادة سفيرها الذي غادر عمّان سابقا، وربط ذلك بوقف الحرب على غزة.

 

يتقاسم الأردن وإسرائيل في مياه بحيرة طبريا ونهري اليرموك والأردن، إضافة إلى آبار جوفية. ووفقاً للملحق 2 الذي يفصّل المادة 6 من نص المعاهدة، تحصل إسرائيل على 12 مليون متر مكعّب من مياه نهر اليرموك في فترة الصيف، و13 مليون متر مكعب في فترة الشتاء، فيما يحصل الأردن على باقي التدفق وتصل الكمية إلى 50 مليون متر مكعب سنويا.

 

رد رسمي أردني

الناطق باسم مجلس الوزراء، وزير الاتصال الحكومي، مهند المبيضين، علق ما نشر على وسائل الاعلام الاسرائيلية عن الاتفاقية التي ستنتهي في نيسان المقبل، "نحن نشتري كمية وندفع ثمنها".

حديث الوزير الأردني جاء عبر مقابلة لقناة الحرة الأمريكية "قد طلبنا دراسة الأمور الخاصة بالاتفاقية فنيًا وتقنيًا مع الطرف الإسرائيلي وعلى أساسها "إما يبيعون المياه أو لا يبيعونها".

 

أما عضو مجلس الأعيان السيناتور محمد المومني، يقول لـ new arab" "الأردن مرتبط باتفاقية شراء مع إسرائيل وهذه الاتفاقية تخضع لترتيبات فنية ولا يجب أن يخضع لأي أبعاد سياسية خارج إطار معاهدة السلام، الأصل أن يكون هنالك تعاون بيد الدولتين، وإذا كان هنالك ملفات سياسية عليها أن تحل على الطاولة السياسية، وعلى أسرائيل أولا أن تضبط تصريحات وزرائها المنفلتة عن كامل المعايير الدولية والأخلاقية". 

 

الاعتماد على الذات مائيا

ووقع الأردن مع إسرائيل في 2021، اتفاقاً لشراء 50 مليون متر مكعب إضافية من المياه، إضافة لما هو منصوص عليه في اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين عام 1994

"يواجه الأردن عجزا مائيا في الصيف يبلغ نحو 450 مليون متر مكعب سنويا بينما تقدر حاجته مليار ونصف متر مكعب سنويا المتاح منها مليار ومائة مليون بعجز سنوي 450 متر مكعب سنويا" حسب ما يقول الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة".

يقول "نحن ثاني افقر دولة في العالم مائيا، الأردن يعمل على عدة مشاريع مستدامة أبرزها الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر ونقل 300 مليون متر مكعب من المياه المحلاة من خليج العقبة على البحر الأحمر إلى جميع مناطق المملكة سنويا، لدينا أيضا مشاريع خفض فاقد المياه من الشبكة (تسريب وسرقة مياه) لتوفير 2%  سنويا".

"ايضا سنتوسع ببرامج الحصاد المائي والسدود، نملك 16 سدا رئيسا و 420 سد صحراوي ترابي، كما لدينا برامج لتشجيع المواطنين على بناء خزانات لتجميع مياه الأمطار، كما نعالج المياه الناتجة عن محطات الصرف الصحي وتستخدم لغايات الزراعة والصناعة بطاقة 200 مليون متر مكعب سنويا".

 

سوء إدارة

يرى وزير المياه الأسبق حازم الناصر أن هنالك بدائل لدى الأردن عوضا عن المياه من اسرائيل "منذ سنوات ونحن نتحدث أن قضية توفير المياه يجب أن تتصدر الأولويات الوطنية، حتى هذه اللحظة المواطن الأردن لا يعرف أين وصل مشروع الناقل الوطني الذي بدأ الحديث عنه في 2017 وحتى اليوم لم يتم احالة العطاء بسبب سوء الادارة".

يقول " لـ"المصادر البديلة الأهم هي المياه الجوفية العميقة وقابلة للتنفيذ والتطوير وتزويد الأردنيين بمياه الشرب لمدة 70 سنة أو أكثر حسب إحصائيات وزارة المياه والري، يجب التعامل مع ملف المياه بتخطيط استراتيجي ومشاريع تؤمن الأمن المائي دون اللجوء لأي دولة".

 

سرقة مياه نهر اليرموك

واستطاعت إسرائيل منذ عام 1964 عبر الناقل الوطني ضخ مياه نهر اليرموك إلى  بحيرة طبريا في شمال فلسطين المحتلة ومن ثم الى الأجزاء الجنوبية بأنابيب يبلغ طولها حوالي 130 كيلومتر

 يعبر الخبير البيئي، البروفيسور سفيان التل، عن استيائه ودهشته إزاء التوقيع على مذكرات مع الاحتلال، الذي يُشير إلى أنه يقوم بـ"سرقة حقوق الأردن المائية"

يقول "الاحتلال يقوم بضخ آلاف المتر المكعب من مياه نهر اليرموك، الذي يُعَدُّ مصدرًا رئيسيًا لنهر الأردن، عبر ما يُعرف بـ الناقل الوطني الإسرائيلي. ويُظهر هذا التدفق في تأثيره على حالة نهر الأردن والبحر الميت".

 حسب البروفيسور التل  "هذا تسبب في احتضار نهر الأردن وتأثير سلبي على البيئة المائية للبحر الميت".

احتجاجات شعبية

واحتج أردنيون الجمعة الماضية في وسط البلد عمان تنديدا العدوان الإسرائيلي على غزة وجرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها الاحتلال.

 

المحتجون طالبوا الحكومة الأردنية وقف كل الاتفاقيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي ومن بينها اتفاقية المياه واستيراد الغاز هاتفين "يا الحكومة الأردنية.. هاي الإرادة الشعبية"..يا الحكومة الأردنية.. كيف وهم من الخيال..الاتفاقيات التطبيعية.. والجسر البري شغال".

يرى محمد العبسي وهو منسق تجمع تحرك لمقاومة التطبيع مع إسرائيل (تجمع شبابي)، أن "التهديد والابتزاز الإسرائيلي للأردن ليس بجديد، الكيان الصهيوني هدد الأردن أكثر من مرة بالملفات الاستراتيجية الحيوية أكثر من مرة وهدد بتعطيش الأردن أكثر من مرة".

يقول " "ايضا عندما احتج الأردن على عمليات الاستيطان هدد وزير المياه الإسرائيلي بتعطيش الأردن، هذا تهديد للأمن القومي الأردني لا يجب أن نضع نفسنا تحت الابتزاز الإسرائيلي الذي يسرق مياه نهر اليرموك".

"هنالك نزعة عدوانية تجاه الأردن من الكيان الصهيوني لذا لا مصلحة لنا للارتباط بهذا المشروع الصهيوني بملفات المياه والطاقة".

  واشترت الاردن بشق الأنفس في أبريل (2020) 8 مليون متر مكعب من حكومة نتياهو الذي هددت حكومته مرارا بـ"تعطيش الأردن" في 2017 ردا على موقف الأردن من "صفقة القرن".

 كما هدد  رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، نفتالي بينيت في نوفمبر 2023 بتعطيش الأردن على خلفية موقف المملكة من الحرب على غزة: “إذا كان الأردن يريد أن يعطش سكانه، فهذا حقهم”. فهل سيفلت الأردن من قبضة اسرائيل بملف المياه؟

أضف تعليقك