الأردن وخطاب نتنياهو : الحذر الواجب والذعر غير المبرر
لا يختلف اثنان على أن مضمون خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد نسف كل فرص الوصول الى اتفاقية سلام في ظل الحكومة الاسرائيلية الحالية ، وهذا وضع قد يستمر لمدة 4 سنوات وربما أكثر أو أقل بناء على المعادلة الانتخابية الاسرائيلية الداخلية.
رفض نتنياهو لوقف بناء المستوطنات ، واعتبار القدس عاصمة أبدية لاسرائيل ورفض عودة اللاجئين وانهاء حقوق عرب 48 من خلال فكرة يهودية الدولة تعني أن اي حوار معه هو اضاعة للوقت ، كما أن اقتراح دولة فلسطينية منزوعة السلاح يعود بالمنطقة الى أحوال ما قبل مؤتمر مدريد عام 1991 ولا يمكن أن يساهم في تحقيق نجاح ما في "مسيرة السلام"،.
لا شريك اسرائيليا في المفاوضات في المنظور الحالي وعلى الفلسطينيين والعرب والأردن التعاطي بحزم وذكاء مع الوضع الجديد.
لست بموضع التنظير للموقف الفلسطيني فهذا كمن يسير في حقل ألغام ضمن الوضع الحالي البائس من الخلافات السياسية والتنظيمية ، ولكن يمكن الحديث عن خيارات عربية وأردنية مطلوبة.
على المستوى العربي لم يعد من المفيد لأي أحد الحديث عن مبادرة عربية.
أفضل ما يمكن أن يقدمه العرب من خلال الجامعة العربية هو تجميد عرض المبادرة العربية.
لن يحدث تغيير سياسي كبير لأن المبادرة دائما كانت "منزوعة الصلاحية" من قبل اسرائيل ولكن في التوثيق التاريخي للتفاوض فان هذا الموقف يمثل رسالة واضحة بأن بعض الأجواء الايجابية التي تم من خلالها تطوير العرض العربي انتهت الآن وأن على صلافة نتنياهو أن تدفع الثمن والتأكيد على أنه لن يحصل على فرصة اللقاء مع القادة العرب في الرياض وبيروت ودمشق ولن يحظى بمنفذ التلاعب من خلال "السلام الاقتصادي" والمناطق الصناعية المشتركة البرامج السياحية كما كان يرتجى في خطابه.
الأردن يجد نفسه في وضع صعب يتطلب الكثير من الحكمة والتخطيط الاستراتيجي ولكنه ليس ابدا مبررا للذعر بما يدعو الى نقل الأزمة داخليا والارتهان الى تداعيات "الوطن البديل".
رفض نتنياهو لحق العودة يضع الأردن في مواجهة الحاجة الى اتخاذ خطوات عملية لحماية حق العودة التاريخي للاجئين الفلسطينيين بدون التأثير على حقوقهم الدستورية الحالية كمواطنين أردنيين.
على صعيد الدبلوماسية فان الأردن لن ينتقل من معسكر الاعتدال الى محور التشدد كما يأمل البعض من السياسيين المؤمنين بهذا المحور لأن الخيار الأردني التاريخي هو السلام وحل الدولتين وسيبقى الأردن يقاتل دبلوماسيا من أجل ذلك ولكن من المهم عدم تقديم اية جوائز ولو حتى اعلامية وسياسية لنتنياهو.
وبالرغم من حالة الشك التاريخي المبررة بالنوايا الأميركية فان الأردن يمكن أن يجد في ادارة أوباما حليفا استراتيجيا.
وبعكس ادارة بوش فان الرئيس الجديد ليس محاطا بعصابة المحافظين الجدد التي تروج للوطن البديل ولدور أردني في الضفة الغربية.
اضافة الى ذلك فان معادلات العلاقة ما بين البيت الأبيض الجديد ومنظومة اللوبيات الاسرائيلية في الولايات المتحدة باتت تتغير ومن المهم أن يستثمر الأردن تلك التغيرات لمصلحته في الضغط باتجاه ابقاء حل الدولتين وعودة اللاجئين والقدس قائما ، على الأقل الى رحيل نتيناهو ومحاولة البدء من جديد.
تصريح الناطق بلسان الرئيس الأميركي اشار الى الترحيب بخطاب نتينياهو باعتباره "خطوة نحو الأمام" وهذا ربما يكون مكافأة سياسية لا يستحقها نتنياهو ولكن التصريح اشار أيضا الى أن الولايات المتحدة لا زالت تؤيد حل الدولتين ومنها دولة فلسطينية مستقلة.
ولكن تصريح البيت الأبيض لم يشر الى كونها دولة متكاملة أو منزوعة السلاح ، وهذا يتطلب توضيحا رسميا في مناسبة جديدة.
الخطر الاسرائيلي ماثل وقائم ، وأصبح أكثر وضوحا بفضل صراحة نتنياهو وهو يتطلب رد فعل أردني من خلال منظومة استراتيجية من المواقف والخيارات البديلة ، فما يقوله نتتنياهو خطر ولكنه ليس قدرا ويمكن للدولة الأردنية التي تحمي كل مواطنيها والمجتمع المتماسك أن يقفا أمامه.











































