إصابة الطفل يمان بمرض نادر وانتظار فحص الحمض النووي
بين الحياة والموت يرقد الطفل يمان الذي لم يتجاوز عمره الأربعة شهور والمصاب بمرض الفينيل كيتونوريا الوراثي، على سرير الشفاء في مستشفى الأميرة راية إثر تعرضه لأزمة حادة في التنفس منتظرا هو وذووه توفر مستلزمات فحص الحمض النووي للشروع بعلاجه، يجب إخضاعه بسبب هذا المرض المزمن لحمية غذائية طيلة حياته لتجنيبه مضاعفات قد تؤدي إلى إصابته بإعاقة عقلية شديدة.
ويحتاج الطفل إلى نوعية خاصة من الحليب المحتوي على كميات قليلة من البروتين، مما يتطلب فحصا دوريا للحمض النووي تصرف على ضوئه مواصفات الحليب، إلا أن المشكلة تكمن بعدم توفر مستلزمات هذا الفحص في مختبر مخصص لهذه الفحوصات حددته وزارة الصحة في مستشفى الأمير حمزة، فقد كان يفترض إخضاع يمان منذ أربعة أيام لفحوصات مخبرية، ولكنها أجلت لعدم إجراء فحص الحمض النووي، مما فرض تقديم وجبات من الحليب له بشكل غير دقيق، وخلافا لمتطلبات الحمية الغذائية، بحسب ما أوضحه والده في تصريحات صحفية.
ويتساءل الوالد الذي ابتلي بإصابة ولدين آخرين بذات المرض عن الجهة المسؤولة عن تأخر إجراء الفحوصات المخبرية، الأمر الذي قد يتسبب بمضاعفات تصل إلى إصابته بإعاقة عقلية.
رئيس قسم الأمراض الوراثية المتخصص بعلاج الفينيل كيتونيا في مركز صحي عمان الشامل الدكتور صفوان دبابنة، أوضح من جانبه أن المادة المخبرية المطلوبة للفحص المخبري للأطفال حديثي الولادة المصابين بهذا المرض سيتم توفيرها في مختبر مستشفى الأمير حمزة، وأن تلافي عدم توفرها مستقبلا أمر قيد المعالجة الجذرية.
ولفت دبابنة إلى أن هناك اكتشافا عالميا جديدا للتخفيف من حدة مضاعفات عدم التقيد بالحمية الغذائية للمصابين بهذا المرض بعد الثانية عشرة من أعمارهم، موضحا أن العلاج المكتشف يحد من تأثير تناول الغذاء البروتيني على خلايا الدماغ تدريجيا، ومشددا في الوقت ذاته على ضرورة متابعة توفير العلاج من قبل وزارة الصحة لهذه الشريحة العمرية من المرضى.
وأضاف "إن 90 % من الإصابات في المملكة وعددها 156 حالة، هي من الفئة العمرية التي تقل عن 12 عاما، مشيرا إلى أن هذا المرض استقلالي غذائي وراثي ينتقل من الآباء إلى الأبناء من خلال الصفة الوراثية المتنحية، وتكمن خطورته في عدم الكشف المبكر عنه، إذ تحرص وزارة الصحة على إجراء فحوصات مبكرة ومجانية للأطفال حديثي الولادة من عمر 3 أيام إلى 14 يوما.
وأوضح دبابنة أن البرنامج الوطني الذي تنفذه وزارة الصحة للكشف المبكر عن هذا المرض وكذلك عن نقص أو خلل في الغدة الدرقية للمواليد الجدد منع تخريج أي طفل حديث الولادة من المستشفى دون منحه بطاقة إرشادية يتم بموجبها الفحص المبكر للطفل عن المرضين المذكورين تلافيا للإصابة بإعاقة عقلية.
وأشار في هذا الصدد إلى أن وزارة الصحة كانت السباقة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في توفير الغذاء المناسب للأطفال المصابين بهذا المرض من الحليب والطحين والنخالة والخميرة رغم ارتفاع أسعارها، حيث باشرت بتوفيره وبكميات تناسب أجسام الأطفال منذ عام 2005 بعد أن أنشأت عيادة ومختبرا مجانيا عام 1998، مبينا أن هذه الأغذية وما يتبعها من مواد أخرى للكبار تركز على التقليل من البروتينات وعدم تناول الدهنيات واللحوم والألبان والبيض ومشتقات الطحين العادي.
ورغم تدني حجم الإصابة بهذا المرض في الأردن إلا أن طفلا من كل 4000 إلى 6000 طفل معرضون للإصابة به وقد تم في العام الماضي الكشف عن تسع إصابات وعن خمس إصابات بالمرض العام العحالي، بحسب دبابنة.
أما نائب رئيسة جمعية اطفال الفينيل كيتونوريا في المملكة د. سناء سقف الحيط، فقد أكدت على أهمية البرامج التوعوية للوقاية من الإصابة بهذا المرض الذي يربك الأسرة ويتسبب بخطورة بالغة على حياة المصابين، مشيرة إلى أن البرنامج الوطني لوزارة الصحة الخاص بهؤلاء المرضى بحاجة الى تعزيز وبخاصة من حيث التدريب للعاملين في هذا المجال.
وأضافت أن الجمعية التي تأسست عام 1998 وتتولى رئاستها الفخرية سمو الأميرة ثروت الحسن تطالب بتفعيل برامج الفحص المبكر للمرض وتقدم من خلال التبرعات الغذاء للمصابين بالمرض، كما تنفذ برامج توعوية للمجتمع من خلال محاضرات وندوات في مؤسسات المجتمع المدني لتسليط الضوء على احتمالية انتشار الأمراض الوراثية من خلال زواج الأقارب وبرامج أخرى خاصة بأهالي وأقارب الأطفال المصابين تركز على كيفية التعامل معهم.