إغلاق الجسر.. سجن لأهل الضفة.. حصار خانق على 3 ملايين مواطن

الرابط المختصر

اتهمت وزارة الخارجية الفلسطينية سلطات الاحتلال الإسرائيلي بفرض حصار غير مبرر على الفلسطينيين بعد قرارها إغلاق معبر الكرامة/جسر الملك حسين/جسر اللنبي، الشريان الوحيد الذي يربط الضفة الغربية والقدس المحتلة بالعالم الخارجي، معتبرة أن الإجراء يرقى إلى مستوى العقوبة الجماعية ويحوّل الضفة إلى "سجن كبير" يقطنه أكثر من 3 ملايين فلسطيني.

وقالت الوزارة إن "الإغلاق يأتي في إطار سياسة فرض العقوبات الجماعية على المواطنين الفلسطينيين والتضييق على مقومات صمودهم وبقائهم في وطنهم، كجزء لا يتجزأ من جريمة الضم التدريجي الزاحف للضفة الغربية". وأوضحت أن ما يجري ليس مجرد إجراء أمني، بل "خطوة ممنهجة لتفتيت الجغرافيا الفلسطينية وتحويل المدن والقرى والمخيمات إلى جزر محاصرة ومحاطة بمئات الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية".

معاناة آلاف العالقين

أدى الإغلاق إلى تقطع السبل بآلاف الفلسطينيين على جانبي الجسر، بينهم نحو ألفي مسافر عالقين في الأردن، لم يتمكنوا من العودة إلى الضفة. ووسط ازدحام خانق، اضطر بعضهم للمبيت في المساجد أو في العراء نتيجة ارتفاع التكاليف وعدم السماح إلا لعدد محدود بالمرور يوميًا.

الصحافي حلمي أبو عطوان، أحد العالقين، وصف المشهد بـ"المأساوي"، قائلا إن "مئات المسافرين بينهم مرضى وكبار سن ونساء وأطفال ظلوا ساعات طويلة تحت الشمس الحارقة، فيما سُمح لثلث العدد فقط بالعبور".

ذريعة أمنية ورسالة سياسية

وجاء القرار الإسرائيلي عقب عملية نفذها مواطن أردني على الحدود قُتل فيها جنديان إسرائيليان، إلا أن صحيفة "معاريف" العبرية أكدت أن الخطوة تعكس غضب تل أبيب من الموقف الأردني الرافض لإدانة العملية. وهو ما اعتبره محللون رسالة سياسية مزدوجة موجهة لكل من السلطة الفلسطينية والأردن، مفادها أن قرار حركة الفلسطينيين يظل بيد إسرائيل وحدها.

أبعاد اقتصادية وإنسانية

لم يقتصر الإغلاق على حركة الأفراد، بل شمل أيضا الجسر التجاري لنقل البضائع، ما يهدد حجم التبادل التجاري بين الأردن وفلسطين والذي تجاوز 432 مليون دولار عام 2022. ووفق بيانات رسمية، تراجعت حركة الشاحنات من 15 ألفًا في أيلول/سبتمبر 2023 إلى 6 آلاف فقط في تشرين الأول بعد حرب غزة، كما انخفض عدد المسافرين من 19 ألفًا إلى 3 آلاف.

مركز "حريات" الحقوقي وصف القرار بأنه "انتهاك صارخ لحرية الحركة" وامتداد لسياسة العقوبات الجماعية المفروضة منذ 1967، والتي تؤثر بشكل مباشر على حقوق الفلسطينيين في العمل والتعليم والعلاج وحتى ممارسة الشعائر الدينية.

الجسر.. من معبر إلى سجن

الكاتب والصحافي داود كتّاب يؤكد أن الفلسطينيين في الضفة وغزة يعيشون في "سجن كبير يحتفظ الاحتلال بمفتاحه". ففي حين يواجه سكان غزة حصارًا خانقًا منذ 2008، يبقى معبر الكرامة هو المنفذ الوحيد لـ3.3 ملايين فلسطيني في الضفة، لكنه يدار بالكامل وفق المزاج الإسرائيلي.

ويشير كتّاب إلى أن السيطرة على المعبر تغيّرت مرارًا خلال العقود الماضية، لكنها بقيت في جوهرها بيد الاحتلال. فمنذ طرد الشرطة الفلسطينية من المعبر عام 2000 عقب اندلاع الانتفاضة الثانية، أعادت إسرائيل السيطرة المباشرة وفرضت ساعات عمل محدودة، في حين تُفتح المعابر الأخرى مع الأردن لساعات أطول. ويضيف: "خلال السنوات الأخيرة باتت إسرائيل تتحكم في فتح الجسر وإغلاقه بشكل أحادي، وأحيانًا من دون إنذار، ما يعكس أن حرية تنقل الفلسطينيين لا تزال مرهونة بالكامل بإرادة الاحتلال".

دعوات لتحرك دولي عاجل

وطالبت الخارجية الفلسطينية بعثة فلسطين في الخارج بالتحرك العاجل لدى الحكومات ومراكز صنع القرار للضغط على إسرائيل لإعادة فتح المعبر فورًا. وأكدت أن استمرار إغلاقه يهدد حياة الملايين ويضاعف من الأزمات الإنسانية والاقتصادية، داعية المجتمع الدولي إلى التدخل الحقيقي "لوقف جرائم الإبادة والتهجير والضم، وضمان حق الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة والتنقل بحرية في وطنه وإلى خارجه".