اقتصاديون: عام اقتصادي ثقيل .. ومطالب بإيجاد حلول سريعة لمعالجة ملف البطالة
مر العام الماضي على الأردن بالعديد من التحديات الاقتصادية، لعل أبرزها ارتفاع في نسب البطالة والفقر، بالتزامن مع معالجة العديد من القطاعات التجارية والاقتصادية والصناعية، أوضاعها نظرا لتداعيات جائحة كورونا، الأمر الذي سيلمسه المواطنون خلال عامهم الجديد الذي قد يزيد من أعبائهم المالية، في ظل تآكل الأجور وتدهور الأوضاع الاقتصادية والغلاء المعيشي.
هذا الواقع تحدث عنه صندوق النقد الدولي، مشيرا في تقرير له إلى أن عام 2023 سيكون صعبا على معظم الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي تعاني فيه معظم المحركات الرئيسية للنمو العالمي، وهي الولايات المتحدة وأوروبا والصين، من ضعف نشاطها الاقتصادي، موضحا أن العام الجديد سيكون "أصعب من العام الذي نتركه خلفنا".
ويرجع الصندوق ذلك إلى أن الاقتصادات الرئيسية الثلاثة، وهي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، تتباطأ جميعها في وقت واحد.
وكان صندوق النقد الدولي قد خفض من توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال 2023، في شهر تشرين الأول الماضي، بمقدار 0.2 نقطة مئوية إلى 2.7 %، مقابل توقعات سابقة في شهر تموز الماضي بنمو الاقتصاد العالمي خلال 2023 بنسبة 2.9%.
محللون في الشأن الاقتصادي يعتبرون أن الملف الاقتصادي، يعد من أبرز التحديات أمام الحكومة، في وقت يصل فيه عجز الموازنة الكلي ما نسبته 2.3 مليار دينار.
ورغم مخرجات لجنة تحديث المنظومة الاقتصادية، إلا أن الحكومة ستجد صعوبة في تطبيق الخطة التنفيذية التي وضعتها للخطة الاقتصادية، أو في الالتزام بها. وقد لاحظ الاقتصاديون أن الموازنة بنيت على توقعات نمو لا تتجاوز 2,7%، بينما دفعت خطة التحديث نحو معدل نمو 5% في العام الحالي، الأمر الذي لم تجده الحكومة، ولا نسبة كبيرة من الاقتصاديين، واقعيا منطقيا، وفق مقال للكاتب محمد أبو رمان.
نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور جواد العناني يؤكد لـ "عمان نت" أن أبرز تحد يواجه الأردن اقتصاديا هو ارتفاع نسب البطالة، مشيرا الى ان هناك العديد من الأسر تعاني أبنائها الحاصلين على شهادات أكاديمية من البطالة.
وفق أرقام دائرة الإحصاءات العامة، بلغ معدل البطالة خلال الربع الثاني من العام الماضي 22.6%، وبلغ معدل البطالة للذكور 20.7%، مقابل 29.4% للإناث.
معالجة هذه الاشكالية بحسب العناني، تتطلب توليد فرص عمل ضمن دخول معقولة للعاطلين لتمكن من توفير احتياجاتهم، الأمر الذي قد يساهم بالتقليل من حالة الركود الاقتصادي خلال العام الحالي.
"قلة الإنفاق الحكومي على الاستهلاك وهو مجموع ما ينفقه كافة أفراد المجتمع من النقود على شراء السلع والخدمات الاستھلاكیة، بالإضافة الى قلة الإنفاق الاستثماري وهو الإنفاق على السلع الرأسمالية الثابتة مثل المصانع والآلات، يعد مؤشرا لفقدان المزيد من الوظائف، وتراجع عملية الإنتاج التي ستؤدي حتما الى المزيد من حالة الركود"، بحسب العناني.
الخبير الاقتصادي المهندس موسى الساكت يشير الى أنه رغم زيادة الاستثمارات الأجنبية خلال العام الماضي بنسب بسيطة، إلا أنه في ذات الوقت يوجد تراجع ملحوظ لعدد من المحال التجارية والصناعية، مرجعا ذلك بسبب التضخم الذي ارتفع من 1% الى ما يقارب 4% ما بعد جائحة كورونا.
وصل عدد اغلاقات المحال التجارية لقطاع المطاعم ما يقارب 4 آلاف مطعم خلال جائحة كورونا، بحسب نقيب أصحاب المطاعم ومحلات الحلويات، عمر العواد، مشيرا إلى أن القطاع شهد إغلاقات بالجملة، ومن المتوقع أن يواجه القطاع موجة أخرى من الإغلاق.
ويعتبر الساكت بأن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا، ووجود الحرب الروسية الأوكرانية، بالاضافة إلى التراجع الكبير في نسب النمو الاقتصادي في أوروبا، القت جميعها بظلالها على زيادة نسب التضخم محليا وتأثر الأردن بشكل مباشر، لاعتماده على استيراد المنتجات من الدول الأوروبية بدرجة كبيرة.
ومن الحلول التي يقترحها الساكت تقديم تسهيلات بنكية بفوائد منخفضة للمشاريع الانتاجية، بالاضافة الى تنفيذ خطة اقتصادية طموحة ، تنعكس هذه الرؤية على الاقتصاد، بحيث تصل نسب النمو إلى أكثر من 5%، تساهم بتنشيط القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتخفيف الأعباء الاقتصادية على المشتقات النفطية، وتقديم تسهيلات لكلف النقل لتحفيز الاقتصاد، وغير ذلك سيزيد من حالة الركود والتضخم، وسينعكس حتما على كافة مكونات المجتمع، المواطن، والمؤسسات الاقتصادية المختلفة.
ورغم هذه التحديات يرى خبراء أن هناك أوراق متعددة في جيب الحكومة اقتصاديا، بخاصة المشروعات الكبرى، كالعاصمة الجديدة وخط سكة الحديد بين العقبة ومعان ومشروعات أخرى، لكن ذلك يعتمد على القدرة على تأمين النفقات المطلوبة، ووضع الخطط وانعكاس ذلك على الإنتاج والتصدير والاستثمار.
ولا يتوقع الاقتصاديون حلولا جذرية لارتفاع معدلات البطالة المرهقة للمجتمع، التي وصلت إلى مستويات قياسية، لدى جيل الشباب، وأصبحت مصدر التهديد الرئيس داخليا، لما لها من تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية.