إعلاميون يشددون على ضرورة التشاركية والحوار في اي تعديلات قادمة
أعلنت الحكومة اليوم الأربعاء عن التوقف بإقرار مسودة نظام معدل لنظام رخص البث وإعادة البث الإذاعي والتلفزيوني والرسوم المستوفاة عنها وتعديلاته لسنة 2021 ، التي اقترحتها هيئة الإعلام المرئي والمسموع وأرسلتها لديوان التشريع والرأي تمهيدا لإقرارها، والاستمرار بالعمل بالأنظمة القائمة والمعمول بها لدى الهيئة.
بحسب الناطق الإعلامي باسم الحكومة صخر دودين، مشيرا إلى أن ما قامت به الحكومة بخصوص مسودة أنظمة هيئة الإعلام، هو استدراج للأراء والمقترحات بخصوصها وأكد أنه تم التحاور مع نقابة الصحفيين من خلال القائم بأعمال النقيب ينال البرماوي وعقد عدة اجتماعات لهذه الغاية حيث قدمت النقابة ملاحظات واعتراضات على بعض البنود التي كانت مقترحة للتعديل .
مشددا على اهمية الالتزام بالتشاركية والحوار مع نقابة الصحفيين حيال كل ما يهم الجسم الصحفي بما في ذلك الجانب التشريعي.
وكان الشارع الصحفي الأردني قد انتفض في الآونة الأخيرة، رافضا هذه التعديلات جملة وتفصيلا، وجاءت أبرز مطالب الشارع الصحفي إلغاء البند المتعلق برفع رسوم تجديد رخص للمطبوعات الإلكترونية، ليصبح بحسب التعديلات 500 دينار سنوياً، بعد أن كان 50 ديناراً. وإلغاء التعديلات المتعلقة بفرض الترخيص المسبق على البث الإذاعي والتلفزيوني عبر شبكة الإنترنت، كونه يشمل كل أنواع البث ومختلف التطبيقات على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث لم يرد أي نص قانوني بقضية مدة الترخيص.
وأشارت نقابة الصحفيين الأردنيين في بيان لها أمس الثلاثاء أنها سلمت أمس الأول الاثنين مذكرة إلى وزير الدولة لشؤون الإعلام تضمنت ما خلصت إليه المطالعة القانونية التي أعدها المستشار القانوني للنقابة حول تلك الانظمة والتي تعكس أيضا اعتراضات الجسم الصحفي على بعض التعديلات مشيرا الى أن هناك تجاوبا مع تلك المطالب ووصل الحوار مع الجانب الحكومي لمراحل متقدمة جدا.وأكد المجلس مجددا أهمية التنسيق مع النقابة بشأن أي تحركات بشأن الاعتراض على تلك الانظمة .وبحسب البيان فقد دعا مجلس نقابة الصحفيين الزملاء الصحفيين وخاصة في المواقع الالكترونية لوقف الاحتجاجات على التعديلات المقترحة على عدد من أنظمة الاعلام وذلك نتيجة للحوار الايجابي والتفهم الحكومي لمطالب النقابة.
بدوره، اكد مدير هيئة الإعلام طارق ابو الراغب أن مشروع نظام القانون أعلن عنه لفتح باب النقاش والأخذ بآراء جميع المعنيين حوله بما يخدم المصلحة العامة مبينا أن مطلب النقابة بسحب القانون يحتاج إلى التنسيق مع المعنيين بخصوصه. وبين ان الهيئة على استعداد للتعاون مع النقابة في مختلف المجالات بما يعود بالنفع على المشهد الإعلامي في المملكة بشكل عام لا سيما في مجال التنسيق المشترك بخصوص اجراءات التراخيص والتدريب ومقترحات تعديل التشريعات الناظمة للعمل الصحفي.
ويرى مختصون (حقوقيون وأكاديميون وصحفيون) أن التعديلات المطروحة والتي تم سحبها والتوقف عن استكمال إجراءات إقرارها، لم تتم في إطار تشاوري للخروج بصيغة تتوافق مع التشريعات الوطنية والمعايير الدولية الناظمة لحقوق الإنسان خاصة ما يتعلق منها بالحريات الصحفية والإعلامية ويجب العمل مع كافة الجهات ومراجعة أنظمة الإعلام .
وقال رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين يحيى شقيرات، لا خلاف في النقابة حول عدم قانونية التعديلات على الأنظمة وهي مخالفة واضحة للقانون، فالنسبة لرفع الرسم السنوي للمواقع الإلكترونية من 50-500دينار، ففي عام 2012م صدر قرار رقم 2لسنة 2012 عن الديوان الخاص بتفسير القوانين قال المواقع الإلكترونية لا يلزمها أي رسم وفي الـ 2017م فرضت الحكومة رسم الـ50 دينار على الموقع، ولم يتم الطعن بهذا القرار لأن الرسوم مقبولة نوعا، أما في التعديلات المقترحة الحالية فعر عشر أضعاف.
أما بخصوص نظام معدل نظام البث وإعادة البث وادخلوا تعريف البث عبر الانترنت وهذا الكلام مخالف للقانون، لأنه حكم جديد على القانون، فالنظام يأتي لتنظيم أمور موجودة في القانون، وهي مخالفة لنص قائم، وأن النظام المعدل، من يريد البث عبر الإنترنت يلزمه ترخيص لأول مرة 2500دينار وبعدها كل سنة النصف أي 1250 دينار وهذا استحداث نص على القانون.
ويذهب المحامي المختص بالتشريعات الإعلامية خالد خليفات بعكس شقير حول قانونية التعديلات، بقوله أن لا مخالفة تشريعية ولا شبهة دستورية بها، وبالنسبة لرفع رسوم تجديد الرخص فهو موجود من 2008م، والخلاف اليوم على قيمة الترخيص والحكومة لم تأتي بجديد ولا يوجد ضوابط لقيمة الترخيص، واما ما يتعلق بالبث المباشر، تحديدا الصحف الإلكترونية، فلا يوجد مخالفة قانونية بما يتعلق بتنظيم البث عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية، والمشكلة تكمن بـ كم وحجم التشريعات الناظمة للإعلام ويجب عمل مراجعة شاملة لها حتى تستقيم مع الواقع العملي والثورة التكنولوجية بما يتعلق بوسائل الإعلام. بحسب خليفات.
من جهته أكد المركز الوطني لحقوق الإنسان في بيان له نهاية الشهر الماضي أن التعديلات المقترحة تضمنت مخالفات عديدة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بحرية التعبير وحرية الانترنت، أبرزها: التوسع في تعريف البث على الانترنت، مما قد يؤدي إلى شمول أنواع البث المباشر كافة، مع ما يفرضه النظام في مثل هذه الحالة من إلزامية الترخيص. علاوةً على تعديل رسوم ترخيص المطبوعات الإلكترونية لتصل إلى خمسمائة دينار بعد أن كانت خمسين ديناراً.
وأن الأحكام المضافة بموجب مسوّدات الأنظمة هذه تشكل مساساً بصلاحية التشريع الأصيلة المنوطة بالسلطة التشريعية، وهو ما يؤدي إلى التجاوز على مقتضيات مبدأ الفصل المرن بين السلطات، بوصف هذا المبدأ ركيزة أساسية للنظام الدستوريّ الأردنيّ، بحسب بيان المركز.
وترى الصحفية ايمان المومني من وكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن التعديلات المقترحة سيئة وهناك طرق أخرى للتنظيم بعيدا عن رفع الرسوم على المواقع التي تعيل عدد كبير من الأسر، وستضعف المشهد والمحتوى الإعلامي كون المواقع الالكترونية تنشر ما لا ينشره الإعلام الرسمي ، فيما تعلق رئيس تحرير موقع أحداث اليوم الإخباري عهود محسن بأن التعديلات المقترحة ابتعدت عن جوهر التعديلات التي يحتاجها الإعلام الأردني ولم تأخذ برأي الأغلبية الإعلامية في الجسم الصحفي وستأتي بمزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير.
ويصنف الإعلام الأردني بـ "إعلام مقيد" وهي النتيجة التي توصل لها مؤشر حرية الإعلام في الأردن لعام 2020الصادر عن مركز حماية وحرية الصحفيين بعد تحليل لنتائج الإجابة على أسئلة المؤشر الذي أعده مركز حماية وحرية الصحفيين، وأثر جلسات من الحوار المعمق مع خبراء وخبيرات في ميدان الإعلام، والقانون، وحقوق الإنسان.
حيث حصل الأردن على 227.3 نقطة في مؤشر حرية الإعلام من مجموع 570 نقطة، وبهذا يمكن أن يصنف استنادا إلى معايير المؤشر بأنه "مقيد".
ويشارإلى أن مؤشر حرية الإعلام الحالي بُني بالاعتماد على خمسة متغيرات رئيسية ثابتة تؤثر بشكل كبير في المشهد والوضع الإعلامي، بالإضافة إلى متغير غير ثابت يتعلق بتأثيرات جائحة كورونا.
المتغيرات التي استقرائها المؤشر هي: البيئة السياسية، البيئة التشريعية، حق الحصول على المعلومات، الانتهاكات وحماية الصحفيين والإفلات من العقاب، استقلالية وسائل الإعلام، وحرية الإعلام في ظلِ جائحة كورونا.
وحصد مؤشر حرية الإعلام عند الإجابة على أسئلة البيئة السياسية على نتيجة "مقيدة"، وتحسن المؤشر في الإجابة على الأسئلة المرتبطة بالبيئة التشريعية ليصنفها بأنها "مقيدة جزئيا"، والفضل في هذا التقدم للضمانات الموجودة في الدستور، وحصد حق الحصول على المعلومات على درجة "مقيدة"، وعاد المؤشر في قضايا الانتهاكات وحماية الصحفيين والإفلات من العقاب لتحقيق تقدما بنتيجة "مقيدة جزئيا"، والسبب الواضح وراء هذا التحسن أن الانتهاكات الجسيمة في الأردن محدودة، وقد تراجع عددها هذا العام مقارنة بالأعوام الثلاث الماضية، ويعود المؤشر ليستقر عند "مقيدة" في الإجابة على أسئلة استقلالية الإعلام، وكذا الأمر عند مناقشة حرية الإعلام في ظل جائحة كورونا.