ازمة البورصات: الصحافة ادت واجبها ولكن...!
يقول المحلل الاقتصادي لصحيفة "العرب اليوم"، سلامة الدرعاوي عن ازمة "افلاس شركات البورصات المحلية المتعاملة مع الاسواق المالية العالمية"، ان: "الحكومات السابقة في الأردن قصَّرت في التعامل مع هذه الظاهرة، حتى تعاظمت المشكلة وبلغت هذا الحجم". أذا كانت الحكومات قصّرت فعلا، وهي كذلك، فماذا كان دور الاعلام خاصة الصحف اليومية التي تمتلك ملاحق اقتصادية يومية.
اوقع عدد من المواطنيين الذين اودت شركات "توظيف الاموال" بمدخراتهم اللوم على الاعلام الذي اتهم بالتقصير في التحذير من هذه الشركات.
لكن اذا كان انهيار الشركات المحلية المتعاملة مع البورصات العالمية مفاجئا، وجاء متزامنا مع ازمات اقتصادية يمر بها الاقتصاد الاميركي، الا ان الاعلام المحلي كان قد حذر اكثر من مرة من خطورة هذه الشركات، من ناحية، وفي ذات الوقت اسهم في دفع المواطن الى التعامل معها.
يقول الكاتب جميل النمري في صحيفة "الغد"، (20/9/2008):" في ندوة عن الاعلام في السلط قبل يومين اتهم بعض الحضور الاعلام بالتقصير في موضوع تجارة البورصات". ويؤكد النمري انه يرفض هذا الرأي، موافقا زمليه الكاتب فهد الفانك الذي كان كتب في "الرأي"، (19/9/2008)، قائلا :" الحكومة حذرت ، ومراقب الشركات لم يقصر ، والصحافة قامت بالواجب ، فقد نشرت (الرأي) في هذه الزاوية خلال الشـهور الخمسـة الأخيرة ثلاثة أعمدة تحذير صريحة صيغت بعبارات قاسية لدرجة وصف من يتعاملون مع تلك الشركات بأنهم مغفلون ، وكتب فهد الخيطان في(العرب اليوم) ، وجميل النمري في (الغد) ، وكتب غيرهم ، ولكن الطمع ضر ما نفع ، فلم يتعظ أحد ممن أعماهم الطمع والشراهة.".
ويقول المحلل الاقتصادي لصحيفة "الدستور" خالد الزبيدي:" "اشارات تحذير اطلقتها وسائل الاعلام المحلي منذ اشهر لمخاطر اقتصادية اجتماعية جراء تفشي ظاهرة ما يسمى التعامل في البورصات والاسواق العالمية ، حتى وصلت العدوى الى صغار الموظفين والمزارعين ، وتفاقمت هذه الظاهرة وشملت اطياف اقتصادية واجتماعية عديدة.." خالد الزبيدي، الدستور 9/9/2008.
وقبل ذلك كتب عيسى الشعيبي في نفس الصحيفة (5/8/2008):" حفلت الصحافة المحلية على مدى الأسابيع القليلة الماضية ، بطائفة متنوعة من الآراء والتعليقات المتفاوتة الجدية ، حول انتشار ظاهرة المضاربة في البورصات العالمية بين فئات وشرائح إجتماعية جديدة ، حيث ذهبت معظم هذه التعليقات إلى استحضار عدد من حالات الإحتيال والغش السابقة هنا وفي بعض الدول العربية...".
كما كتب الدرعاوي في "العرب اليوم"، (10/6/2008)، قائلا :"احدثت مكاتب التداول في البورصات العالمية المنتشرة في الاردن والتي يزيد عددها على الف، مشكلة اقتصادية واجتماعية كبيرة، بعد ان وصلت قيمة القضايا المرفوعة امام المحاكم الى اكثر من 100 مليون دينار، وهي تهدد بحدوث ازمة مالية كبرى في المجتمع ان لم يتم تداركها."
وكتب ابراهيم سيف في الدستور، 24/3/2008، مقالا بعنوان " أوهام الربح السريع"، قائلا: ..."ما يدفعنا للحديث عن الأزمة العالمية هو الاندفاعة الكبيرة لصغار المودعين والمستثمرين محليا والذين يتسابقون لوضع مدخراتهم في البورصات العالمية والمضاربة بأدوات مالية معقدة ، والغريب أن مكاتب توظيف الأموال تنتشر في الأردن بسرعة قياسية ، ولا يحتاج الأمر سوى الى مكتب صغير ، بعض شاشات الحاسوب وامكانية الدخول الى مواقع المتاجرة ، وهناك طريقتان ، الاتجار المباشر ، أو العمل من خلال الوسطاء ، والأسلوب الثاني هو الأخطر ، حيث يقوم البعض بوضع مبالغ مالية لدى بعض من يدعون معرفتهم بالأسواق المالية لتحقيق العوائد.".
اما من الناحية التقنية فقد كتب اكثر من محلل اقتصادي عن تقينات التعامل مع البورصات العالمية منهم المحلل عصام قضماني الذي كتب اكثر من مقالة عن تقنيات "الفوركس" او التعامل عبر الانترنت في زاويته بصحيفة "الرأي"، محذرا من جهل هذه التقنيات على المتعاملين.
كان هذا مجرد مرور على بعض المقالات التي حذرت من فوضى شركات البورصا. لكن الامر لدى الصحافة تعدى ذلك فقد تابعت في تقارير ومقابلات ولقاءات وتحليلات خطورة الوضع وحذرت بشدة لدرجة تقترب من التنبؤ بما حصل فعلا.
ورد في صحيفة "الدستور"، "اكد مصدر مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة وجود قرابة 200 شركة في دائرة مراقبة الشركات للتعامل مع الاسواق والبورصات العالمية ولكنها لا تحمل ترخيصا رسميا بمزاولة اعمالها لعدم وجود مظلة تشريعية لترخيصها." "الدستور 4/6/2008.
على شاكلة تقرير الدستور فقد نشرت الصحف عشرات التقارير الاخرى قبل الازمة باشهر، هذه بعض عناوين التقارير، على سبيل المثال:
- الرواشده يطلب من الشركات المتعاملة بالأسواق العالمية تصويب أوضاعها.
- "مراقبة الشركات" تمنح الشركات المتعاملة مع أسواق المال العالمية شهرا لتصويب أوضاعها.
- قرار وشيك بشطب الشركات المتعاملة مع البورصات العالمية.
- 200 شركة تتعامل مع الأسواق والبورصات العالمية لا تحمل تراخيص.
- عدم جدوى الرواتب يدفع شباب اربد للاستثمار في شركات البورصات.
- مطالبة بتطبيق قانون "غسيل الاموال" بحق شركات البورصة العالمية.
المهم، من الممكن متابعة عشرات المقالات والتحليلات التي كتبت في التحذير من "شركات توظيف الاموال"، كما وصفها الفانك، واغلب الاعتقاد السائد لدى المراقبين ان تحذيرات الصحافة هي التي حمّت الحكومة على سن تشريع ناظم لعمل هذه الشركات
الصحافة التي اعتبرت انها ادت دورها في التنبيه والتحذير من مخاطر شركات البورصة سارعت الى "اتهام" الحكومة الحالية والحكومات السابقة بالتقاعس في تنظيم عم هذه الشركات.
يقول الكاتب فهد الخيطان في العرب اليوم، 9/9/2008، تساهلت الحكومة فوقعت الازمة، لكن الخيطان يحمل الاعلام الرسمي مسؤولية الترويج لهذه الشركات، قائلا:
"اعتقد ان الاعلام الرسمي وعلى وجه الخصوص التلفزيون الاردني ساهم في تفاقم المشكلة. فبينما كانت الصحف تكتب محذرة المواطنين من المغامرة في وضع مدخراتهم في أيد غير امينة, كان التلفزيون يبث مقابلات ترويجية مدفوعة الاجر مع اصحاب تلك المكاتب في البرامج الاكثر مشاهدة, وقدم صاحب احد المكاتب نفسه في احدى المقابلات بأنه واحد من فرسان التغيير في الاردن ووصفته مقدمة البرنامج بأنه مثال للشباب المتميز والناجح.
وقد تدخل رئيس الوزراء شخصياً لمنع نشر اخر مقابلة قبل ايام من اقرار قانون البورصة.
ظهور مثل هذه المقابلات على شاشة التلفزيون الرسمي عزز ثقة المواطنين بخياراتهم ودفع بالمئات الى الاعتقاد بان نشاط تلك الشركات قانوني ومرخص ومأمون ما دام التلفزيون الاردني يروج له بهذا الشكل. فماذا كانت النتيجة؟".
لكن يبقى جانب اخر من الصورة وهو الاعلانات الكثيرة التي كانت تنشرها الصحف لشركات البورصات هذه والتي اسهمت في الترويج لها وادت الى زيادة الاقبال عليها.
هذا الجانب، اي الاعلانات، بقي دائما بدون اي اشراف حقيقي واو "ميثاق شرف" اعلاني او بدون اي تنسيق مع جمعيات حماية المستهلك ما يضمن حماية حق المواطن باعلان موثوق.
على اي حال، فان الصحافة كانت ادت دورها قبل انهيار شركات البورصات. وقد تابعت هذا الدور بشكل اكثر كثافة بعد الانهيار. وقد نشرت الصحف الاربع الرئيسية مئات الاخبار والتقارير والمقابلات حول الموضوع. بيد ان هذا الجانب جاء من باب تحصيل الحاصل.











































