الأخطاء والتقصيرات في قضية البورصات
في ندوة عن الإعلام في السلط قبل يومين اتهم بعض الحضور الإعلام بالتقصير في موضوع تجارة البورصات العالمية، وقد رفضت الاتهام وقلت أن الإعلام لم يقصّر، و قد خصّص د.فهد الفانك زاويته أول أمس أيضا للدفاع عن أداء الإعلام.
الواقع إن الصحف لم تقصّر فقد تابعت الموضوع بصورة حثيثة من خلال الأخبار والتحقيقات، وكذلك المقالات ومنها ما كتبناه في هذه الزاوية، أمّا إذا كانت الصحف لا تصل كفاية إلى الناس فهذه قضيّة أخرى. فنحن مع الأسف نقرأ قليلا، ونسبة مبيعات الصحف عندنا مقارنة بأي دولة متقدمة هي فضيحة، وكثيرون يضنّون على أنفسهم بثمن صحيفة وهي لا تساوي أكثر من مكالمتين على هواتفهم النقّالة، التي يثرثرون عليها طوال النهار، وتجد الشخص نفسه يتلهف لأخذ جريدة شخص آخر استغنى عنها، وكأن ثمنها هو المشكلة.
كتبت مرّة أن الاشتراك السنوي في "الغد" يساوي 11 قرشا في اليوم، وهذا أقلّ من ثمن البنزين لإيصالها لبيت المشترك كل صباح! ومن يخاطر بألوف الدنانير ثمّ يضنّ ببضعة قروش ثمن صحيفة تنير له ما يحدث حوله يستحق دفع ثمن ذلك. لكن ليس الجهل وحده، فالبعض بصراحة كان يضع احتمال النصب بالاعتبار، لكنه أغمض عينيه ما دام المال يأتي، ويمكن أن يغطي قريبا رأس المال.
الصحف لم تقصّر، لا استطيع قول الشيء نفسه عن التلفزيون الذي يندر أن أراه لكنني سمعت انه تناول الموضوع لمرّة واحدة أتاح خلالها لأحد مدراء الشركات الدفاع عنها والترويج لها. التلفزيون في القرى يصل أكثر من الصحف وقد كان عليه ان يتحمّل مسؤولية خطة شاملة للمتابعة والتوعية. لكن مستوى اهتمام التلفزيون قد يعكس مستوى اهتمام الحكومة التي تأخرت كثيرا في التحرك.
لعل ألوف المواطنين اليائسين الذين تورطوا في الإيداع لدى هذه الشركات وبعضهم وضع حيلته القليلة من المال وآخرون باعوا مصوغات أو أرضا، أو حتّى اقترضوا من البنوك، يعتبرون أنفسهم ضحايا، ويريدون تحميل الدولة المسؤولية. لكن تحميل السلطات المسؤولية ليس عادلا لأن المودعين كانوا يعلمون جيدا أنهم يقومون بمغامرتهم الخاصّة بعيدا عن العيون والضمانات القانونية، بل أن كثيرين يتمنون لو لم تتدخل الدولة وتركت المركب سائرا.
مع ذلك نتساءل هل كان عدم وجود قانون ينظم التعامل مع البورصات العالمية وسوق العملات يبرر قعود الحكومة عن التحرك في وقت مبكر؟!
العديد من الشركات لم تكن في الحقيقة تتعامل مع بورصات عالمية على الشاشة، بل كانت تلمّ النقود وتعيد توزيع أرباح منها، أي تمارس النصب، وكان يجب في وقت مبكر تسخير عدد من الموظفين الماليين والإداريين، حتى الأمنيين، وربما عن طريق موظفي الضريبة كغطاء قانوني، للتدقيق على أوضاع هذه الشركات وحساباتها، وما تقوم به من أعمال. ولا نعتقد ان الحكومة كانت لتعدم مرجعية قانونية ما للقيام بهذا العمل.











































