ابتزاز بلوتوث الحب

الرابط المختصر

بعض الموضوعات مرهقة نفسيا حين تكتبها وحين تقرأها ، ومنها هذا الموضوع الذي يكتبني اليوم ، أكثر مما أنا أكتبه، أثرت قبل أيام مشكلة الرسائل التي ترد عبر الهواتف الخلوية ، طالبة من المشتركين الاتصال بأرقام معينة للتعرف على شباب وبنات ، لإجراء محادثات وتواصل الله وحده يعلم إلى أين يصل ، ويبدو أن هذا الموضوع أثار شجونا عميقة لدى بعض القراء ، فأرسل لي بعضهم مداخلات عن قضية أشد خطورة ، تتعلق بما يجري بين شباب وفتيات من علاقات معينة ، تتطور إلى حد مريع من "التواصل،"...

تبدأ القصة هكذا: أنا أحبك ، أنا كمان ، وتبدأ رحلة طويلة من المغازلة ، والمغازلة المضادة ، تأخذ في البداية طابعا رومانسيا ، الولد يرتدي ثوب العاشق الولهان ، الذي يخطط للارتباط بفتاة الأحلام ، ولكن بعد الانتهاء من الدراسة ، وإيجاد عمل مناسب ، والبنت تعتقد أنها عثرت أخيرا على فارسها الذي كانت تحلم به ، ليبدآ رحلة مشتركة ملؤها السعادة والنظافة ، وتكوين أسرة ، وإنجاب أولاد وبنات ، هذا هو الشكل الخارجي للمشهد ، لكن في الداخل ثمة شيء آخر: الولد يرسم على البنت ، أو بالتعبير الدارج "بزبطها ،"لغاية في نفسه ، خاصة إذا كانت من أسرة مقتدرة ، وهو كحيان خبزه كفاف يومه ، بالنسبة للبنت (الضحية البريئة،) يبدو أنها تأخذ المسألة على محمل الجد في غالب الأمر ، إنه مشروع زواج واستقرار ، في أحيان أخرى تدرك أنها برسم التزبيط ، ولكنها تتعامى عن هذا الواقع ، لأنها هي أيضا تخطط لتزبيط شريكها ، سعيا وراء متعة ، أو اكتشاف عالم مجهول ، طالما سمعت عنه من رفيقات السوء ، وما يلبث التواصل أن يتطور أكثر ، خاصة حينما تكون الظروف مهيأة ، بعيدا عن عيون الأهل ، في سكن داخلي أو ما شابه ، وفي لحظة حاسمة يبدأ استثمار الحب ، وتوظيفه لابتزاز رخيص من قبل الولد ، يسأل: هل تحبينني؟ فتجيب البنت: طبعا؟ هل تثقين بي؟ ويكون الجواب: أكيد، وشيئا فشيئا تنمو دراما الابتزاز ، وتصل إلى حد أن تسلم البنت نفسها للولد ، فهو زوج المستقبل ، وشريك العمر(،) ولا بأس في الأثناء قبل الوصول إلى مرحلة تقنين العلاقة من بعض "الدفعات على حساب" الزواج المأمول ، في أحيان أخرى تكون الدفعات أكثر مما يجب ، وهنا يتحول الولد إلى ذئب بشري ، يتآمر على حمل وديع لالتهامه ، والفتك به ، وفصفصة عظامه ، أما الترجمة العملية لهذا الفتك والتنكيل والفصفصة ، فهو أن يقوم الفارس الشهم بتصوير محبوبته وهي في أوضاع خادشة للحياء ، وربما مزرية ، ثم يبدأ بمساومة الضحية: إدفعي أو فضحتك ، وشغلت البلوتوث اللعين ، ووزعت صورك وأفلامك على عباد الله ، وهنا تكتشف الضحية أن الحب مجرد فيلم محروق ، وأنها كانت طيلة الوقت تستدرج للوقوع في الخطيئة ، والخيارات المتاحة أمامها الآن في غاية الضيق ، فهي إن أخبرت أهلها سال الدم للركب ، وإن اشتكت وقعت الفضيحة ، وإن سكتت وخضعت للابتزاز الرخيص ، لن يكتفي شريكها لا بدينار ولا بألف ، خاصة حينما تكون ابنة أحد الأثرياء ، ويبدو أن مثل هذه الحوادث قد وقعت فعلا ، والعالمون ببواطن الأمور يعرفون أن الشباب والبنات يتداولون أفلام بلوتوث من هذا القبيل، قد نغمض عيوننا عن مثل هذا الواقع البائس ، وقد نتذرع بأن هذه الدراما المريعة لم تأخذ شكل الظاهرة ، ولكن هذه دعوة حارة للصحفيين النابهين كي يقوموا بتحقيق استقصائي ليكتشفوا بأنفسهم مدى تغلغلها في مجتمعنا ، خاصة منذ نحو سنتين ، حينما أصبح البلوتوث متاحا على جميع الهواتف الخلوية المتاولة،