الأبنودي: لن يكون الشاعر عالميا حتى يكون محليا

الرابط المختصر

جالس الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي محبية وعشاق شعره الرقيق والدقيق بذات الوقت في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، بأصبوحة أقيمت ضمن فعاليات الأسبوع المصري الثقافي، حيث تحدث إلى الناس وتحدثوا اليه، سألوه وأجابهم بكلماته التي تحس أنها شعرا بحد ذاته.وتحدث الشاعر الأبنودي عن الأغنية القديمة وعن الأغنية الحديثة التي أصبحت كأعقاب السجائر التي لا نذكرها ببساطة لأنها إبنة لحظتها، وليس لها مبررات للحياة، وقال عن حال أغنيات ''هذا الزمن'' بأنها لا تعتمد إلا على اللافت والشاذ وسطحي العواطف، بل ومجرد ''لعلعتها'' في السماوات تنطفئ، فتموت وتنسى، وينسى من غناها.



وراح الأبنودي يقرأ قصائده الشعبية عن الألم والجرح وعن الأمة العربية، حاول فيها تضميد جراحنا القديمة وجراحنا الجديدة، وسرد للحضور عن قصة ''فاطمة قنديل/قنديلة'' والدته، التي سألته عنها إحدى الحاضرات، رأى فيها ملهمته الاولى، وصاحبة الفضل في كينونته الشعرية، وقال إن فاطمة قنديلة تلخص حياة المرأة المصرية بعامة، والصعيدية بخاصة، وهي امرأة مزيج ما بين الفرعونية القبطية والإسلامية، بالرغم من أميتها وإيمانها بالخوارق من أمور قداسة النهر والخصب وطرد الروح برذاذ الماء الذي ترشه على عتبات البيت.



وقص الأبنودي حكاية طفولته المبكرة، ومشيه الطويل خلف الحصادين في موسم ''التصييف''، ورعايته الغنم في رؤوس القلال وقد أوحى له ذلك بالنظر ومخاطبة ما حوله من المحسوسات التي مدته بتشابيه لا تنقطع، وأبيات تترادف.



وتحدث الأبنودي عن الحداثة في الشعر، فالشعراء يفترض أن يكونوا ''فنار'' يضيء سكة المراكب في عتمة الليل، لكن الحداثة ''الممجوجة'' هذه الأيام أفقدت الأدب العربي واحدا من أهم أسلحته النضالية والإنسانية، وهو الشعر، وباعت أصحابه في سوق عبثية مجانية شديدة التعاسة.



'لن يكون الشاعر عالميا حتى يكون محليا''، هذا ما نصح به الأبنودي الشعراء المحدثين وخاصة الشباب منهم، ممثلا بالكاتب الكبير نجيب محفوظ الذي لم تطبق عالميته الآفاق إلا لأنه اكتشف قاهرة أخرى، غير القاهرة التي نعيش. وتطرق الأبنودي في حديثه عن قصائد النثر والعامية والفصحى وجمهور الشعر، وظاهرة انفصال الشعر العربي عن جمهوره، والدوران في الفراغ، والتنوير الذي أصبح تضليلا، وانتقال العدوى إلى القصيدة العامية التي لم تعد تفهم!



العربية الفصحى هي نشأة الأبنودي، حيث روى كيف تعلم النحو واللغة على يد والده الذي نظم ألفية في النحو، وبردة على نسق بردة البوصيري، لكن قال أن الكتابة بالفصحى تتطلب أحيانا التواضع وترك بعض شعراء الفصحى يمارسون دورهم، وفي النهاية ''نحن عباد الفصحى والساعين لدوامها''.



وكان الأبنودي قد أحيا أمسيته الشعرية الأولى في المركز الثقافي الملكي ضمن أسبوع الثقافة المصري الذي نظمته وزارة الثقافة بالتعاون مع السفارة المصرية بعمان، بحضور كبير وقصائد مميزة.