إقبال كبير على الاستثمار بالبورصة

الرابط المختصر

ليست مبالغة ابدا تسمية مكاتب تشغيل الاموال في البورصة بانها مكاتب تحقيق الاحلام ، ففي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الناس مع موجات الغلاء المتعاقبة ، وفي ظل البطالة المتزايدة التي يرزح تحت نيرها الشباب الاردني كانت هذه المكاتب بالنسبة لجميع هؤلاء الحبل الذي ينتشلهم من الفقر وقلة الحيلة امام متطلبات الحياة المتزايدة ،

فبالنسبة لمن يرون انفسهم في قاع المجتمع يعتبر التفكير بالجدوى ومقدار المخاطرة ترفا زائدا عن الحاجة ، وفلسفة لا تحتملها صدور ضيقتها قلة الحيلة ، وقصر ذات اليد عن طلب المعاش الكريم ، ولعل الحكومة كانت تعي هذا كله عندما قامت بإقرار قانون تنظيم العمل في البورصة العالمية ، وحسب تقديرات لمسؤولين حكوميين تتجاوز اموال المستثمرين في هذه الاسواق المليار دينار اردني ، ممايجعلنا نؤكد على ضرورة ان تمتلك الحكومة كافة الادوات القانونية والفنية لتنظيم ومراقبة عمل هذه المكاتب ضمن اعلى درجات المسؤولية ، حيث يجمع الخبراء على ان الارباح الكبيرة التي تدعي هذه المكاتب تحقيقها هي ارباح غير واقعية ومبالغ بها ، مما يعني ان وراء الأكمة ما وراءها من نهب لاموال المودعين ، وان ما نراه ونسمعه عن توزيع لارباح بارقام فلكية هو مجرد استدراج وعملية تسمين لاموال المودعين مخطط لها لأجل ، نخشى ان يكون قريبا ، هذا بالاضافة لما يقال انه حتى في حال المتاجرة الحقيقة في الاسواق العالمية فأن نسب المخاطرة ترتفع فيها إلى مستويات عالية جدا باعتبار ان عائدها كبيرا مما يجعل التعامل فيها يصعب على اهل الدراية والاختصاص ، فما بالنا بمن يمتطون صهوة هذه التجارة بعد دورة لمدة اسبوعين فقط .
حل لمشكلة الفقر
محمد عبد الرزاق الفاعوري ، احد المستثمرين في شركات تشغيل الاموال في البورصة ، قال ان غالبية من يستثمر في هذه الشركات هم من شريحة الموظفين ، فمن عدة سنوات وهذه الشركات تعمل في الاردن وتساهم بحل مشكلة الفقر التي تتفاقم بسبب الاحوال الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الناس ، لذا فما دامت هذه الشركات تعمل تحت نظر الحكومة فبالتاكيد انه لو كان هناك بها مشكلة لتدخلت الحكومة على الفور واوقفتها ، لذا فان استمرارها وزيادة اقبال الناس عليها يؤكد ان الحكومة تدرك ان هذه الشركات تخدم الاقتصاد الاردني .
اما محمد يوسف القرعان ، فقد رحب بقيام الحكومة باصدار القانون الخاص بتنظيم عمل هذه الشركات حتى يتم ضمان حقوق الناس ، وقال القرعان ان من اهم اسباب اقتناع الناس بهذه الشركات هو وجود شخصيات معروفة وبارزة في المجتمع الاردني تعمل مع هذه الشركات او تجيز عملها وتدعمه وتحض الناس على الاقبال عليه ، ويؤكد القرعان ان استمرار هذه الشركات كل هذا الوقت امام اعين الحكومة دون ان تقوم الحكومة بأي اجراء لوقفها او اغلاقها اكد لجميع الناس ان هذه الشركات هي شركات مأمونة ومحترمة لذا فالاقبال عليها قد ازداد من جميع الشرائح .
عبد الفتاح ابو دية ، موظف حكومي استثمر بمبلغ عشرة الاف دينار اردني ، هذا بالاضافة الى انه يقوم بزيادة هذا المبلغ من الارباح التي يجنيها شهريا حيث تتراوح هذه الارباح ما بين( 80 ) دينارا و( 150 ) دينارا شهريا على الالف دينار ، واضاف ابو دية ان بعض الشركات تصل نسب الارباح فيها الى( 250 ) دينارا على الالف دينار شهريا ، اما في معرض اجابته فيما اذا كان لديه اية مخاوف من هذه الشركات قال ابو دية ان بعض هذه الشركات يعمل منذ سنوات ولو ان عملها مخالف للقانون او ان بها شبهة نصب على المواطنين لكانت الحكومة تدخلت ، حيث انها تملك الاجهزة الاقتصادية والامنية القادرة على اكتشاف اي خلل بهذه الشركات وبتالي ما كانت سمحت لها ان تنتشر كل هذا الانتشار ، لذا فأنا متأكد من اوضاع هذه الشركات ومطمئن لسلامة الاستثمار بها .

قانون جيد ولكن
الدكتور صبري الديسي الاقتصادي والخبير المصرفي قال لا بد أن نشيد بالجهود التي بذلت لإخراج قانون تنظيم التعامل في البورصات الأجنبية إلى حيز التنفيذ.ومن خلال نظرة شمولية أولية على مواد القانون وقبل الدخول لتفاصيل بنوده يتوجب الإشارة إلى أمرين هامين:
- هنالك فئة كبيرة في المجتمع ممن يسعوا للكسب السريع والسهل يقومون بدفع أموالهم لجهات توهمهم بأرباح فلكية مغرية عن طريق المتاجرة المحلية أو الأجنبية و( بكل شيء) ، وكنت أتمنى بداية أن يشمل القانون تجريم قبول الودائع والقيام بأعمال التأمين وأعمال صناديق التوفير لغير الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المرخص لهم بممارسة تلك الأعمال.
- إن بعض المغرر بهم يتم ايهامهم بإدارة محافظ مالية مشتركة على شكل جماعي (Pool)ويتم تزويدهم بكشوفات حسابات وهمية بنتائج مالية مربحة سرعان ما تتبخر تلك الأرباح مع رؤوس الأموال المدفوعة وهو ما كنت اتمنى إضافته إلى ما تم ذكره أعلاه من ممارسات غير قانونية نأمل العمل على تجريمها وتغليظ العقوبة على مرتكبيها.
- ضرورة شمول شركات التمويل العاملة حالياً بمظلة القانون حتى لا تلجأ تلك الشركات لاستقطاب ودائع من العملاء تحت مسمّيات محاسبية متنوعة .
- نعتقد بضرورة استبدال كلمة "لجنة" بدائرة أسوة بدائرة مراقبة الشركات وتعديل ما يلزم من فقرات تباعاً لذلك.
أما بخصوص الملاحظات الأولية على المواد ، فنعتقد ما يلي:
أ - المادة (3) الفقرة (3) عدم استثناء أي بنك أجنبي أو شركة مالية أجنبية وإنما في حال رغبتها بالعمل بالمملكة ، تطبّق عليها الشروط الواجب تطبيقها على كافة الشركات المستحدثة بالمملكة.
ب - المادة (8) ضرورة أن تنص على إنشاء لجنة تحكيم على مستوى قانوني وعملي وتطبيقي مميز لفض المنازعات التي قد تنشأ بين الشركات التي سيتم ترخيصها وعملائها ، نظراً للتقنية المتخصصة بهذه التعاملات.
جـ - المادة (8) ـ الفقرة (10) ضرورة أن يتم تحديد معيار الاستعارة ملحقاً بها بأجر أو بدون أجر.
د - المادة (9) نعتقد بضرورة أن تكون الاجتماعات مرتين في الشهر وليس مرة كل شهرين أو أن يفسح التشريع مجالاً لعقد الاجتماعات الضرورية واللازمة لكي تنجز الدائرة مهامها.
هـ - المادة(14) لم يتم التطرق إلى خفض رأسمال الشركة وضرورة عدم تدنيه عن مبلغ أو حد معين ، وهو أمر نأمل بمعالجته.
و - المادة (15) تطرقت لموضوع منع التمويل على الهامش وهو أمر إجراءي ويأتي ضمن التعليمات ولا بد من السماح به مع ضرورة تقييده بشروط أو تعليمات شراء حقوق الخيارات بعكس المركز المالي وأمور تقنية أخرى لا مجال لذكرها هنا. وحيث أن البنوك تقوم بذلك بواقع %15 كتأمين مع حد أدنى لهامش الصيانة فلا مانع برأينا وجود ذلك مع وضع القيود المناسبة عليه.
ز - المادة (17) أن تعاد صياغة الفقرة بحيث توجب على الدائرة القيام بالتفتيش وليس قيامها به إختيارياً .
ح - أما بخصوص الرسوم والعمولات فنعتقد أن رسوم الترخيص الأوّلي معقولة أما الرسوم السنوية للتجديد فهي مرتفعة بكافة المقاييس. كما أن دفع %10 من العمولة وليس من صافي العمولة هي نسبة مرتفعة ولا يجوز مقارنتها بما تتقاضاه الهيئة ومركز الإيداع والبورصة التي لديها كلف تشغيلية مرتفعة . سيما وأن تلك الشركات ستقوم بدفع ضريبة دخل لا تقل عن %25 من صافي أرباحها.
ط - كما أن هنالك أمور متفرقة لم يتم إيضاحها بالقانون ونتمنى على الحكومة الاقتداء بقانون وتعليمات هيئة الأوراق المالية .

ارباح وهمية
صادق سعادة خبير بالتعامل بسوق العملات العالمي قال ان العناصر الالية للتجارة بسوق العملات العالمي هي :
صانع السوق : ليسوا وسطاء او مستشاري الزبائن الذين يربحون من ذلك عمولة بل على الاصح هم يشترون ويبيعون السلع للمستهلك وصانع السوق يوفردائما شقين لاقتباس الاسعار ( الشراء والبيع ) ، وبالتالي يبقى على الحياد بالنسبة للعميل ، والعلاقة بين العميل وصانع السوق مبنية بكل بساطة وبشكل اساسي على قوى العرض والطلب .
الوسيط : هو الطرف الذي يربط ما بين العميل وصانع السوق ويتقاضى عمولة من العميل مقابل توفير عدة خدمات من اهمها الدورات التدريبية والتوعية للعميل وتعريفه بنظام التداول الالكتروني ومخاطر التجارة بالاسواق العالمية وتنفيذ اوامر العميل مباشرة من بيع او شراء .
العميل : هو الطرف المقابل لصانع السوق وهو صاحب القرار بالبيع او الشراء في السوق المالي منفردا .
نظام التداول : نظام الكتروني يوفره صانع السوق للعميل لتسهيل تنفيذ الاوامر من خلاله يمكن للعميل مراقبة محفظته واسعار السلع وتنفيذ اية اوامر الكترونيا او عن طريق الوسيط .
هذه هي العناصر الاساسيه لعملية التداول السليمة باي سوق عالمي ، ولكن للاسف وبتغير المصطلحات والمعايير اصبحت العملية الآلية غير واضحة وبعيدة عن الصواب ، وظهر هناك اسلوب غريب وهو نظام المحافظ وتوزيع الارباح ( الثابتة ) من قبل بعض مكاتب الوساطة ، فظهر عدد كبيرمن صناع السوق او المدعين بانهم صناع السوق ، وعدد هائل من مكاتب الوساطة التي توزع هذه الارباح يكون معظمها خاسرا بادارة هذه المحافظ ، ويتم توزيع الارباح للاسف من رأس المال الاصلي ، وكثيرا ما نرى بعض المدعين وقد تكدست عشرات الملايين من الدنانير في ايديهم ، وغالبا ما يكون هذا المدعي شخص في مقتبل العمر لم يكمل العقد الثالث واحيانا العقد الثاني من العمر ، وفي بعض الاحيان لا يكون حاصلا على شهادة جامعية او حتى ثانوية ، والمشكلة الاكبر هي في ضمانه للارباح وبنسب تصل الى %25 من راس المال في الشهر ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، اذا كانت البنوك صاحبة الاختصاص والخبرة الاقتصادية تعطي فائدة ( سنوية ) تصل الى 5% في معظم الاحيان ، فكيف بصاحبنا هذا الشاب الذي يعد بمضاعفة راس المال في اربعة اشهر او اقل ، هنا وبخبرتي المتواضعة صاحبة الست سنوات في عملي بهذا المجال فانني احب ان اذكر المواطنين المهتمين بسياسة توزيع الارباح الثابتة ان نسبة احتمالية الربح والخسارة بين قرار البيع والشراء هي %50 ، فكيف تمكن هذا الشاب ( ان يضمن راس المال ) مع ضمان توزيع هذه النسبة المرتفعة جدا"شهريا"من الارباح مع الاخذ بالاعتبار متغيرات السوق المالي العالمي ، وخصوصا بهذه الاوقات والظروف السياسية العالمية .
اما بخصوص قرار الحكومة بتنظيم عمل هذه الشركات فاننا نرحب بهذه الخطوة وباعتماد مجموعة من القوانين والقواعد لتصحيح الية العمل بهذا المجال ، لما توفره من حماية للمواطنين ، ولكن نتمنى الاخذ بالاعتبار مكاتب الوساطة وصناع السوق الموجودين محليا"والمرخصين دوليا"بعد التأكد من هذه التراخيص ، والذين يتعاملون حسب الوصف الصحيح لهذه المصطلحات ، والتشاور واختيار اعضاء من اصحاب الخبرة الميدانية والمعرفة بهذه العناصر لوضع القوانين المناسبة والاشراف على تطبيقها لما من شأنه الارتقاء بهذه المهنه التي تحظى بمكانة رفيعة ومتقدمة في هرم الاقتصاد العالم
ذر للرماد في العيون
الخبير الاقتصادي حسام عايش ، قال ان وهم الثروة والغنى يلاحق مخيلة الناس دائما وعلى هذا الوتر يعزف البعض ممن يتاجرون باحلامهم وفي مقدمتهم تجار البورصات العالميه ، وتجار شركات توظيف الاموال ، اذ يبدو ان الرغبة بالغنى السريع والحصول على الثروة توقع كثيرين في مصيدة الاوهام وبالذات البسطاء او المغفلين او من هو في حكمهم ، ففي الواقع ان ما يدفع الكثيرين الى هذا النوع من المغامرة غير المحسوبة هى الحالة الاقتصادية السائده والرغبة بالحصول على مصادر مالية اضافية ومحاولة اللحاق بركب موجة الاستهلاك التي اتت على الاخضر واليابس ، ولتعويض خسائر في مضاربات سابقة وللحصول على عائد سهل بدون بذل اية جهود على اعتبار ان كثيرين ممن ينعمون بالحياة الرغدة في مجتمعاتنا لم يبذلوا الجهود الكبيرة للوصول الى ما هم عليه حاليا ، اذن هناك جملة اسباب تدفع الواهمين بالثروة للمغامرة لانهم في داخلهم يعلمون ان هناك شبهة في هذه الممارسات المالية وخدعة كبيرة في كيفية ادارة هذا النوع من النشاطات المريبة ، فالمواطن الاردني الذي تراجعت قدرته الشرائية وانخفض مستواه المعيشي ويعيش تحت وطاة الارتفاع المستمر في الاسعار ، يجد ان قدرته على ملاحقة التغيرات الاقتصادية وما لها من اثار اجتماعية على وضعه في المجتمع تتطلب منه المزيد من الانفاق ، والعاطل عن العمل او الذي يدخل كرقم احصائي في نسب الفقر يندفع دون حساب نحو المجهول المالي وهو يعيش حلم ثروة لا يعلم انه سيدفع ثمن عدم تقديره لعواقب اندفاعه للحصول عليها ، ورغم كثرة الحالات السابقة التي كان فيها المتاجرون باحلام الناس يوقعون ضحاياهم في شركهم وهم يلعبون نفس الاعيبهم من حيث تقديم ارباح تصل الى %20 واحيانا %25 على ما يدعون انها توظيفات مالية ، فان الكثيرين لا يتعظون من سابقيهم اذ انه من غير المعقول او المنطقي ان يستطيع صاحب اي مشروع مهما عظم شانه ان يحقق ارباحا موزعة على المساهمين تصل الى النسب المشار اليها مهما كان المشروع الذي يوظف فيه اموال الناس ، اذ ان الكلف المرتفعة والتضخم الذي يزيد معدله في بلد مثل الاردن عن %13 واسعار المحروقات التي اثرت على الاسعار بنسبة تزيد في المعدل عن %50 مع قيام البنك المركزي فيه بضبط اسعار الفائدة بما لا يزيد عن 5% تقريبا فان من المستحيل على مشغل اي مبلغ مالي ان يحقق عائدا بعد احتساب الضرائب يزيد عن %15 كمعدل عام ، ناهيك عن ان القدرة على ضبط المصاريف والتحكم بالكلف الاخرى المصاحبة لاي استثمار اصبح صعبا جدا مما يعني ان ما يوزع من عوائد انما هو نوع من ذر الرماد في العيون هدفه اعماء صاحب المال المستثمر عن معرفة الحقيقة ، وايقاعه في وهم حلم جميل سيدرك عندما يصحوا منه ان ما اعتقد انها ارباح صافية هي بعض ماله نفسه وان بقية ما استثمره قد ذهب ادراج الرياح ، ان البوصلة المنطقية لمعرفة صدقية المسثمر لاموال الناس من عدمه ليس مقدار العائد وانما واقعيته ، ولعله يمكن الاسترشاد هنا بالفوائد التي تدفعها البنوك فالبنك الذي يكون بحاجة الى سيولة يغطي فيها مركزه المكشوف امام البنك المركزي يكون مستعدا اكثر من غيره لدفع سعر فائدة اعلى على الودائع لديه ، والبنك المطمئن الى مركزه يكون سعر فائدته اكثر انضباطا ، ما نريد قوله ان من يغريك بسعر الفائدة المرتفع ( العائد المرتفع) انما لانه يواجه اوضاعا سيئة يريد تغطيتها بايهام الضحية بهذا السعر من اجل جر غيره الى هذه المحرقة المالية الخطيره ، لذا فإن المواطن الذي استدان او باع ذهب زوجته او رهن بيته او استغل مدخراته من اجل عائد مرتفع ، انما يقع ضحية من يتلاعب بحاجات الناس من جهة ويقامر بخسارة امواله من جهة ثانية ، والاهم انه لن يستطيع تعويض ما ضاع منه من جهة ثالثة ، لذلك فان على الجميع دراسة خطواتهم الاستثمارية بدقة وعدم تسرع الربح غير المأمون العواقب ، مع اهمية قيام وسائل الاعلام ومؤسسات المجتمع المدني والبنك المركزي والجهات الرقابية المختلفة بتبصير الناس باخطار ما يسمى بالبورصات العالمية غير المرخصة ، للحفاظ على اموال البسطاء ولمنع استغلال الظروف الاقتصادية السائدة ودفعها نحو الاسوأ اذ يكفي الناس ما هم فيه.
 
تحريم المضاربة بالعملات
الاستاذ في كلية الشريعة بالجامعة الاردنية الدكتور محمود السرطاوي ، قال انه قبل بيان الحكم الشرعي في المسألة موضوع البحث يحسن بيان اهم وظائف العملات ( النقود ) ثم التفريق بين المضاربة وبين الصرف ثم بيان الطريقة التي يتم فيها التعامل في البورصات العالمية في حالة المضاربة بالعملات . ذلك ان من اهم وظائف العملات ( النقود ) التي يطلق عليها الفقهاء في الشريعة الاسلامية الاثمان هي انها وحدة قياس تقاس بها الاموال الاخرى اي وسيط لتبادل الاموال ، ويشترط فيما بصلح ان يكون وسيطا لتبادل الاموال اي في وحدة القياس ان تتصف بالثبات النسبي ولانقول المطلق ، فاذا لم تتصف العملة بذلك فان الناس يهجرونها الى غيرها لان التغير يؤدي الى الاضطراب في قيمة ما يملكون من مال ويعبر الاقتصاديون عن ذلك بقولهم ان النقود مستودع لقيم الاموال وهذا يعني ان النقود ليست سلعا اعدت للبيع والشراء ، فالسلع تقصد لمنافعها والنقود تقصد لذاتها لتسهيل عملية تبادل المنافع وهذا امر متفق عليه بين فقهاء الشريعة واذا خرجت النقود عن هذه الوظيفة ادى ذلك الى اكل اموال الناس بالباطل لما يحصل من اضطراب في قيمتها ونقصان او زيادة في ماليتها مما يؤدي الى نقصان قيمة السلع التي يملكها الناس ، ان فيما سبق ذكره كاف لبيان وظيفة النقود الرئيسية والفرق بين الصرف والمضاربة بالنقود ، وان كان كل منهما يؤدي الى ربح ويصدق عليه اسم التجارة ، لكن التجارة بالسلع نفسها فيها اسلوب المضاربة وفيها اساليب اخرى غير المضاربة كالبيع مرابحة والاجارة والمشاركة فكلها تجارة ولكل منها ضوابطه والمضاربة بالسلع جائزة بشروطها التي لا مجال لذكرها هنا ، اما المضاربة بالنقود فلا تجوز لانها تؤدي الى اخراج النقود( العملات ) عن وظيفتها الاساسية ، واذا لم تؤد الى ذلك فهي صرف بشروطه المعروفة .
بقي علينا الان ان نعرف اسلوب المضاربة بالعملات في البورصات العالمية والتي تتم باسلوب الهامش او "المارجن" ، ومثاله ان يفتح العميل حسابا لدى السمسار الذي له موقع على الانترنت وله رصيد مليون دولار على سبيل المثال في البورصة العالمية ، ويضع العميل تأمينا لدى السمسار مقداره عشرة الاف دولار مثلا ، وفي المقابل يسمح السمسار للعميل بأن يتاجر في بورصة العملات العالمية ضمن هامش المليون دولار العائدة له وتحت مراقبته واشرافه ، اي يقرضه هذا المبلغ برصده في حسابه ( لدى السمسار ) ليضارب العميل به فيشتري بهذا الرصيد من العملات ما شاء وضمن التغطية التي وفرها له السمسار ، فاذا ارتفعت اسعار العملات التي اشتراها باع فيربح العميل ويعطي نسبة من الربح المتفق عليه للسمسار ، واذا بدأ العميل بالخسارة وشارف حدود العشرة الاف العائدة للعميل اوقفه السمسار حتى لاتخصم الخسارة من رصيد السمسار "المليون"في البورصة العالمية ، فيضطر هو بدوره من خصمها من العشرة آلاف العائدة للعميل.
والملاحظ في هذه العملية ان السمسار لا يسلم العميل نقودا فعلية وانما يقيدها في حسابه وهذه العملة تكون مرهونة لدى السمسار لسداد قيمة القرض ، وتكون مسجلة باسم السمسار وليس باسم العميل ، وان كان يحق للعميل التصرف بها بيعا وشراء في العملات فقط ، كما ان العميل لا يتمكن من سحب تلك النقود الا بعد تصفية جميع الالتزامات التي عليه تجاه السمسار ، وعليه فان ما قدمه العميل من نقود وهو العشرة الاف دولار تعتبر رهنا اضافيا ليضمن السمسار سلامة رأس المال الذي اقرضه للعميل ان تعرض للخسارة ، ولهذا اذا انخفضت العملات التي اشتراها العميل مثلا فان السمسار يطلب من العميل ان يبيعها فاذا استمر الانخفاض ولم يبع العميل ما عنده من العملات فيحق للسمسار بيعها واخذ ثمنها ولو لم يأذن العميل بذلك لان العملة مسجلة باسم السمسار ، فان كان من خسارة بعد ان يستوفي السمسار راس ماله كانت الخسارة في العشرة الاف دولار التي وضعها العميل ابتداءا ، ويؤخذ على هذه العملية من الناحية الشرعية:
1ان العقد صوري فالمبالغ ليست حقيقية لان السمسار لا يملك حقيقة المليون دولار الذي وضعت للعميل ، فهو مجرد التزام من السمسار امام العميل وليس نقدا حقيقة ولا يتمكن العميل من سحبه او الانتفاع به في غير المضاربة بالعملات وعليه فان السمسار اقرض العميل ما ليس عنده لانه مجرد التزام ويعلم بان المتعاملين لا يقصدون الا المضاربة بالنقد كما ان العميل يبيع ما لا يملك
2 - العمليه فيها قرض جر منفعة ، فالمبلغ المقدم من السمسار هو قرض بشرط ان يتم التعامل به مضاربة في العملات من خلاله ليستفيد السمسار عمولات البيع والشراء .
3 - ولانه قرض بفائده فالمحول يشترط على العميل انه اذا باتت النقود التي اقرضه اياها لاكثر من ليلة ولم يرد العميل القرض فانه ياخذ علية فائده مقابل المبالغ المبيتة ، وهذا لا يجوز ، وقد يقول البعض بان العميل سيلتزم برد القرض في موعده دون ان يدفع فائدة والجواب : ان الدخول في عقد يشتمل على شرط فاسد غير جائز شرعا لانه ذريعة الى الوقوع في الحرام .
4 - ان السمسار غالبا ما يتعامل مع بنوك كبرى تتعامل بالربا وتؤخذ نسبه من السمسار على المبالغ التي تم التعامل بها بيعا وشراء ، ولا شك ان هذا تعامل بالربا المحرم وان كان السمسار واسطة بينهما .
5 - ان عملية المضاربة بالنقود تسمى المعادلة الصفرية في الاقتصاد ، لانها لا تقدم للاقتصاد القومي ناتجا لانه يربح على حساب خسارة شخص اخر وهذا في الدول المتقدمة ، اما في الدول النامية فانها تؤدي الى عدم استثمار الاموال داخل الوطن واخراج العملات الاجنبية من الوطن مما يؤثر على الاقتصاد ، ويعمل على اشاعة البطالة بين الشباب .
6 - ان عمليات البورصة غالبا ما تتضمن التحايل على ذوي الدخول الصغيرة فيعطونهم جزءا من اموالهم على انها ارباح حقيقيه ، وبعد فترة يذهبون برأس المال ، ويقع الناس فريسة لهذا الخداع والتغرير ، ولو كانت هذه المضاربات مجدية حقيقة لنهجت البنوك التقليديه والاسلامية هذا الطريق سعيا وراء الربح الوفير ، ولسلك كبار التجار هذا الطريق ، ولكنه طريق مليء بالغرير والتدليس يقع فريسة فيه البسطاء من الناس .
7 - لقد ذهبت هيئة العلماء التي وضعت المعاييرالشرعيه للبنوك الاسلامية الى بيان حكم التجارة بالعملات . ووضعت من الضوابط ما يحقق المقصود الشرعي بالصرف وليس باسلوب المضاربة الذي تتعامل به البورصات العالمية وهذا يؤكد تحريم المضاربة بالعملات .