استقبال الأسرة الأردنية لرمضان.. بين الاستعداد والتبذير
تتوجه الأسر الأردنية إلى الأسواق استعدادا لاستقبال شهر رمضان، حيث يتزايد الطلب على المنتجات الغذائية والمعلبات والعصائر خلال الشهر الكريم، وتسعى الأسرة لشراء كافة الاحتيجات قبل دخول الشهر وأحيانا أكثر من اللازم.
أم سيف ربة منزل تؤكد أن شهر رمضان شهر عبادة لكنه "لا يحلو" دون وجود مائدة منوعة الأصناف الغذائية خصوصا وأن العائلة بأكملها تجتمع وقت الإفطار على مائدة واحدة حسب وصفها.
واستعدادا لهذه المائدة قامت أم سيف بشراء الأساسيات كالأرز والسكر والزيت والمعلبات واللحوم والدجاج السمن البلدي والبهارات، إضافة إلى الخضار والفواكه التي قامت بتفريزها وتخزينها كي لا تواجه أي نقص في رمضان.
وتقلل أم سيف من كمية الطبخة الرئيسية كي لا تتكرر في اليوم التالي لكنها تقوم بتحضير أطباق مساندة كالمقبلات والسلطات والشوربات "وكل هذه الأطباق تحتاج لشراء مستلزماتها منذ وقت".
محمد الأسدي الذي تتكون أسرته من 9 أشخاص، يقوم بشراء مستلزمات الشهر من طعام وشراب قبل الشهر بفترة طويلة وعلى مراحل تجنباً للازدحام الشديد الذي يحصل في الأسواق مع اقتراب الشهر.
ويعمل الأسدي وأسرته على تحديد الوجبات التي ترغب العائلة بتناولها في أول الأيام، حيث يجهز لأول 4 أيام في رمضان كي يتجنب ازدحام السوق وارتفاع الأسعار الذي يصاحب أول أيام الشهر.
التركيز لدى عائلة الأسدي يكون على العصائر والألبان والفواكه الصيفية كالبطيخ والشمام التي قام بتخزين كميات منها.
أما أبو محمد فلا يختلف عليه الشهر فهو يكره عادة التخزين قبيل رمضان ولم يبدأ بالتحضير كونه يشتري خلال الشهر أولا بأول على حد قوله.
ويرفض أبو محمد زيادة الاستهلاك خلال شهر رمضان، ويقول "بعد الإفطار تجد الطعام ملقى عند حاويات القمامة".
صلاح العطار صاحب أسواق تموينية يتهيأ لاستقبال الزبائن بتجهيز عروض خاصة على العصائر بحجمها العائلي والأرز والسكر والسكاكر، ويقوم بشراء كميات كبيرة من المواد التموينية الأساسية التي يتزايد عليها الطلب.
ويؤكد العطار أن الزبائن تتردد عليه خلال هذه الفترة بزيادة ملحوظة لكن هذه الزيادة سرعان ما تعود لوضعها الطبيعي بعد أول أسبوع من الشهر المبارك.
الخبير الاقتصادي سليم أبو الشعر يؤكد أن زيادة الاستهلاك أمر ايجابي اقتصاديا، إذ يعني حركة في الأسواق لكن هذا السلوك يتنافى مع شهر الصيام والعبادة.
"فالمشكلة تكمن بالإسراف لا بالاستهلاك"، وفقا لأبو الشعر الذي يرى بأن معظم الصرف لدى الأسرة الأردنية يدخل في نطاق "التبذير" من خلال رصد مبالغ نقدية كبيرة للعزائم والولائم في الشهر المبارك.
أبو الشعر يؤكد أن رب الأسرة في رمضان يقوم بالاقتراض والصرف بشكل كبير بداية الشهر لكنه يتفاجأ في نهاية الشهر بنفاد المدخرات سريعاً "لذا على الأسرة أن تفهم أن رمضان شهر تقشفي".
دكتورة علم الاجتماع في جامعة اليرموك رانيا جبر ترى أن الأسرة الأردنية بطبعها مستهلكة لكن البعض يتهافت في رمضان على توفير الاحتياجات بشكل مستهجن "وكأن البلد مقدمة على مجاعة".
وتضيف جبر أن الاحتفال بشهر رمضان هو الدافع وراء زيادة الطلب على المواد التموينية لكن الوضع الاقتصادي العام يتناقض مع "هجوم" الأسر على الشراء والتخزين.
كما تلعب العادات والتقاليد دورا رئيسا في زيادة الاستهلاك حيث تقوم بعض الأسر الأردنية بالادخار رمضان كي يتسنى لها القيم بواجباتها الاجتماعية تجاه الأقارب والعائلة من باب صلة الرحم مما يشكل ضغوطاً كبيرة على الأسر ذات الدخل المحدود "مما يضطر بعض الأسر للاعتذار عن حضورالعزائم".
فيما يسعى البعض الآخر لـ "يبيض وجهه" أمام الضيوف ولإثبات الكرم وهذا يضيف عبأً ماديا إضافيا، بحسب جبر.
وتنصح جبر رب الأسرة بالاكتفاء بصنف واحد من الطعام ومساندته بقليل من المقبلات من باب الاقتصاد الذي يهذب النفس في شهر العبادة الذي يحتم الشعور مع الأسر الفقيرة وعدم الإسراف على حد قولها.
يذكر أن دراسة ميدانية أعدتها جمعية حماية المستهلك، أظهرت أن الأسر ذات الدخل 500 دينار فأقل تعاني عجزاً في ميزانياتها يبلغ 28%، فيما لا تعاني الأسر التي يتراوح دخلها الشهري ما بين 500 إلى أقل من 2000 دينار من أي عجز.