الأردن في يوم البيئة: تلوث هواء وماء وتربة.. والمخفي أعظم

الأردن في يوم البيئة: تلوث هواء وماء وتربة.. والمخفي أعظم

على الرغم من جميع الخطط والاستراتيجيات البيئية المتبعة في الأردن، إلا أننا ما زلنا نعاني من وجود بؤر تلوثٍ بيئي في معظم مناطق المملكة...فمن الزرقاء الى عمان الى الأغوار الجنوبية وانتهاء بالعقبة، يوجد مصانع تتوزع بشكل عشوائي، ومكاره صحية قريبة من تجمعات سكنية، وإلقاء لمياه عادمة في سيل الزرقاء.

المستوى العام
واجمع خبراء بيئيون ان الأردن على مستوى الدول المجاورة وعلى مستوى دول العالم الثالث يعد اقل تلوثا، ويعكس وجود تشريعات ضابطة لا تسمح بعدم المساس بالبيئة الإرادة السياسية والشعبية، وعليه فيجب تعزيز التشريعات بتقوية دور الوزارة ومؤسسات المجتمع المدني.

والآتي يعد من أهم الملوثات في الأردن بحسب تقرير دائرة الإحصاءات العامة:
1. الأغبر العالقة في الهواء والتي تتركز في الأشهر التي يغلب عليها الأحوال الخماسينية.
2. الغازات ومنها الغازات الدفيئة التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض مسببة ما يسمى بظاهرة التغير المناخي.
3. الرصاص الذي ينبعث من احتراق البنزين في المركبات، إضافة إلى ما ينتج عن العديد من الصناعات خاصة صناعة البطاريات.


الأغوار الجنوبية
وتعاني الأغوار الجنوبية بحسب رئيس جمعية البيئة الأردنية فرع الأغوار سليمان الدغيمات من مشاكل في ثلاثة قطاعات:
قطاع الصناعة: ينتج عن وجود أكثر من 12 مصنعا في الأغوار الجنوبية تلوث الهواء، وخاصة من مصانع شركة البوتاس العربية، وشركة ملح الصافي، ويعرف تلوث الهواء بحسب الأمم المتحدة على أنه: " انبعاث مادة ملوثة إلى الجو كالغبار والدخان بكميات تؤدي إلى إلحاق الضرر بالإنسان أو الحيوان أو النبات أو الممتلكات أو أن تتدخل بما يحول دون التمتع بمسرات الحياة".
ولكن المشكلة الاكبر هي مصنع البرومين لأنه يعمل بمواد سامة وحارقة مثل الكلور والكربون وتعد قنبلة موقوتة، ولكن لغاية الان ولعدم وجود خبراء مختصين لم يتم تحديد درجة السمية وأثرها في البيئة المحيطة للمصنع، ويوجد ثلاثة أشخاص كانوا يعملون في المصنع وقد تعرضوا لحروق في مناطق متعددة من جسدهم، وفي حادثة تم إحضار ما يقارب أربع عشرة شخصا من العمال الى مستشفى غور الصافي وعند الاستفسار عن الأمر تكتم المستشفى والمصنع عن الحديث في الموضوع، ويذكر ان هذه الشركة تعمل منذ عام 2003.

قطاع الزراعة: وينتج عن الممارسات الخاطئة بسبب استخدام الأسمدة العضوية والصناعية، إضافة الى مخلفات البلاستيك.

قطاع الخدمات والمياه: وتعاني المنطقة في فصل الصيف من نقص حاد في المياه، وذلك بسبب ان مصانع شركة البوتاس العربية والمغنيسوم والبرومين تستحوذ على القسم الاكبر من المياه3.

وقامت جمعية البيئة الأردنية فرع الأغوار بعمل دراسة بأهم التحديات والمشاكل البيئة التي تواجه المنطقة، ووزعت الدراسة على الشركات والمصانع الموجودة من اجل تعزيز التعاون ما بين القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، ووضعت حلول مقترحة في الدراسة لمعالجة كل مشكلة، وتم الاتفاق مع شركة مصانع البوتاس العربية بوضع فلاتر للحد من تلوث الهواء الحاصل.
إضافة الى ان الجمعية تعقد دورات توعية للمزارعين من اجل التوضيح لهم حول كيفية الاستخدام الأمثل للأسمدة، وطرح البدائل عن رش المحاصيل مثل التعقيم الشمسي.

وقامت الجمعية بالمطالبة بخبراء ومختصين من مديرية البيئة في الكرك لقياس مدى السمية والأثر البيئي لمصنع البرومين، منذ شهر شباط من هذا العام، ولغاية الآن ما زالت الجمعية في الانتظار.

عمّان
وبالنسبة لأهم المشاكل البيئية التي تواجهها مدينة عمان أوضح رئيس جمعية البيئة الأردنية د. محمد مصالحة انها أفضل حالا من محافظة الزرقاء، ولربما كانت أمانة عمان تجعلها أكثر قدرة على ملاحقة أمور النظافة، لكن الهجمة الاستثمارية المعمارية في عمان يمكن ان تشكل ضغطا وازدحاما مروريا، مشيرا الى أنهم في الجمعية قاموا بتوجيه أمانة عمان الى ضرورة إبعاد الأبراج عن عمان وبخاصة وسطها.

كما أوضح مدير الجمعية الأردنية للتنمية المستدامة خالد نصار بأن عمّان تعاني من وجود تجمع صناعي ضخم في مدينة سحاب الصناعية، وبالرغم من التقدم الكبير فيها إلا انها كانت من أخر المدن التي تم عمل فيها خارطة لاستخدامات الأراضي، وهي تمثل الأساس الحقيقي للتنمية المستدامة.


وتشارك نصار مع مصالحة بأن انتشار القطاع العمراني في المملكة له أثار بيئية مثل التأثير على المياه الجوفية، وخسارة أراض زراعية خصبة.

الزرقاء
وبين نصار أهم التحديات والمشاكل البيئية التي تواجه الزرقاء والتي عدها بؤرة للتلوث البيئي، إذ أنها الهمّ الكبير من حيث الكثافة السكانية والصناعية، والمشكلة تكمن في الصناعات القائمة فيها وهي ما زالت تقليدية وقديمة، إضافة الى عدم وجود وسائل تكنولوجية او غيرها للحد من الأثر البيئي، ناهيك عن عدم وجود تشريعات ضابطة في تلك الفترة.
وتحتاج مدينة الزرقاء الى جهد وطني للحد من التلوث في الزرقاء، إضافة الى التركيز على عدم منح تراخيص لصناعات جديدة إلا بعد التأكد في اتخاذ كافة الاحتياطات البيئية.

وتشارك مصالحة مع نصار بأن الزرقاء بؤرة للتلوث الصناعي في الأردن، مبينا ان مشاكلها الصناعية تتفاقم مع النمو في المنطقة، وخاصة بوجود المحطة الحرارية، ومصفاة تكرير البترول، ومصنع الخميرة، ومصانع الدباغة، وعشرات المصانع التي تشترك في تلوث مدينة الزرقاء.

العقبة
كما أشار نصار الى المشاكل البيئية في العقبة، مبينا انها ربما تمس الحياة البحرية فيها، بحيث ان الشاطئ البحري لا يتجاوز الـ 27 كم2، ويوجد مشاريع استثمارية كبيرة ستنشئ على الشواطئ، والمشاريع السياحية التي ستقوم ستكون سياحية ومن ناحية بيئية يكون لها اقل ضرر على البيئة.

نظرة للمستقبل
وفي تصريح لوزير البيئة خالد الإيراني لعمان نت بين فيه ان الأردن يخطوا خطوات كبيرة في موضوع حماية البيئة، وذلك من خلال جمعيات أهلية وتحول إلى الدور الحكومي من خلال وزارة معنية في هذا الموضوع.

ومن خلال الوزارة جرى إدخال البيئة في القطاعات المختلفة، ومن أهم القطاعات التي تساهم في التلوث هي قطاع النقل وإنتاج الطاقة والقطاع الصناعي، والأردن وقعت على اتفاقية كيوتو، فالأردن تساهم صغيرة من حيث التغير المناخي لان منطقة الشرق الأوسط تساهم بنسبة 5-6% من حجم التلوث في العالم فمساهمتنا السلبية قليلة ولكننا نتأثر بالتغير المناخي من خلال زيادة رقعة التصحر وكميات الأمطار وبالتالي كميات المياه، وبسبب هذه الظروف لابد من إجراءات محلية تساهم أولا في حماية البيئة المحلية ومن ثم البيئة العالمية.

الأردن من الدول التي وقعت معظم الاتفاقيات الخاصة بالبيئة الدولية سواء موضوع التصحر التغير المناخي, والتزامات الدول النامية في هذه الاتفاقيات هي التزامات بسيطة ولكن العوائد جراء هذه الاتفاقيات من خلال التمويل كبيرة.
هناك العديد من الدول في العالم مثل الولايات المتحدة تساهم بحوالي 30-35% من الانبعاثات الغازية الدول الأوروبية 27-30% وهذه الدول الصناعية عليها العبء الاكبر من خلال الالتزام, فمثلاً ألمانيا تتجه نحو الطاقة المتجددة، والأردن يجب ان تتجه نحو تنويع الطاقة لأسباب اقتصادية وبيئية .

المفاعل النووي السلمي
وأكد وزير البيئة خالد الإيراني ان من حق الأردن ان تبحث عن مصادر متنوعة للطاقة، وذلك في ظل التحذيرات التي أطلقتها العديد من الدراسات الدولية عن قرب نضوب الطاقة التقليدية، وجاء ذلك في معرض رده على سؤال لعمان نت حول مدى تعارض امتلاك الأردن لمفاعل نووي للإغراض السلمية والذي كان قد أعلن عنه في وقت سابق من هذا العام وبين توجه الوزارة الباحث عن الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تعتبر صديقة للبيئة.

وقال الإيراني ان الإدارة السليمة للمخلفات النووية الناتجة عن المفاعل النووي سيجعل منه مفاعلاً صديق للبيئة, مشيراً ان التصاميم الأولية للمشروع ستظهر منذ البداية مدى قربه أو بعده عن البيئة.

وسيساهم امتلاك الأردن للمفاعل النووي في تخفيف قيمة الفاتورة النفطية بمقدار 20% من حاجة المملكة للطاقة، مما سينعكس إيجابا على خزينة الدولة, حيث ان المفاعل النووي سيوفر من 9-10 % من استهلاك المملكة من الطاقة، إضافة الى توفير 10% من الطاقة عبر مصادر الطاقة المتجددة.

إن الهدف الاستراتيجي في استراتيجيات الطاقة التي وضعتها وزارة الطاقة تقول انه لا بد من تنويع مصادر الطاقة، ونحن ندعم المشاريع التي تتجه نحو الطاقة المتجددة خاصة طاقة الرياح والشمسية والطاقة النووية طبعاً إذا كان هناك إدارة سليمة للمخلفات النووية قد تساهم بشكل كبير في تخفيف العبء الاقتصادي وقد تكون طاقة نظيفة وسليمة وذلك يكون واضحاً في التصاميم الأولية منذ البداية، وقد نصل إلى 9–10% من احتياجاتنا من الطاقة من الطاقة النووية في حالة الالتزام بالمعايير الدولية والإدارة السليمة للمشروع، إضافة 8–10 % من الطاقة المتجددة مما سيساهم في تخفيف فاتورة النفط بمقدار 20% من الطاقة التي تنتج محلياً مما سيوفر على الخزينة مبالغ كبيرة قد تصل إلى 400–500 مليون دولار توفر على الخزينة.

هذا وتؤكد الدراسات المختصة ان الأنشطة البشرية هي السبب الرئيس في التغير المناخي وان دولاً كبرى تساهم بشكل واضح في زيادة هذه الظاهرة، ويُعد ان ازدياد انبعاث الغازات الدفيئة هي نتيجة حتمية لزيادة استهلاك الوقود، فكلما زاد الاعتماد على مصادر الوقود التقليدية زادت كميات الغازات المنبعثة، لذلك يتم البحث عن بدائل كالطاقة المستدامة والنظيفة بيئيا.

أضف تعليقك