الأحزاب العقائدية وتحديث المنظومة السياسية / كلاكيت ثالث مرة

 قبل البدء، اسمحوا لي أن أستعير هذه الفقرة من كتاب تاريخ الأردن للصف الثاني عشر: "في عام ٢٠١٥ عُدّل قانون الأحزاب ليصبح عدد المؤسسين للحزب (١٥٠) عضوًا -بعد أن كان خمسمائة عضو- بهدف تشجيع المشاركة الحزبية".

المفارقة أن لجنة تحديث المنظومة السياسية قامت برفع عدد العضوية المؤسسة للأحزاب لتصل الى ١٠٠٠ عضو!!!

نعود إلى مقالنا، فما إن أنهت لجنة تحديث المنظومة السياسية أعمالها، حتى انبرى أعضاؤها ومنظروها لتسويق فكرة أن هذا الفانون جاء ليعيد رسم الخارطة الحزبية، ولتنتهي مرحلة الأحزاب العقائدية لصالح الأحزاب البرامجية. وخضت شخصيًا حوارات، وقرأت عشرات المقالات والتعليقات من عدد من أعضاء اللجنة ومن لف لفهم، أكدوا خلالها أن مرحلة الأحزاب العقائدية قد انتهت، وأننا مقبلون على مرحلة الأحزاب البرامجية التي ستكون صاحبة الحظوة في المرحلة القادمة، وستتسيد المشهد السياسي.

بعد أن انتهت المدة القانونية لتصويب الأحزاب المرخصة ما قبل اقرار القانون المعدل للاحزاب، استطاعت كافة الأحزاب العقائدية والمعارضة تصويب أوضاعها -حشد، الشيوعي، الحركة القومية، البعث الاشتراكي، جبهة العمل الاسلامي وحزب الوحدة الشعبية- باستثناء حزب البعث التقدمي -العقائدي- الذي سيعيد تقديم أوراق تأسيسه قريبًا، وحزب الشراكة والانقاذ -المعارض- الذي تعرض لهجمة شرسة غير مسبوقة، وبالتأكيد فإنه قادر على إعادة تأسيس الحزب.

المشهد الحزبي بعد الجولة الأولى -إن صح التعبير- يظهر فشل أحد أطراف الحلف الطبقي الحاكم بفرض رؤيته و"إرادته" على باقي أطراف المعادلة من داخل الحلف وخارجه. وما زاد الطين بلة، هو أه على الضفة الأخرى فإن مشهد إخراج وتسويق الأحزاب البرامجية بدا هزيلًا وضعيفًا بل وبائسًا.

فبعض "مشاريع" هذه الأحزاب لم يكتب له الشرعية حتى اللحظة، بانتظار "فرج من او هناك"، وبعضها الآخر تحول الى ماكينة لتفريخ المناصب الحزبية بحيث أصبح لديهم منصبًا قياديًا لكل عضو حزبي، في تشويه صارخ لفكرة العمل الحزبي، وأحزاب أخرى السواد الأعظم من عضويتها كان معادٍ للعمل الحزبي تاريخيًا.

الخلاصة، انتهت الجولة الأولى من "معركة" تحديث المنظومة السياسية بفشل ذريع، ونخشى من جولة ثانية انتقامية يكون عنوانها ضرب فكرة الحكومة الحزبية من خلال انتخابات البرلمان، بالتوازي مع محاولة رافعة لتعديل قانون الأحزاب ورفع العضوية الى خمسة آلاف كما كان مخطط سابقًا.

أضف تعليقك