اخرس يا "شعبوي"!!

الآن، وفي حال الإفلاس العام في البلاد، وانكشاف العبث الممنهج في المؤسسات الدستورية كلها، وثبوت الرؤية أنّ وراء كل "إصلاح" مقاولة، وخلف كل "مشروع تنموي" سمسرة، يتهمون كلّ أردني يطالبُ بحقه وحريته بـ"الشعبوية"، وهُم بما هُم عليه "لا قراية ولا كتابة". لا يعرفونَ المصدرَ والنسبة، ودائماً يرسبونَ في حصة التعبير، فالمعيارُ هو الإملاءُ في بلادٍ، وقفت مع دولتها في ربيع العرب، فمدَّت لها إصبعها الوسطى، أوانَ الخريف.

النسبةُ إلى الشعب. والمقصودُ ازدراؤهُ وإهانتهُ حينَ ينحازُ الصحافيون والكتّاب والمثقفون والناشطون إلى قهره وجوعه، وإلى أنفسهم، فالمطلوب أنْ نتركهم "يضحكون" علينا، كالعادة. المطلوبُ أنْ نصمتَ ونخافَ. ثمةَ مَن يُراهنُ على صمتنا وخوفنا، لئلا نكونَ "شعبويين" وأصحاب ولاءات أجنبية (لاحظوا مَن يتهمنا بالولاء الخارجي)!.

شعبويون، حين نقفُ مع المعلمة ابتسام التي تتقاضى 220 ديناراً، و "من شهرين بتستلم 117". وهم يريدون أنْ يحضروا شركةً، لها مقاول محلي من عصبة الاحتكار المتحدة، لكي تُدرِّب ابتسام على أساليب فنلندا في التعليم، ليحصلوا هم على أضعاف راتبها. وتسعيرةُ التدريب على "الراس"، مثلما يُصرفُ العَلفُ والنخالة ع "الرأس". ليتضحَ الفرقُ بينَ الوطنِ والمزرعة.

"شعبوي" و"شعبويون". ليش؟. خير إن شاء الله. لم نتصور في فيديوهات ونحنُ "نتكرَّمُ" على أهل بير البيطار، وخشيبة، وجحفية، والبقعة، بمعلبات وبطانيات، ولم يبث لنا "يسعد صباحك" و"المملكة" برامج عن مكرماتنا على الأردنيين من أموالهم، أو أنني غلطان وشعبوي. أقسمُ أنني سمعتُ "ڤيديو" لمدير أمن عام، يتهم رفاقه في السلاح من المتقاعدين العسكريين بأنهم "شعبويون"، وأصحاب ولاءات خارجية، لأنهم انحازوا لبلادهم!.

خلاصة أولى: كلنا يريدُ لعياله وبناته تعليماً أفضل من فنلندا وكندا، لعلهم ينافسونكم على بيدرنا الذي لم "تطقوا فيه عوداً واحداً"...إلا أنْ تأتي سيدةٌ تحمل حقيبة "Hermes" لتحاضر على مريم في مدرسة بئرخداد (قريتي)، عن إصلاح التعليم، وأهملُ حقيبة من Hermes، بأعلى من راتب مريم وعواطف وغيث وناصر حتى التقاعد.

خلاصة ثانية: اطلقوا سراح المعلمين المعتقلين كلهم. ومَنْ تضامن معهم، فالرائحة وصلت إلى "أرلينغتون" و"مكلين" و"بنسلفانيا أفينو" في واشنطن دي سي. كلُّ ما تظنونه مخفياً نعرفه تماماً، ولكننا نريدُ بلادنا!.

خلاصة ثالثة: لَن تحتملوا كلفةَ ما يحدثُ. لقد احتملنا عسكرَ العصملي، وقد كانَ يعلفُ خيله قمحاً من موارسنا، ويطبخُ شياهنا بسمننا، ونحن جوعى. وكان ما كان. وقلنا، هذه بلادنا، وهذه أقدارها، فاشكروا الله على ما أنتم فيه من نعمة، وكونوا ممتنين لها ولنا، كما يليق، وأرجو أنْ تختبروا حاسةَ الشمّ لديكم، قبل فوات الأوان.

———

بير البيطار، وخشيبة، وجحفية، والبقعة، وبئرخداد: أجزاء من بلادنا، تزدحم بالفقر والقهر، وبكاميرات شركات الـPR، لتوثيق المكرمات، وللفوترة.

ابتسام ومريم، مثل سليمان وفلاح؛ يريدونهم سويسريين، وهم يتعاملون معهم كصوماليين. إي والله.

"لم تطقوا عوداً واحداً"، أي أنكم لم تحصدوا مرةً واحدة، ولم تعرفوا الشاعوب والفاروح والتبن والشرقية والوثر والفدان (آسف لصعوبة اللهجة).

أما شركة Hermès العالمية للحقائب الأنيقة، فيصل سعر الحبّة منها إلى أكثر من 60 ألف دولار (حسب معرفتي).. وهذا غير (التواصي).. وليس لها فروع في أم النعام والحصن ودلاغة وقرى بني حميدة كافة، وأعلن مديرها التنفيذي مؤخراً أنهم لن يفتحوا لها فرعاً في قريتي بئرخداد، رغم مطالبات الرفايعة المتكررة.

أضف تعليقك