استنكار أردني وعالمي للدعوة إلى إحراق مصاحف في فلوريدا
أعرب الأردن اليوم عن إدانته لدعوة قس أميركي لإحراق نسخ من القرآن الكريم في ذكرى أحداث الحادي عشر من أيلول، ووصف وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال علي العايد هذه الدعوة بالمشينة وغير الاخلاقية وقال انها تشكل خرقا فاضحا لمبادئ الأديان السماوية والمثل الإنسانية والأخلاقية المتعارف عليها بين الاديان وشعوب العالم.
وقال الوزير العايد إن "هذه الدعوة المتطرفة والمدانة والمرفوضة من شانها وإن تمت أن تؤجج مشاعر الغضب والاستنكار في جميع أنحاء العالم"، مجددا موقف الأردن الذي يؤكد ضرورة احترام الآديان والمعتقدات وقبول الاخر وتعزيز الحوار ونبذ التطرف والفرقة، وأضاف "نها مبادئ وجوهر رسالة الإسلام السمحة إلى الإنسانية جمعاء والتي عبرت عنها رسالة عمان التي اطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني في مثل هذه الايام المباركة من عام 2004."
وتواجه دعوة القس تيري جونز تيارا عالميا متزايدا من الرفض وعلى مختلف المستويات الدينية والأممية والسياسية
فقد أكد البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن، أن المجموعة التي تدعي أنها "كنيسة" وتحمل اسم "دوف وورلد اوتريتش سنتر"، والتي تنوي حرق 200 نسخة من القرآن، هي مجموعة خارجة عن تعاليم الديانة المسيحية.
وأعلن رئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط، ورئيس مجلس رؤوساء الكنائس في الأردن، عن استنكاره لمثل هذا المخطط معتبرا إياه جرما كريها وفتنة متناقدة كل التناقد مع تعاليم السيد المسيح ومع الفضائل والقيم التي تُعلمها الكنيسة بالإضافة إلى كونها مخالفة للموروث الأمريكي في احترام العقائد، وتضرب بعرض الحائط ما ورد في المواثيق الدولية ولوائح حقوق الإنسان ذات الاختصاص.
وأضاف بطريرك القدس أن الكنيسة الأم تدين جميع محاولات الاعتداء أو الإساءة لأية من الديانات الإبراهيمية السماوية وتدعو جميع أحرار العالم إلى اتخاذ مواقف صارمة ضد مشعلي الفتن وأصحاب مشاريع الكراهية والعنصرية في جميع بقاع الأرض.
وطالب ثيوفيلوس الثالث باسم مسيحيي الشرق أن تتخذ السلطات الأمريكية إجراءات عملية لمنع عملية إحراق نسخ من القرآن الكريم وأن يتم تناول قضية الاساءة للمعتقدات الدينية بشكل عام على مستوى الأمم المتحدة ضمن برنامج تعاوني بين دول العالم للقضاء على مثل هذه الأعمال المنافية لتعاليم الديانات السماوية، كما أكد على ضرورة تطوير حوار الأديان بين الشرق من مسلمين و مسيحيين من جهة والغرب من جهة أخرى.
وقد أعلنت الفاتيكان رفضها لهذه الدعوة، والتي وصفتها بأنها تتضمن "إهانة خطيرة" للمسلمين في كل أنحاء العالم، ونقل ردايو الفاتيكان عنالبابا بندكتس السادس عشر قوله إن "غياب التسامح والعنف لا يمكن أن يبررا، كجواب على الانتهاكات والتعديات، لأنهما لا يتوافقان والمبادئ المقدسة للدين."
وقال المجلس البابوي للحوار بين الأديان، في بيان الأربعاء، إنه تلقى بـ"قلق بالغ" المقترح الذي تقدم به القس الإنجيلي تيري جونز، راعي كنيسة "دوف وورلد أوتريتش" في غاينسفيل بفلوريدا، بشأن "إحراق نسخ من القرآن الكريم"، في ذكرى "الاعتداءات الإرهابية، التي أودت بحياة أبرياء كثيرين."
وجاء في البيان: "أمام أعمال العنف لا يمكن أن يضع أحد كتاباً مقدساً من قبل جماعة دينية موضع جدل، لأن لكل ديانة، ولكل كتاب مقدس، ومكان عبادة، ورمز ديني، الحق في أن يكون محترماً ومحمياً.. إنه احترام وليد كرامة الأشخاص!"
وتابع البيان أن "ذكرى الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) تجدد فينا مشاعر التضامن مع ضحايا تلك الاعتداءات الإرهابية الشنيعة، وتضاف إلى هذه المشاعر صلواتنا من أجل الضحايا، وعلى المسؤولين الدينيين والمؤمنين أن يجددوا تنديدهم بكل أشكال العنف، وخصوصاً العنف المرتكب باسم الدين."
وعلى صعيد الأمم المتحدة، صرح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن أي ديانة في العالم لا يمكن أن تسمح بحرق القرآن، مؤكدا أنه "قلق للغاية " إزاء تقارير مفادها أن مجموعة دينية تعتزم أن تحرق نسخا من القرآن السبت المقبل في الذكرى التاسعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية ضد الولايات المتحدة، وأضاف أن حرق نسخ من القرآن "يتعارض مع الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والكثير من الأشخاص في جميع أنحاء العالم لتشجيع التسامح والتفاهم بين الثقافات والاحترام المتبادل بين الثقافات والأديان".
أما على الصعيد الداخلي الأمريكي، فقد حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم الخميس من إحراق مصاحف القرآن الكريم داعيا رؤساء الكنيسة في فلوريدا التراجع عن نيتهم، مشيرا إلى أن إحراق مصاحف من القرآن قد يعرض القوات الأميركية للخطر وقد يؤدي إلى اندلاع موجة عنف خطيرة في أماكن مثل أفغانستان وباكستان.
وناشد أوباما رؤساء الكنيسة المذكورة التراجع عن نيتهم معتبرا أن إحراق مصاحف من القرآن يتناقض تماما والقيم الأميركية التي تقوم على التسامح الديني وحرية العبادة.
كما أدانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في وقت سابق، الخطط المتعلقة بإحراق نسخ من القرآن، وقالت: "إنني أشد على الإدانة الواضحة والصريحة لهذا العمل الشائن والمخزي، الذي أصدره زعماء الطوائف الدينية الأمريكيين، والعلمانيين وصانعو الرأي."
وقد جاء تنديد وزيرة الخارجية الأمريكية بالخطة، أثناء استضافتها لحفل إفطار للمسلمين بالعاصمة واشنطن، بعد يوم من تحذيرات أصدرها أعلى قائد عسكري أمريكي في أفغانستان، الجنرال ديفيد بيتريوس، جاء فيها أن المخطط "قد يعرض الجنود الأمريكيين في الخارج للخطر."
وفي مواجهة هذا التيارالرافض على جميع الأصعدة السياسية والدينية، أعلن تيري جونز، القس الذي يرأس مجموعة تضم 50 من رجال الدين الإنجليين في مركز "دوف وورلد اوتريتش"، في جينسفيل بولاية فلوريدا، رفضه للمطالب القوية التي تدعو إلى إلغاء ما أسموه "اليوم العالمي لحرق القرآن" المقرر السبت المقبل، وأكد في تصريحات يوم الأربعاء أنه "حتى هذه اللحظة، ليس لدينا أية نية لإلغاء المخطط".