استراتيجكس: كيف تتخلص الأحزاب السياسية الأردنية من الضغوط المفروضة عليها؟
تواجه الأحزاب السياسية الأردنية ضغوطاً ذاتية ومجتمعية مع اقتراب الموعد المقرر لإجراء الانتخابات النيابية في 10 سبتمبر 2024، والتي تُمثل مشاركتها بها ركيزة أساسية ومرحلة متقدمة في مسار الإصلاح والتحديث السياسي في البلاد، لما لها من انعكاسات على السلوك الانتخابي والعمل البرلماني والأداء الحكومي المستقبلي، ويأتي هذا الدور بعد عقود من مساعي الإصلاح التدريجية منذ صياغة الأجندة الوطنية عام 2005 ثُمّ لجنة الحوار الوطني عام 2011. إذ تُشير البيانات الرسمية أن 36 حزباً يشارك في الانتخابات من أصل 38؛ تتنافس فيما بينها على (41) من المقاعد المخصصة لها في مجلس النواب الأردني القادم، ومن خلال تحليل المشهد الحزبي والانتخابي العام في الأردن نلاحظ أن هناك تنافساً على استقطاب الناخبين وتضخيم الأعداد بين الأحزاب سواء الجديدة أو التقليدية، في محاولة لإثبات قُدراتها ومؤهلاتها للانخراط في أدوار مستقبلية على الساحة السياسية الأردنية، ما يفرض عليها ضغوطاً تدفعها لتقديم نفسها باعتبارها أحزاباً ناضجة وذات برامج متكاملة وقواعد راسخة وهياكل مؤسسية، وبالرغم من إيجابية ذلك؛ إلا أنه قد يأتي على حساب قضايا أكثر أهمية؛ مثل شرعيتها والمُتوقع منها خلال المرحلة الأولى، وضرورة عدم رفع سقف تلك التوقعات الشعبية والرسمية بشأنها، وذلك بالنظر إلى امكانياتها وأدواتها المتاحة والمقاعد المخصصة لها في المجلس العشرين، ما يعني أنها بحاجة إلى إعادة ترتيب أولوياتها لتتناسب مع متطلبات المرحلة، والتركيز على فكرة البناء التدريجي للوصول إلى تجربة حزبية أكثر تماسكاً عند وصول نسبة المقاعد المخصصة لها إلى 65% في مجلس النواب الثاني والعشرون.
الأحزاب الأردنية والبحث عن التمايز والصدارة والفرص
وضعت مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي شُكلت في العام 2021، دوراً رئيساً ومحورياً للأحزاب في الحياة السياسية وفي التطلعات المستقبلية للممارسة السياسية في البلاد، فقد شُكلت لجنتان فرعيتان من أصل ست لجان؛ لدراسة قانوني الأحزاب والانتخابات، ولجنة فرعية ثالثة للتعديلات الدستورية، لتأطير ما يتناسب من مخرجات اللجنتين مع الدستور الأردني، لا سيما في سياق تعزيز استقلالية الأحزاب وتحقيق الفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. وفي عام 2022، تم إقرار قانون الأحزاب رقم (7) وقانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4)، وهذا الأخير يأتي ضمن مسار مُتدرج من ثلاث مراحل تبدأ الأولى بتخصيص (30%) من مقاعد مجلس النواب للأحزاب، وصولاً إلى (65%) من مقاعد المجلس في المرحلة الثالثة بعد عشر سنوات.
وتكتسب الانتخابات النيابية الراهنة أهميتها بكونها الخطوة الأولى في مسار التحديث السياسي في البلاد، والذي يأتي استكمالاً لحزمة مُشتركة من الإصلاحات تشمل رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام، وفي جميع تلك المسارات، اتبعت الدولة أسلوباً مُتدرجاً يراعي الاعتبارات والضرورات المرحلية، وبما يُحقق التناسب بين المخرجات ومعطيات البيئة المتأثرة به. لكن في حالة التحديث السياسي وعلى العكس من المسارين الآخرين (الاقتصادي والإداري)، فهو أكثر تركيباً وتعقيداً، حيث انتقل تطبيقه من الإدارة المُباشرة للدولة والحكومة إلى الممارسة الشعبية السياسية، ما يرفع من المسؤولية الواقعة على عاتق الأحزاب بوصفها المؤسسات المناط بها تجويد تلك الممارسة، وعكس نتائجها على مُستوى الدولة.
وباعتبار أن العديد من الأحزاب الفاعلة والنشطة في الساحة السياسية إما جديدة تنقصها الخبرة أو تقليدية تحتاج مراجعات جوهرية، فذلك يفرض عليها دراسة دقيقة لممارساتها ووعودها وبرامجها وخطابها، حتى لا تنعكس أخطاؤها على الممارسة الشعبية، ومن ثُم على مسار التحديث بشكل عام.
ومن أهم المسائل الواقعة على عاتق الأحزاب هي البحث عن التمايز عن القوائم المحلية أولاً، والتي من المُحتمل ألا يطالها تغيير عن الانتخابات السابقة لا في الحملات الانتخابية ولا في تفضيلات الناخبين، بالرغم من أن دمج الدوائر وتوسيعها يدعم على المدى البعيد القوائم الحزبية الوطنية، إذ على الأحزاب أن تسعى إلى التركيز في حملاتها الدعائية والانتخابية والخطابية وأساليبها وممارستها على توضيح الفروقات ما بين القائمة المحلية والوطنية، حيث الأخيرة هي الواقعة في صميم التحديث السياسي، ونتائجها الإيجابية أو السلبية ستنعكس على الأحزاب ذاتها، وعلى نسب المشاركة في الانتخابات والعمل النيابي للمجلس العشرين. وثانياً التمايز عن التطبيقات السابقة للقوائم الوطنية، على غرار التي جاءت في قانون الانتخابات رقم (25) عام 2012، والتي منحت الناخبين صوتاً ثانياً لقائمة نسبية مغلقة على مستوى المملكة، والتي خُصص لها حينذاك (27) مقعد في مجلس النواب، مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات التشريعية والقانونية بين التجربتين، وضرورة انعكاس تلك الاختلافات على الممارسات أيضاً، إذ أن القوائم العامة التي كان بعضها حزبياً، لم يكن من اهتماماتها الرئيسة إنشاء قواعد شعبية أو الالتفات إلى المسائل الشعبية ومستويات الرضا، بقدر ما ركزت على إيصال نائب أو أكثر من قوائهما إلى مجلس النواب، باعتبارها تجربة قابلة للتغيير، على العكس من التجربة الحالية الأكثر استراتيجية في نظر الدولة.
تحديد الأهداف المرحلية وترشيد البرامج الحزبية
يعتبر تحديد الأهداف بالنسبة للأحزاب الأردنية والعمل ضمنها، مسألة رئيسة في إطار العمل الحزبي ومتطلباته، ومن شأنها أن تخفف من الضغوط والأعباء المفروضة على الأحزاب، وتُقلل من جهدها لإثبات ذاتها، وتوضح المسار المُفترض أن تمضي نحوه، وتعفيها من طرح برامج ووعود قد تُساءل عنها شعبياً في مرحلة لاحقة.
حيث يمكن توضيح أهداف المرحلة الأولى بشكل خاص، وتلك الضرورية للانتقال إلى المرحلتين الثانية والثالثة من خلال:
أولاً: بناء مرحلي لبرامج حزبية واقعية تتناسب مع التطور التدريجي في هياكل الأحزاب، ومقدراتها وأدواتها وأدوارها.
بالرغم من أن الأحزاب الأردنية لا تتخذ من برامجها أداة رئيسة في حملاتها الانتخابية، إلا أنها تستعرضها بكثافة في البرامج التلفزيونية والمناظرات والبودكاست، ومن أبرز الإشكاليات المتعلقة بتلك الظاهرة، أن البرامج تدمج القضايا الكبيرة مثل معدلات البطالة والمديونية والعجز المالي ومشاكل النظام الضريبي وقضايا الاستثمار وتحديات القطاع الخاص، وغيرها من القضايا في نقاشات الأحزاب، في حين أن المرحلة لا تمنح الأحزاب القُدرة على الإيفاء بما تُقدمه من حلول ووعود وتصورات، إذ يُحتمل أن يتوزع الـ(41) مقعداً على 5-6 أحزاب، ما يعني أن عدداً منها لن ينال حتى الحد الأدنى من النواب المسموح لهم اقتراح مشاريع القوانين أو طلبات الاستجواب أو سحب الثقة. وحتى إذا ما تحالفت تلك الأحزاب مع نواب الكُتل المحلية فإن ذلك سيبقى تحالفاً مؤقتاً تحت قبة البرلمان، ولا ينطبق على عضو الكُتلة ما ينطبق على عضو الحزب، فالأول حاز على مقعده فردياً أما الثاني فناله بدعم من الحزب.
من جهة أخرى؛ جاءت العديد من البرامج الحزبية بشكل إطار نظري، إذ تنفصل تلك البرامج عن حقيقة أن العديد من القضايا والمسائل التي تناقشها تُحاط بالتعقيد والحساسية لكثرة الفاعلين فيها من مؤسسات الدولة والحكومة والاتفاقيات الدولية واتفاقيات صندوق النقد الدولي، ولا تتطابق مع واقع العمل العام واهتمامات الدولة الراهنة، حيث لم تتناسب البرامج أو تُبنى وفق رؤية التحديث الاقتصادي أو خارطة تحديث القطاع العام.
ثانياً: المساهمة الفعالة في رفع نسبة المشاركة في الانتخابات.
يعتبر رفع نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية الأردنية أحد الأهداف الرئيسة للتحديث السياسي، في ضوء تدني تلك النسبة في الانتخابات السابقة، حيث بلغ متوسط نسب الاقتراع في دورات الانتخابات الثلاث الماضية حوالي 32%، ويتطلب رفع تلك النسبة ممارسات حزبية مُتخصصة لهذا الغرض، تضع في اعتبارها كثافة الاشتباك وتوجيه خطاب مدروس لشرائح معينة من المجتمع، والتي يُمكن لتحفيزها أن ينعكس إيجابياً على المشاركة، إلى جانب مجموعة من الممارسات الداخلية في الأحزاب للاستفادة من منتسبيها ومحيطهم.
وبهذا الصدد؛ يُقترح على الأحزاب تكثيف حملاتها ونشاطاتها غير التقليدية في محافظات عمان واربد والزرقاء، حيث المحافظات الثلاث تلك تضم الكثافة السكانية الأكبر في المملكة، وغالباً ما تكون نسب المشاركة بها مُتدنية مقارنة بالمحافظات الأخرى، ومسؤولية تحفيز وتشجيع هذه المناطق على المشاركة تقع على الأحزاب، باعتبار أن قوائمها وطنية، ولديها القُدرة على النشاط في مختلف محافظات المملكة، ومن المفترض أنها تمتلك الملاءة المالية التي تمكنها من الدخول في حملات دعائية مُكثفة في تلك المحافظات مقارنة بالقوائم المحلية محدودة النطاق والانتشار، مع ضرورة تنويع الحملات الدعائية لتشمل استطلاعات رأي وندوات ومؤتمرات وورشات عمل تُنظمها في تلك المحافظات، والقيام بحملات تطوعية وميدانية في مختلف محافظات ومناطق المملكة.
من جهة أخرى؛ من المفيد التركيز على الناخبين المؤهلين للمرة الأولى، والذين يبلغ تعدادهم حوالي 590 ألف، وبنسبة تُقارب 12% من مجموع من يحق لهم الانتخاب، ومشاركة هذه الفئة الشابة لها أهميتها في استقطابهم كأعضاء للأحزاب، وضمان المشاركة المتكررة لهم في الانتخابات، وتفادي عزوفهم، لانعكاس ذلك على نسب المشاركة في المستقبل. ومن أجل استقطاب هذه الفئة، فإن على الأحزاب تنظيم حملات انتخابية خاصة بالشباب من خلال تعزيز الظهور الإعلامي لكوادرها الشابة، ورُبما توظيف منصات التواصل الاجتماعي والفاعلين فيها، إذ أن استجابة هذه الكتلة التصويتية للخطاب النخبوي والبرامج الحزبية والقضايا الكبيرة ضمنها قد تكون ضعيفة وخارج اهتماماتها.
من جهة أخرى، هناك ضرورة للاستفادة من منتسبي الأحزاب الذين تجاوزت أعدادهم 88 ألفاً، وبنسبة 2% تقريباً ممن يحق لهم الاقتراع، وهؤلاء يُشكلون كُتلة تصويتية في الانتخابات ورئيسة في جذب شرائح مجتمعية أوسع للمشاركة، لكن ذلك كان يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند الأحزاب في لحظة اختيارهم للقائمة الحزبية التي ستخوض بها الانتخابات، حيث من المفترض مشاركتهم بالتصويت أو التنسيب لأعضاء القائمة الحزبية، في حين تُشير المعلومات أن أغلب الأحزاب قد اختارت قوائمها في مداولات محدودة بقيادات الحزب، واستثنت منها الأعضاء الآخرين الذين يُشكلون العدد الأكبر والكتلة التصويتية الأهم للحزب. مع ذلك قد تكون العديد من الأحزاب ضمت هذا العدد من المنتسبين لغايات استكمال شروط قانون الأحزاب، الذي يشترط وجود ألف عضو مؤسس في الحزب لتسجيله، وهو ما يعني أن 38 ألف من أصل 88 ألفاً انضموا لغايات اكتمال الأعضاء المؤسسين للأحزاب.
ثالثاً: تجديد الوجوه والنخب والشخصيات السياسية والنيابية، من خلال تأهيل قيادات جديدة وفاعلة.
في الواقع، لا تتطلب المرحلة الحالية أن تكون الأحزاب برامجية تماماً، وذلك لا يعني توجهها للشعبوية أو الأيديولوجية، بقدر ما تتعزز تجربتها بكونها أحزاباً شعبية قادرة على قراءة الشارع والانسجام معه، ليس في إطار برامج نظرية، أو برامج يُمكن نقدها والإشارة إلى العديد من القضايا الرئيسة الغائبة عن محتواها، بل بالنشاط في قضايا ومجالات أكثر تخصصية ودقة، ومن خلال العمل على تحسين الممارسات السياسية والمساهمة في معالجة ظاهرة العزوف عن الانتخابات، وتصويب العمل النيابي الذي يُعاني من تدني في مستويات الرضا عنه.
ومن ضمن المقترحات، تنويع الأحزاب في ظهورها الإعلامي وحملاتها الانتخابية، وعدم الاكتفاء بالشخصيات التقليدية سواء رجال الدولة منهم أو الوزراء والنواب السابقين، أو من الشخصيات الحزبية التقليدية، حيث يُلاحظ أن هؤلاء هم من يتصدرون المشهد الحزبي والإعلامي مؤخراً، مما انعكس على قُدرة الأحزاب في الانخراط في الشارع أو التأثير فيه أو استقطاب الشباب منهم، إذ يرتبط العديد منهم بالذهنية الشعبية، إما بالخطاب الحكومي الذي لا ينال ثقة واسعة في الشارع، أو بالخطاب الأيديولوجي الذي أصبح يُثير حفيظة ومخاوف العديد من المواطنين حول ارتباطاته الخارجية وأهدافه الحقيقية. ولا يعني ذلك مطالبتهم بالتواري عن المشهد، إنما عدم ظهورهم على حساب الأعضاء الآخرين في الحزب أو المرشحين أنفسهم.
مع الأخذ بعين الاعتبار:
1- أن الظهور الإعلامي لمرشحي الحزب يُميزهم عن مرشحي الكتل المحلية، ويُظهر تماسك الحزب داخلياً وسلامة هيكله المؤسسي، ويزيد من فرصه استقطاب المنتسبين له، كما يرفع من نسب المهتمين بمعرفة الحزب وبرنامجه وجدول أعماله، وهي فرص لا يُوفرها ظهور الشخصيات التقليدية التي يكاد المتابع يتوقع خطابها وأسلوبها.
2- أن الظهور الإعلامي لمنتسبي الحزب غير المرشحين ومنحهم حرية التصرف والخطاب، يعكس القوة الفكرية للحزب، والتوافق السياسي بين أعضائه، ويوفر المساحة للشباب لتسويق فكر الحزب ضمن فئتهم العمرية، وبخلاف ذلك فإن عضوية هذه الفئة ستصبح بحكم المجمدة، أو قد تنسحب من الحزب بانتهاء الانتخابات.
3- توفير المساحة للأحزاب وأعضاءها لتقديم المحتوى المكتوب -الذي يُلحظ أنه يُناهز الصفر- سواء من دراسات أو مقالات أو مدونات، وتعتبر هذه وسيلة بالغة الأهمية والفعالية في تناقل أفكار الحزب وزيادة تأثيره.
ويُضاف هنا، مسألة مهمة بالرغم من حساسيتها، تتعلق بالظرف الإقليمي الذي يُرافق الانتخابات، وتحديداً الحرب في قطاع غزة، والتصعيد في الضفة الغربية، وبالرغم من أن قرار إجراء الانتخابات دلالة على قدرة الأردن على إدارة شأنه الداخلي بالرغم من كل الظروف المحيطة وحصانته من التأثر بالظروف الإقليمية منذ عقود، لكن ذلك لا يُغفل احتمالات تأثير الحرب على الممارسة الانتخابية من جهتين؛ الأولى: تأثيرها على توجهات الناخبين، خاصة في ضوء محاولة أحزاب أيديولوجية استغلال حالة الحرب لتحريك المواطنين وتعزيز فرصها في زيادة مقاعدها النيابية. وثانياً: احتمالات انعكاسها على نسبة المشاركة في الانتخابات، إذ سبق أن أُجريت الانتخابات النيابية الأردنية عام 2020 متجاوزة المخاوف المرتبطة بجائحة كوفيد-19، إلا أن ذلك لم يمنع انعكاسها على نسب المشاركة التي بلغت أدنى مستوى لها عند 29%.
رابعاً: أولوية تجويد العمل النيابي قبل النظر صوب الحكومة الحزبية
إن أهم ما يُمكن أن تقدمه الأحزاب خلال المرحلة الأولى من التحديث السياسي، هو رفع مستوى العمل النيابي وتجويده، ولعل قدرتها على عكس الصورة السلبية لدى المواطنين عن مجلس النواب سيكون الإنجاز الأبرز لها في المجلس العشرين. وتسليط الضوء على هذا الهدف يجب أن يكون ركيزة أساسية في الحملات الانتخابية للأحزاب الأردنية، إذ عليها إظهار التغيرات المُتوقعة في المشهد النيابي عند مشاركتها، إذ خلال المجلس التاسع عشر، تم فصل نائبين وتجميد عضوية نائبين آخرين، وقد مَثُل اثنين منهما أمام محكمة أمن الدولة، أحدهما بتهمة الإساءة لجلالة الملك والمجتمع، والآخر بتهمة تهريب الأسلحة. ومنافع ذلك لا تقتصر على المقارنة بين المجلس قبل الأحزاب وبعدها، بل أيضاً في تعزيز فرص الأحزاب الجديدة، مُقارنة بالأحزاب التقليدية التي كانت جزءًا من تلك المشاهد وفاعلة في بعضها.
وفي هذا السياق، على الأحزاب أن تأخذ بعين الاعتبار:
1- تنويع طروحات الحزب وخطاباته بما يتناسب مع تطلعات الشارع، وألا يكون الخطاب الحزبي جامداً أو تقليدياً، وأن يعتمد على متابعة الرأي العام والعمل على تأطير ذلك الرأي في مجلس النواب، إذ تعتبر هذه واحدة من أبرز وظائف الأحزاب باعتبارها هيئة تُمثل تطلعات المواطنين وأفكارهم وتضعها على جدول أعمال مجلس النواب.
2- على الأحزاب القيام بدور توعوي وتثقيفي في إدارة التوجهات النيابية، وأن تتضمن أقسام الحزب الداخلية قسماً متخصصاً في إجراء الدراسات والبحوث واستطلاعات الرأي لقياس رأي الشارع والاستفادة من مخرجات ذلك النشاط في دورها النيابي.
وأخيراً؛ توفر التجربة الحالية في الأردن بما تبقى من أيام قبيل الانتخابات، والمساحة المتاحة لعمل الأحزاب خلالها، نافذة لها للانطلاق والبناء التراكمي للخبرة، وترشيد حملاتها الانتخابية وبرامجها بما يتوافق مع متطلبات كل مرحلة، والحفاظ على أدوارها في الشارع وتقوية قواعدها الانتخابية، وتبني ممارسات مختلفة عن القوائم المحلية.