إلزامية العضوية مشكلة تواجه نقابة الصحفيين
فيما تجري مناقشة مجريات جلسة انتخاب مجلس نقابة الصحفيين الاردنية من الضروري التوقف ودور وتشكيلة الهيئة العامة لهذه المؤسسة المخولة بتمثيل والدفاع عن الصحفيين.
حسب القانون فإن نقابة الصحفيين هي المؤسسة الوحيدة المخولة بتمثيل، والدفاع عن، الصحفيين. كما ينص القانون أنه لا يحق لاي شخص اعتبار نفسه صحفيا إلا إذا كان عضوا في هذه النقابة، وغير ذلك فإنه يعتبر منتحلا شخصية الصحفي.
لجنة الاجندة الوطنية التي عينها جلالة الملك والتي حظيت توصياتها بثقة جلالته والحكومة اعتبرت إلزامية العضوية أمرا غير مناسب. ففي عصر العولمة وباعتبارات حرية الانسان لم يعد مقبولا فرض او الزام الصحفي أن يكون عضوا بهذه النقابة الوحيدة، كما كان الحال مع نقابات الاتحاد السوفيتي.
وجاء البند الرابع عشر من توصيات الاجندة الوطنية بضرورة أن "تلغى إلزامية العضوية للصحفيين في نقابة الصحفيين الاردنيين إنسجاماً مع المادة العشرين من الاعلان العالمي لحقوق الانسان."
الغاء الزامية العضوية لا يعني غياب النقابات بل يعني زيادة عدد النقابات في المجال الاعلامي. المهم هو حرية الصحفي بإختيار النقابة التي تدافع عن حقوقة بصورة طوعية، الامر الذي لابد انه سينعش العمل النقابي، حيث ستضطر النقابة للعمل على حماية حقوق أعضائها من اجل استمراريتها وجذب الصحفيين للإنضمام لها.
لا تزال نقابة الصحفيين الحالية مغلقة أمام العاملين في الصحافة الالكترونية، وكذلك العاملين في إذاعات خاصة ، إضافة لعدم قبول مراسلي الفضائيات او الصحفيين العاملين لدى وسائل إعلام اجنيية.
من ناحية أخرى، وفي المجال النقابي البحت، هناك سؤال هام حول تضارب المصالح داخل النقابة. فعلى سبيل المثال كيف يمكن لعضو الهيئة العامة الحصول على حقوقه النقابية إذا كان النقيب مدير عاما لصحيفته أو في موقع اداري عالي يجعل من الصعب على هذا الصحفي وضع نفسه في تناقض مع اصحاب مؤسسته الاعلامية.
يقول البعض ان الصحافة مهنة مثل الهندسة أو الطب أو القانون ويجب تنظيمها من خلال أعضائها. ولكن الامر ليس بهذه السهولة. الحقيقة ان الاعلام هو عمل تجاري يحدد اصحابه من يحق لهم العمل فيه، وذلك بناء على عدة معايير أهمها رأي الجمهور المستهلك لسلعة الاعلام. هذا لا يعني انه لايوجد دور للتنظيم الذاتي للعمل الصحفي ولكن من الخطورة أن يتم ذلك من خلال قانون يشرعه نواب لغالبيتهم موقف مسبق من الاعلام. وإذا نظرنا حولنا فسنجد ان الزامية عضوية نقابة الصحفيين أمرا غير موجود عالميا. فبعض الدول العربية وغالبية الدول الأخرى تسمح بإقامة أكثر من نقابة وتعطي الصحفي حرية الاختيار بين اكثر من نقابة أو العمل دون عضوية أي نقابة. كما يشجع إتحاد الصحفيين الدولي ومقره بلجيكا إلغاء الزامية العضوية.
الغاء الزامية العضوية سيزيد من قدرة الاسرة الصحفية الدفاع عن العاملين في مهنة المتاعب ويقلل من قدرة الجهات الحكومية وغيرها من التفرد بالصحفي. فعضو النقابة الحالية لا يتجاوب مع دعوات نقابته لانه مجبر وليس مخير بعضويته. ومن هذا المنطلق من المفروض ان تكون نقابة الصحفيين نفسها أول من يؤيد الغاء الزامية العضوية لان النقابة ستزداد قوة عندما يكون أعضاؤها مشاركون فيها عن قناعة وليس بفرض تشريعي.
ما يزيد من غرابة النموذج الاردني كون العمل الصحفي أصبح أوسع مما كان عليه سابقا. فهناك صحفيون في مجال الاقتصاد والرياضة والشباب والمرأة والبيئة وغيرها. أضف الى ذلك ما أصبح يسمى بصحافة المواطن، والتي قد تشمل اي مواطن يرغب بالعمل الصحفي بصورة إضافية لعمله الطبيعي.
إضافة لضرورة الغاء الالتزام في عضوية النقابة الواحدة وفتح المجال لعدة نقابات هناك ضرورة لتنظيم وضع المؤسسات الاعلامية المستقلة، من صحف وإذاعات ومواقع اخبارية الكترونية. فهناك تحديات ادارية ومالية وقانونية تتطلب توحيد هذا القطاع التجاري الهام، فهل يعقل ان المقاولين او اصحاب موزعي الغاز او شركات الاعلانات لهم منظمات توحدهم في حين لا يوجد أي جسم يوحد اصحاب الصحف والاذاعات.
قد نكون أمة تتصعب العمل الجماعي وقبول فكرة التنظيم الذاتي لمهنة متشعبة مثل الصحافة. إلا اننا في عصر الانفتاح والعولمة مضطرون للمحاولة وعدم قبول استمرار الوضع الراهن.
· مدير عام راديو البلد وموقع عمان نت. استاذ إعلام ضيف في جامعة برنستون الامريكية.