إضراب انترنتي مطلع أيار

الرابط المختصر

"لعيون الأردن .. ولعيون مصر.. تضامنا مع أنفسنا وأشقائنا المضربين دعونا نضرب في الأردن في الرابع من أيار".

هذا ما وصل لي ولمئات من الأردنيين المشتركين بموقع "الفيس بوك" الاجتماعي لدعوتنا لإضراب سلمي في المملكة للحد من ارتفاع الأسعار الذي تفشى بمجتمعنا كالمرض الخبيث.

والمطلوب بحسب الدعوة هو" الامتناع عن الذهاب إلى العمل وعدم الخروج من البيت قبل الساعة الحادية عشر صباحا يوم الإضراب".
 
رسالة أطلقها المنظمون للإضراب "لا تقل لن ننجح: جرب أولا ولا تخف، فزمن الخوف انتهى، والنتائج الكبيرة تبدأ من أفعال وأفكار صغيرة".
 
فهذا الإضراب السلمي والحضاري والذي دعت له مجموعة شبابية سرية لا تنتمي لأي حزب وإنما بطريقة عفوية سعت للتعبير"عن بؤس الفقراء والظلم والقهر الذي يعيشه ما يزيد على 4 ملايين أردني على الأقل بحسب الإحصائيات الرسمية".
 
وبحسب ما جاء في الدعوة والتي وصل عدد المشتركين بها لغاية إعداد التقرير 3287 مشترك، تلفت عناية المشتركين، لماهية الإضراب.. بثلاثة محاور "لماذا الإضراب:هو للفت انتباه أولي الأمر، ولماذا الإضراب فقط: لا نريد مشاكل أمنية، ولماذا الإضراب جزئي: حتى يتمكن الجميع من المشاركة".
 
جملة مطالب...
مطالب الحملة تجلت بان تبذل الحكومة أولا جهودا حقيقية للحد من ارتفاع الأسعار، وثانيا تثبيت أسعار الغاز والكهرباء، وثالثا وقف بيع ممتلكات الوطن، ورابعا إنصاف موظفي القطاع الخاص ووضع ضوابط قانونية ملزمة للشركات لرفع رواتبهم، وخامسا ضبط أسعار العقارات وبدل الإيجارات، وسادسا تفعيل قانون مكافحة الفساد بشكل جدي، وسابعا الاهتمام بموارد المملكة التي لا حصر لها كالنفط والبوتاس والزراعة والسياحة وغيرها.
 
حذو مصر..
فمن خلال الشبكة العنكبوتيه التي يزورها في اليوم الواحد ملايين من الأشخاص، أرادت هذه المجموعة أن تترك بصمة واضحة في صفحاتها لتنشأ صفحة لها على موقع "الفيس بوك" الاجتماعي الذي يعد من أكثر المواقع الالكترونية إقبالا، ومن خلاله أرادت هذه المجموعة أن تحذو حذو المصرية إسراء عبد الفتاح التي انشات صفحة لها على الموقع للدعوة إلى الإضراب وتمكنت بوقت قصير من استقطاب 70 ألفا من المحتجين على الارتفاع الجنوني في الأسعار في مصر.
 
اسم مستعار: نشمي –جدع"...
"بدأت الفكرة لدي عندما تتطلعت والدتي بي ونظرت إلى عيونها.. تمنيت بعدها لو إنني لم أأت إلى الدنيا.. ما هو ذنبنا حتى نكون غير قادرين لهذه الدرجة" هذا ما جاء به مروج الحملة تحت اسم سري "نشمي– جدع"، والذي كان لنا حوار معه عبر المراسلات من خلال "الفيس بوك".
 
الغالبية غير مشتركة في الفيس بوك فكيف ستنجحون؟
"الفيس بوك هو لتكوين مجموعة تعمل على الأرض لإنجاح الإضراب، فالإضراب ليس على الفيس بوك مقتصر حيث عممنا على كافة وسائل الإعلام، وبالنسبة لنا هذه تجربة جديدة وسوف نتنظر نتائجها ولكن لغاية اللحظة فالنتائج مبشرة".

 ما سبب اختيار اسم "النشامى والرجالة"؟
"النشامى في الأردن تدل على أهل المواقف والنخوة، والرجالة هي كلمة مصرية دل على قوة الموقف، وبهذا فإننا نسعى إلى مخاطبة أصحاب المواقف في الأردن وبنفس الوقت نعلن تضامننا مع أصحاب المواقف القوية في مصر".
 
وأكد النشمي والجدع بان" الإضراب سلمي كون يتضمن عدم الخروج للشارع وبالتالي يهدف إلى إلغاء أية احتمالية لإشكاليات أمنية".
 
ودعا مجموعة الـ 76 أن يؤيدوا الإضراب، ويذكر أن هذه المجموعة تمثل شخصيات سياسية وحزبية وطنية دعت الحكومة إلى العودة عن سياسة الخصخصة والسوق المفتوح والمبادرة إلى عقد مؤتمر وطني لوقف ارتفاع الأسعار، وقد حذرت المجموعة من عواقب تأثير ارتفاع الأسعار على المواطنين محملين الحكومة مسؤولية ما يعاني منه الاقتصاد الوطني اثر تبنيها توصيات صندوق النقد والبنك الدوليين.
 
لماذا السرية في الهوية؟
"ما نقصده إننا ندافع عن المطالب الشعبية للمواطن ولا نقصد منه شهرة احد فالاسم لا يعني شيئا مطلقا والاهم أن نؤثر".
 
وما هي الخطوات المقبلة؟
" لا نريد أن نستبق الأمور، بعد الإضراب سنقوم بإجراء حوار على الفيس بوك وسوف نتشاور بما هي أفضل الطرق وعلى أساسها سوف نتصرف، ولكن أقول أن الوضع لن يستمر في الأردن على ما هو عليه الآن ولن نتوقف".
 
3287مشارك...
بفترة زمنية قصيرة استطاعت صفحة الإضراب أن تستقطب هذا العدد الهائل ممن يعتزمون المشاركة حيث أصبح الموقع يضم روابط لأكثر من إضراب تحت اسم "التغيير القادم من الشرق: مصري..فلسطيني..أردني" كون الغلاء طال جيوب غالبية العظمى.
 
يوسف احد المشتركين بهذا الإضراب تنمى أن يكون ذلك بمثابة صحوة للشارع الأردني، وأضاف في حديثه معنا من خلال "الفيس بوك"... "هناك انفلات في الأسعار لم تشهد البلاد له مثيل، فقط تجاوز كافة التوقعات ولم ينحصر الارتفاع على أسعار المشتقات النفطية بل شمل كافة السلع والمواد الأساسية واللحوم التي أصبحت من المحرمات على الفقراء... وبرأي هذا الإضراب يعتبر مشوار ألف ميل الذي يبدأ بخطوة".
 
هذا ما اثنت عليه أنوار التي اعتبرت "أن الساكت عن الحق شيطان اخرس" أتوقع أن تكون مجدية بكل أشكالها فليس من الضروري أن يكون الإضراب في العلن فالمهم أن يقوم الشخص بإحداث تغيير ولا يبقى ساكتا مما يحدث من حوله من غلاء".
 
منير اشترك في الحملة ... ولكن رغم ذلك لا يثق بجديتها وقوتها على إحداث التغيير قائلا:" رغم يقيني أنها لن تحقق شيء إلا أنني اشتركت على أمل أن يسمع صوتنا الرافض للغلاء وبرأي من لم يشترك في الحملة في هذا اكبر دليل انه يخاف من السياسية كون سياسة بلدنا مقيدة، فضلا أنها لم تنشا من قبل مؤسسة كبيرة أو حزب على سبيل المثال فهذا أيضا دفع الغالبية إلى عدم المشاركة".
 
لا نريد المشاركة...
ولكن في الكفة الأخرى تصل إلى ما يقارب الـ 2000 شخص ممن دعوا للمشاركة في الإضراب يرفضون رفضا قاطعا المشاركة، معتبرين أن ذلك لن يؤتي بأي نتيجة على ارض الواقع على حد قول الأغلبية منهم.
 
هذا ما جاءت به عنود التي وجهت لها دعوة ولم تقبلها وتحدثنا معها عبر "الفيس بوك".. "لن اجني أي شيء من مثل هذه الإضرابات، وأفضل أن أبقى في العمل لأننا ماذا سنستفيد من الجهة المنظمة للإضراب كون ارتفاع الأسعار عالمي وغير مقتصر على الأردن فقط".
 
هذا ما شاطرتها به أيضا سارة التي لم تشترك هي الأخرى في الدعوة الموجهة لها لعدم اقتناعها بمضمونها" كلام فاضي ومن يشترك بها لا يفهم مضمونها وغير مدرك لما يدعو إلية هذا الجروب، ومن اشترك لا بد عليه من أن يلتزم بتنفيذ الإضراب".
 
وتضيف:" لم اشعر أنهم قد أقنعوني كثيرا بمضمون الحملة رغم أنها تعتبر من الطرق الحديثة والسلمية فمنظمي الإضراب لم يقدموا شرحا مفصلا عنها .. وعندما وصلت لي الدعوة قرأتها ثم تجاهلت الاشتراك بها لأنني إذا اشتركت ماذا ستكون نتيجته".
 
قانونية الإضراب...
المحامي فتحي أبو نصار، أوضح أنه لا يوجد أي قوانين أردنية تعاقب على تنفيذ الإضراب مضيفا:" ما يعاقب عليه أن المتلقي الذي استقبل الرسالة وقام بتنفيذ الإضراب يكون أكثر عرضا للعقوبة من مرسل الرسالة كونه سيعاقب من قبل رب العمل ضمن قوانين الشركة، أما المرسل إذا كان هدف دعوته للمس بأمن الدولة فهنا يصبح محرضا على فعل جائز عليه عقوبة التحريض وخصوصا أن كان مضمون الرسائل هو تحريض لأمر مخالف لأمن البلد".
 
وأضاف نصار" لكن هناك تشريعات تعاقب على نتائج الإضراب المادة 38 من قانون المعاملات الالكترونية  نصت على التالي: يعاقب كل من يرتكب فعلا يشكل جريمة بموجب التشريعات النافذة بواسطة استخدام الوسائل الالكترونية بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تقل عن 3 آلاف دينار أو لا تزيد عن 10 آلاف دينار أو بكلا هاتين العقوبتين ويعاقب بالعقوبة الأشد إذا كانت العقوبة المقررة في التشريعات تزيد عن العقوبة المقررة في القانون لكن هذا النص إذا لم يكن هناك قانون يعاقب على الفعل بحد ذاته لا يجوز التجريم على الوسيلة لا بد من قانون يعاقب على الفعل ويأتي هذا القانون باستخدام الوسائل الالكترونية ليشدد على العقوبة، ولكن انا مع حرية التعبير عن الرأي".
 
هناك وجهة نظر...
من جهته وصف الكتاب والمحلل السياسي جميل النمري ظاهرة الدعوة إلى الإضراب عن طريق الانترنت بالظاهرة الجديدة والمجدية إلى حد ما كون صداها أصبح واسع الانتشار، وأضاف" إذا نجحت هذه الفكرة فإنها تعتبر اختراق مهم جدا لأنها تفتح آليات جديدة للناس حتى يقوموا بالتعبير من خلال وسائل منظمة بدون مرجعيات تقليدية وهناك غالبية تتجنب غالبا دعوة الأحزاب حتى لا يجير عملها لمصلحة جهة سياسية بعينها وهذا الأمر دفع الشباب إلى القيام بهذا الإضراب من غير الانضمام لأي جهة".
 
وتابع النمري:" وتعبير فكرة الدعوة للإضرابات عن طريق الانترنت بالمقاومة السليمة للمجتمع لأنه إذا كانت أي جهة تدعو لأي إضراب منظم فإنها ستقاوم وتقمع، ولا افترض أن تقمع هذه الحملات لأنها حقا لأي واحد يقترح القيام بهذا العمل." 
 
واعتبر النمري انه ليس من الضروري أن نصل إلى نتيجة من هذا الإضراب، ولكن هذا يؤشر إلى أن الجمهور موجود ولديه وجهة نظر.

بعد أن لمس الشباب لسنوات طويلة عبثية العمل الحزبي في ظل كل التقييدات أو التقصير الشخصي من الأحزاب، سؤال يطرح هل يجدون في الفضاء الإلكتروني متنفساً للتعبير عن آراءهم ومحاولتهم لإحداث تغيير حقيقي على أرض الواقع؟.