الأردن تطبيع شعبي اجباري من بوابة الماء

الرابط المختصر

عقب إعلان الأردن وإسرائيل توقيع مذكرة تفاهم لتبادل "الماء مقابل الكهرباء" مع إسرائيل احتج مواطنون أردنيون رفضا للمذكرة التفاهم.

 

رفع المشاركون عبارات "التطبيع خيانة"، "غاز العدو احتلال..ماء العدو احتلال".

 

تنص مذكرة التفاهم التي وقعت هامش مؤتمر المناخ "كوب 27" في شرم الشيخ  أن يقوم الأردن وبتمويل اماراتي توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الصحراء الجنوبية لصالح إسرائيل 600 ميغاواط سنويا التي في المقابل ستعمل على تحلية المياه لصالح الأردن بمقدار  200 مليون متر مكعَّب سنويا.

 

طبيب الأسنان الأردني هشام البستاني، يرفض توقيع بلاده لمذكرة تفاهم مع اسرائيل لتبادل الماء مقابل الكهرباء بين الطرفين، يعتبر البستاني ذلك "تطبيعا مع على الاحتلال" كما يقول".

 

يترأس البستاني حملة (غاز العدو احتلال) وهي حملة مناهضة لاتفاقية الغاز المبرمة بين الأردن وإسرائيل عام 2016، يقول البستاني "سنرهن 20% من مياه الشرب بيد الاحتلال ونتنياهو كما رهنا سابقنا طاقتنا، هذه تبعية للاحتلال وإهدار ملايين الدنانير بدلا من استخدامها في التنمية الداخلية".

 

 يعاني الأردن من نقص متزايد في مياه الشرب خلال السنوات الأخيرة وصل الصيف الماضي الى 40 مليون متر مكعب في وقت تبلغ احتياجات الأردن سنوياً إلى 1.3 مليار متر مكعب، لجميع الاستخدامات.

 

لكن وزير الدولة السابق، محمود الخرابشة، يستغرب توقيع مذكرة التفاهم خصوصا في ظل حكومة يمينية يقودها نتنياهو "لسنا بحاجة لهذه الاتفاقية نحن قادين أن يكون لدينا مشاريع بديلة مثل تحلية مياه البحر الأحمر  ومصادر جوفية، الاحتلال الإسرائيلي لا يلتزم بالاتفاقات هذه المذكرة إذعان لإرادة المحتل".

 

يقول"، "تم تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة وهي حكومة يمينية متطرفة لا تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، كيف ستلتزم هذه الحكومة بالاتفاقية التي لا تلتزم بالشرعية الدولية والوفاء باتفاقية الماء والكهرباء، إسرائيل من شيمتها الغدر".

 

ويخشى المعارضون "للماء مقابل الكهرباء" من نوايا نتنياهو تجاه الأردن، بعد محطات توتر حافلة لحكومته السابقة مع الأردن،  التي هددت هددت حكومته مرارا بـ"تعطيش الاردن" في عام 2019.

 

ولجأت عمان الى إسرائيل لشراء كميات إضافية من المياه في أكتوبر 2021 لمواجهة العجز المائي وبلغت  الكمية التي اشترتها  50 مليون متر مكعب تضاف إلى 55 مليون متر مكعب تحصل عليها بموجب اتفاقية السلام.

 

وفي اتصال هو الأول من نوعه منذ 2018 اتصل الملك عبد الله الثاني في 15 نوفمبر الماضي مع زعيم حزب الليكود رئيس حكومة الاحتلال المكلف بنيامين نتنياهو وهنأه بفوزه في الانتخابات في محاولة لكسر الجليد بين الرجلين.

 

رئيس الحكومة الأردنية بشر الخصاونة كان قد علق خلال مناقشات نيابية ديسمبر الماضي على سبب توقيع الأردن على مذكرة التفاهم لتبادل الكهرباء والماء "لا يمكن لأحد أن يزايد على الأردن وموافقه إزاء القضية الفلسطينية".

 

كما وقعت الحكومة الأردنية إعلان نوايا ثانٍ مع الاحتلال الإسرائيلي الخميس الماضي، على هامش قمة المناخ في شرم الشيخ بمصر؛ لإعادة تأهيل نهر الأردن الذي "انخفض منسوب جريانه إلى 7 بالمئة، وما يترتب عليه من انخفاض منسوب البحر الميت بواقع 3 أقدام سنويا"، حسب الإعلان.

 

ويتقاسم الأردن وإسرائيل المياه من بحيرة طبريا ونهري اليرموك والأردن، إضافة إلى آبار جوفية.

 

وتحصل "إسرائيل" على 12 مليون متر مكعّب من مياه نهر اليرموك في فترة الصيف، و13 مليون متر مكعب في فترة الشتاء، فيما يحصل الأردن على "باقي التدفق"، بحسب اتفاق بين الطرفين.

 

بدائل أخرى

واستغرب الخبير البيئي، سفيان التل، توقيع مذكرات تفاهم وإعلان نوايا مع الاحتلال الذي يقوم بـ"سرقة حقوق الأردن المائية، ويضخ آلاف الأمتار المكعبة من مياه نهر اليرموك، المغذي لنهر الأردن عبر ما يسمى بـ (الناقل الوطني الإسرائيلي)، الذي تسبب باحتضار نهر الأردن والبحر الميت".

 

ويقول: "يستحيل أن يكون الاحتلال شريكا للأردن في تأهيل البحر الميت، بعد أن حرم شطري نهر الأردن من المياه، الأمر الذي انعكس على أكبر إرث تراثي للبشرية وهو البحر الميت، الذي تسبب بانخفاض منسوبه بسبب تحويل مجرى مياه نهر الأردن".

 

أما بخصوص اتفاق الماء مقابل الكهرباء، فيرى التل أن "الأردن لديه الكثير من البدائل المائية، وليس بحاجة إلى قطرة ماء من الخارج، فبحسب إحصائيات وزارة المياه يسقط على الأردن 8 مليارات متر مكعب سنويا من الأمطار، التي تحتاج إلى مصائد مائية حتى يصل المواطن منها 800 متر مكعب في العام، أما بخصوص الآبار الجوفية فلدى الأردن 15 حوضا مائيا معظمها متجددة باستثناء الديسي، والبديل الثالث هو أنفاق قديمة طويلة بعضها يأتي بالمياه من جبل الشيخ والجولان، وهذه الأنفاق مهملة، ناهيك عن نهر اليرموك والأردن وسيل الزرقاء".

 

ويعتقد الخبير البيئي أن "الاتفاق مع الاحتلال بملف المياه سياسي وتطبيعي، ولا علاقة له بحاجة الأردن للمياه".

 

وزارة المياه: نواجه عجزا سنويا

 

بدورها تبرر الحكومة الأردنية توقيعها على إعلان النوايا مع الاحتلال بتأثير التغير المناخي على كميات هطول الأمطار، وبسبب تزايد أعداد السكان وارتفاع الطلب على المياه.

 

ويقول الناطق باسم وزارة المياه الأردنية، عمر سلامة؛ إن "التوقيع على مذكرة التفاهم ينبع من حاجات الأردن المستقبليَّة المتزايدة لمصادر المياه، وتزايد الحاجة لتأمينها للصناعة والزراعة وغيرها من القطاعات، في ظل تزايد التحديات المائية والتغيرات المناخية التي يواجهها الأردن بواقع عجز مائي سنوي يزيد على 500 مليون متر مكعب سنويا".

 

ويتابع في رده أن "الأردن تحمل أعباء زيادة السكان، نتيجة موجات اللجوء التي خلفتها الصراعات في المنطقة، ما تسبب بضغط على الموارد المائية"، مشيرا إلى أن العجز المائي يتفاقم عاما بعد آخر؛ نتيجة تراجع الهطولات المطرية وتراجع مستوى المياه الجوفية، حيث من المتوقع زيادة العجز المائي للشرب خلال صيف العام المقبل إلى أكثر من 60 مليون متر مكعب، بحسب تعبيره.

 

وحول كميات المياه التي يحصل عليها الأردن، كشف سلامة أنَّه يحصل على 25 مليون متر مكعب سنويا، وفقا لمعاهدة السلام مع الاحتلال.

 

ويضيف الناطق باسم الوزارة: "يضاف إلى ذلك 10 مليون متر مكعب إضافية خارج المعاهدة، كما يخزن كميات إضافية في السنوات الوفيرة مطريا بنحو 20 مليون متر مكعب، إلى جانب تجميع مياه من الأمطار والمياه الجوفية".

 

ولفت إلى أن حصَّة الفرد من المياه في الأردن هي 80 مترا مكعبا سنويا، في مقابل 1000 متر مكعب في دول الجوار والعالم؛ أي إنها أقل بنسبة 88% عن الحصة العالمية".

 

ونوه إلى أن الأردن يعوّل على مشروع استراتيجي لتحلية مياه البحر في جنوب البلاد، ونقلها لمسافة 400 كم إلى المناطق الحضرية لتأمين جزء من احتياجاته بطاقة، تبلغ 300 مليون متر مكعب سنويا.

 

"هيمنة إسرائيلية"

ويرى منسق تجمع "اتحرّك" لمجابهة التطبيع، محمد العبسي، أن ما تم التوقيع عليه من إعلان نوايا "لإعادة تأهيل نهر الأردن والبحر الميت"، لا ينفك عن مذكرة التفاهم التي وقعها الأردن مع الاحتلال تحت عنوان "الماء مقابل الكهرباء".

 

ويقول "؛ إن هذه الاتفاقيات في ملف المياه والطاقة على أولويات أجندات اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو؛ "كي يصبح الكيان قوة إقليمية لتصدير الغاز للعالم من خلال الأردن، وفرض السيطرة الكاملة على ملف المياه في الأردن، عبر وضع 20% من مياهنا تحت تحكم الاحتلال".

 

ويتساءل: "من هو المتسبب بتجفيف مياه نهر الأردن؟ ويجيب :"الكيان الصهيوني هو المسؤول المباشر عن ذلك، ولا علاقة للتغير المناخي بذلك، وكل ذلك تسبب به المفاوض الأردني بما يتعلق بملاحق المياه في وادي عربة، لذا هذه الاتفاقيات لا تلبي إلا مصلحة الاحتلال فقط".

 

ويستغرب الناشط الأردني كيف يبرم الأردن هذه الاتفاقيات مع نتنياهو، الذي هدد مرارا بتعطيش الأردن وابتز الأردن بملف المياه، بحسب تعبيره.

 

رغم أن مذكرة التفاهم تواجه رفضا شعبيا واحتجاجات إلا أنها ستجد طريقها للنور كما وجدت ذلك اتفاقية الغاز، لارتباطها بمصالح اردنية ورعاية أمريكية ورغبة إماراتية الممول الأساسي للمشروع.