الأحزاب السياسية وصناعة القرار بين الواقع وطموحات الشباب

الرابط المختصر

في ظل التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتسارعة التي يشهدها الشارع الأردني، تبرز أهمية الأحزاب كفاعل أساسي في صناعة القرار وتشكيل مستقبل المجتمعات بما تمتلكه من قواعد شعبية وخبرات سياسية، تقف على مفترق الطرق بين الواقع الراهن والطموحات المنشودة للشباب. 
تواجه الأحزاب تحديات جمة في ظل عوامل متشابكة كالتيارات الشعبوية والفجوة المتنامية بين النخب والجماهير، وما ينجم عنها من أزمات الثقة وتراجع المشاركة السياسية، حيث تطمح هذه الأحزاب لتكون الرافعة الرئيسية لتحقيق التغيير الحقيقي والتنمية الشاملة، انطلاقًا من التمثيل الحقيقي للمصالح الوطنية والشعبية.

قالت مساعد الأمين العام لشؤون التعليم والتعليم العالي في حزب عزم الدكتورة بيتي السقرات إنه لا يوجد تجارب حزبية صميمة موجودة لكي نقول كان هنالك رفض، لكن كان هناك تجريم للعمل السياسي أفضى للابتعاد درءاً لعواقب لا يستطيع الشباب تحملها؛ ولذلك من البديهي أن يكون الإقبال والاهتمام ليس بالشكل المرضي لكنه مقبول مقارنة بمرور سنتين فقط على التعديلات السياسية.

وأشارت أنه من المهم أن يُعطى للجميع فرصة الاستفادة من التجربة الجديدة كـ حل لما يعانيه الوطن، فلا تجارب ناجحة أو فاشلة منذ اليوم الأول، ولكن مع طول النّفَس نصِل الوجهة السليمة لمستقبل يخدم الوطن.

وأضافت السقرات أن التنقل من عمل حزبي سريّ محدود العدد ويلوّح في سمائه إمكانية الوصول إلى المعتقل ليصير عملا تطوعيا في العلن وتحت الشمس وحُريّة ضمنها جلالة الملك شخصياً.. وما أراه الآن لا يمكن اعتباره صورة واضحة للمستقْبل ولكن اتوقّع في السنوات القادمة انجلاء الصورة وتلاشي الضبابية عن المشهد وأن يتشجّع الشباب لخوض التطوع الحزبي والمشاركة والتفاعل مع الأحزاب والتسجيل في أحد الأحزاب المرخّصة أو أن يكون قوة دافعة تؤازر الحزب وأفكاره إن لم يرغب بالانضمام.

وفي ذات السياق قال أمين عام حزب المحافظين الأسبق حسن راشد إنه من الواجب الاعتراف بأن الممارسات التي جرت عبر العقود الماضية أظهرت بوضوح تمركز السلطة بيد السلطة التنفيذية وأدواتها وأجهزتها، وكنا فيما مضى نحث الشباب على ضرورة المشاركة في العملية السياسية من حيث الانخراط في المؤسسات الحزبية ونتحدث لهم عن جدوى انضمامهم وضرورة رفد الأحزاب بافكارهم الشابة؛ إلا أننا كنا نواجه تخوفاً ملحوظا من مغبة انضمامهم إلى صفوف العمل الحزبي أبرزها التخوفات الأمنية، والتي لطالما أكدنا لهم أن ما يخشون منه بات من ذكريات الماضي.

وأكد أنه بعد قوننة مخرجات اللجنة الملكية للإصلاح السياسي نجد أن العنصر الشبابي لا زال يصطف في نفس الزاوية ولعل أبرز الموانع تتلخص في الازمة السياسية والعسكرية التي تحيط بالأقليم عامة، وما نتج عنها من ركود اقتصادي على دول المنطقة عامة والأردن خاصة.

وتسائل راشد: كيف لشبابنا أن يفكروا الإسهام في تنمية العمل الحزبي وواحدهم بالكاد يستطيع أن يؤمن لقمة عيشه؟ وكيف لشبابنا أن يفكروا بالانضمام لصفوف العمل الحزبي ولا زالت القيادات التاريخية العريقة هي من تُسيّر بل وتسيطر على الصفوف الأولى في الأحزاب؟  

"الشباب لا يريد التنظير وليس لديهم الرغبة في الاستماع إلى حصص مدرسية حزبية فقد تبين لهم الرشد من الغي ، انا أدرك تماما معاناة الشباب ولا ألومهم على ذلك فلقمة العيش هي المطلب الأساسي للإنسان" .. وفق راشد.

ومن جانبه قال عضو المجلس المركزي في الحزب المدني الديمقراطي مصطفى أبو داري إن اهتمام الشباب في الأحزاب السياسية زاد في السنتين السابقتين بسبب ما شهده الأردن من حُزم الإصلاحات السياسية التي هدفت إلى تعزيز الديمقراطية والمشاركة في صنع القرار؛ تضمنت تعديلات دستورية وقانون انتخاب وأحزاب جديدان، مما أتاح للأحزاب مساحة أكبر للعمل وإعطاء الشباب فرصة عالية للتأثير في المشهد السياسي.
وأضاف أن التخوفات اليوم من ان يعود الشباب الاردني رافضاً للتوجه الحزبي بسبب نهج بعض الأحزاب الكلاسيكي بالتعامل مع فئة الشباب التي تتمثل بغياب الديمقراطية الداخلية في بعضها وسيطرة التزكيات العشوائية وغير الموضوعية .

وتابع أبو داري أنه من الواجب على الأحزاب إدراك أنه لا يمكن استمرار الشباب في المشاركة السياسية إلا من خلال أحزاب تتمتع بديمقراطية داخلية تتيح لهم التمثيل والاستحقاق واستقلالية قراراتها.

وأوضح أن التفكير بنهج جديد يواكب تطلعات وهموم الشباب، وينبغي على هذه الأحزاب إعادة النظر في استراتيجياتها تجاه الشباب وتعديلها بما يتناسب مع احتياجاتهم وتطلعاتهم والسعي نحو إشراك الشباب في الصفوف الأمامية للهياكل الحزبية يمكن أن يضفي على هذه الأحزاب ديناميكية أكبر، وحركية أوسع، وانفتاحاً أعمق على التحولات الاجتماعية.

ولعل الاستحقاق الدستوري الذي ستشهده المملكة في الأشهر القريبة القادمة ، والآفاق والرهانات التي ستطرحها هذه الانتخابات في التاريخ السياسي الأردني يجب على الأحزاب السياسية اعطاء الفرصة للشباب في الانتخابات القادمة لتشجيع ظهور نخب مؤهلة، وضخ دماء جديدة في الحياة السياسية، من أجل تجديد النخب السياسية وتعزيز حضور الشباب في مجلس النواب الذي من شأنه أن يعزز كفاءة أداء المؤسسة التشريعية .. وفق أبو داري

وقال عضو المكتب السياسي في حزب نماء سابقا مؤمن أبو رمان إن اهتمام الشباب الأردني بالأحزاب السياسية شهد تطورًا ملحوظًا بعد فترة طويلة من العزوف؛ حيث بلغ عدد الشباب المنخرطين في الأحزاب حوالي 35,169 شاب، ولا سيما أن هذا التحول يأتي بعد تحديث المنظومة السياسية والقوانين الجديدة وضمانات جلالة الملك التي شجعت بشكل كبير انخراط الشباب في الحياة الحزبية.

ولفت أن تزايد وجود الشباب في المناصب القيادية داخل الأحزاب منحهم شعورًا بأنهم ليسوا مجرد أرقام بل مؤثرين فعليين. وهذا الأمر حفّز الشباب على البحث عن منصات تعبر عن آرائهم ومصالحهم، ووجدوا في الأحزاب السياسية تلك المنصة التي تمكنهم من ذلك، مشيراً إلى إن التغييرات الأخيرة والجهود المبذولة قد ساهمت بشكل كبير في تعزيز دور الشباب في الأحزاب السياسية، مما يعكس تطلعاتهم ورغبتهم في المشاركة الفعّالة في صنع القرار السياسي.

أضف تعليقك