اغتيال الناس بدون ذنب
نشرت صحيفة "العرب اليوم" في الرابع والعشرين من الشهر الماضي ملخص استطلاع رأي أجراه "مركز استراتيجيا" لحساب برنامج "تدعيم الإعلام، ايريكس" الممول من الوكالة الأميركية للتنمية.
هذه الدراسة أظهرت ان موقع "عمان نت" احتل المرتبة الأولى من بين المواقع الإخبارية التي يتصفحها، ليس مستخدمو الانترنت في الاردن، بل من يتابعون الأخبار على الشبكة وخلال الثلاثين يوما السابقة على خروج نتائج الدراسة.
كانت نفس الدراسة قد اجريت العام الماضي وأظهرت ان "إذاعة عمان نت " او "راديو البلد" تكاد لا تسمع في الاردن.
بغض النظر عن نتائج الدراستين، ما ان نشرت "العرب اليوم" ملخص الدراسة حتى ثارت ثائرة اغلب محرري المواقع الالكترونية.
لم يعمد أي من هؤلاء الى انتظار النتائج النهائية التي اعلنت لاحقا في مؤتمر صحفي، لم يكلف احدا نفسه عبء مناقشة "المنهجية" التي اتبعتها الدراسة. وفوق كل ذلك تحمل موقع "عمان نت" ومديره السيد داود كتّاب نتائج حملة شرسة طالته شخصيا.
حملة استهدفت "شخصيته"، من نوع الحملات التي شهدتها المواقع الالكترونية وتابعها مستخدمو الانترنت مؤخرا.
على أي حال، فإن "الشخصنة" واغتيال الناس والتعرض لهم باتت سمات مميزة وخاصة في الكثير من المواقع الالكترونية، والشواهد كثيرة، مثلا:
- تعرض احد المواقع لشخصية مدير عام صحيفة محلية كبرى واتهامه بالفساد بدون أي دليل سوى تعارض المصالح بين صاحب الموقع، الذي هو كاتب عمود في هذه الصحيفة والمدير "المغتال".
- مهاجمة المدير الإداري لصحيفة يومية كبيرة بدون أي إثباتات والغمز واللمز من قناته وذلك لأسباب تتعلق بمصالح تجارية وطباعة صحف في مطبعة هذه الصحيفة.
- "الحرب" التي دارت قبل شهر بين أصحاب موقعين معروفين والاتهامات الشخصية واللغة العنصرية التي أصابت سكان قارة ونعتهم "بالزنوج" لا لسبب إلا لأن احد المواقع نشر خبرا عن نفسه يقول انه يتصدر قائمة المواقع الالكترونية حسب تصنيف "اليكسا".
- اتهام احد اكبر المثقفين الأردنيين، ومدير عام صحيفة اسبوعية معروفة، بالترويج للوطن البديل واتهامه بالتآمر على الوطن لا لشيء إلا لأنه دعا إلى مواصلة عملية الإصلاح السياسي.
لا أريد ان امضي كثيرا في تعداد الأمثلة، وهي كثيرة، وكذلك لا أريد ان اسمي الأشياء بمسمياتها فقد تعلمت درسا خلال الأيام الأخيرة ان لا أضع نفسي في فم محررين لا يتورعون عن شخصنة أي خلاف او نقد او تعليق.
لم تكتف المواقع باتهام موقع "عمان نت" بتضارب المصالح مع "ايريكس" والتلميح إلى تدخلها في نتائج الاستطلاع لـ"جلب تمويلات" خارجية، كما دعا البعض، بل عمدت إلى مهاجمة "شخص" مدير عام الإذاعة. والطعن مباشرة بوطنيته.
وقد وصل ببعض المواقع ان تعمدت كتابة الاسم الأول للسيد داود بطريقة توحي بأنه اسم يهودي، اذ كتب "داهود" وهو اسم لا تخفى دلالته على القاريء. كما ترك موقع آخر تعليقا كتب اسم السيد داود بنفس الاسم دون تعديل أو حذف، تجاوزا لميثاقه المهني، فيما سمح لنفسه شطب تعليق للكاتب المعروف باتر علي وردم لأنه عبر عن وجهة نظره بموقع "عمان نت".
قبل اشهر سنت بعض المواقع حملة "شرسة" ومبرمجة على شخص رئيس الديوان السابق باسم عوض الله، ثم ردت مواقع اخرى بحملة أشرس منها على شخصية مدير المخابرات السابق السيد محمد الذهبي. وفي كلا الحالتين لم تتورع بعض المواقع عن اتهامهما بشتى التهم، دون النظر الى سياساتهما ووجهات نظرهما، ما أدى إلى حالة احتقان واصطفاف في البلد، بالكاد خرجنا.
وقد كان الملك عبد الله الثاني انتقد بشدة ظاهرة اغتيال الشخصية، ما دفع بنقابة الصحفيين إلى جمع محرري المواقع للبحث في وضع ميثاق مهني. لكن الأمر لم يتعد نطاق الاجتماع اليتيم.
لا نبغي في هذا التقرير الدفاع عن احد، ويا ليت هجوم المواقع تركز على "ايريكس" مثلا والطلب منها تقديم كشف حساب بكل ما انجزته هذه المنظمة خلال فترة عملها في الاردن، كما فعلت احدى المواقع. وليت الهجوم تركز على الدراسة، او الطعن في مصداقيتها وفي منهجيتها، وهو الامر الذي كتب فيه "خبير امن المعلومات" رعد النشيوات فقط. لكن ما الذنب الذي اقترفته عمان نت ومديرها حتى يتم اغتياله شخصيا في الوقت الذي يدرك فيه الجميع ويعلم علم اليقين ما هي السياسية التحريرية لهذا الموقع ومدى مصداقيته وحرصه على خدمة المواطن الاردني.
لم نقرأ مرة نقدا للخط التحريري للموقع ولم نسمع مرة احدا يناقش هذا الخط. لكن ما ان ظهرت نتيجة دراسة واحدة فقط حتى فتحت أبواب الجحيم على الموقع. فهل هكذا تورد الإبل؟
عين على الاعلام











































