إحسان تروي تفاصيل اعتقالها والرقص بجانبها من قبل جندي اسرائيلي

إحسان تروي تفاصيل اعتقالها والرقص بجانبها من قبل جندي اسرائيلي
الرابط المختصر

يداها مقيدتان وعيناها معصوبتان ملقاة على أرض ترابية.. مرعوبة.. تحاول الاحتماء بجدار قريب منها، وجندي إسرائيلي ببزته العسكرية يرقص ويغني ويشرب الخمر ويتحرش بها.. هذا المشهد شريط فيديو بثته القناة العاشرة الإسرائيلية لأسيرة فلسطينية، يبرهن بما لا يدع مجالا للشك سادية الاحتلال وجنوده تجاه الأسرى.

ويعتبر هذا المشهد من المشاهد القليلة التي تلتقطتها الكاميرات لجنود إسرائيليين ينكلون ويعتدون على أسرى فلسطينيين، وهي تعيد للذاكرة الفضائح التي التقطتها عدسات لمعتلين يعذبون في العراق وغوانتنامو على يد سجانيهم.

الأسيرة الفلسطينية التي عاشت هذا المشهد، شاهدت نفسها تعيشه على القناة العاشرة الإسرائيلية، وقررت أن تكشفت عن نفسها، وأعلنت أنها ستلاحق الجنود الذين نكلوا يها.

إنها الأسيرة المحررة إحسان دبابسة '24عاما' من قرية نوبا غرب مدينة الخليل، التي قالت لدى زيارة عدد من وسائل الإعلام لها بمنزلها: لن يُمحى يوم 11-12-2007 من ذاكرتي، ولن يهدأ لي بال حتى تتم معاقبة الجندي قضائيا ليكون عبرة لكل جنود الاحتلال.

وعن تلك اللحظات، تقول الأسيرة المحررة دبابسة في حديث لقناة الجزيرة الفضائية: اعتقلت بتاريخ 11/12/2007م على حاجز عصيون، الساعة الثامنة صباحاً، قيدوا يداي للخلف واعصبوا عيناي ووضعوني في جيب عسكري، ورموني على أرض الجيب، ووجدت نفسي في ساحة معتقل عصيون أمام مجموعة من الجنود المجرمين الذين لا يعرفون الرحمة، وينتظرون فريسة لينقضوا عليها، كان الجو باردا جدا والمطر يتساقط، وتركوني مدة من الزمن تحت المطر ...

وأضافت: لحظات وبدأت أسمع موسيقى صاخبة جدا، وأحدا يحاول أن يلمسني، وكنت أحاول الالتصاق بالحائط ولكن دون جدوى.. وجاء جندي آخر وأحضر قنينة خمر وعرض علي الشرب ورفضت واستمر بمحاولة التحرش بي....

وبعد تنهيدة عميقة تنم عن الألم الذي سكن قلبها نتيجة ما تعرضت له، قالت والدموع تنهمر من عينيها: تعرضت للتنكيل والضرب بأعقاب البنادق، وبأرجلهم وقام أحد الجنود بضرب رأسي بالجيب العسكري حتى أغمي علي.. ولم أجد نفسي إلا وأنا أمام طبيبة ترتدي اللباس العسكري، وبعد إجراء فحص طبي شكلي نقلوني إلى التحقيق وهناك بدأ مشوار العذاب والإذلال..

كان اسم الضابط الذي بدأ التحقيق معي 'بيران' الذي بدأ يهدد بهدم منزل عائلتي واعتقال أخوتي، واستمر التحقيق ساعتين متواصلتين، وبعدها تم نقلي معصوبة العينين إلى مركز تحقيق آخر اعتقد أنه تحقيق المسكوبية، وهناك كان ثلاث محققين وما أن دخلت عندهم حتى بدؤوا بكيل الشتائم والألفاظ النابية التي لا أستطيع ذكرها.

وكنت طيلة الوقت مقيدة اليدين واستمر التحقيق معي حتى الساعة الحادية عشر ليلاً وبعدها نقلوني إلى سجن 'هشارون' حيث وجهت لي تهمة محاولة طعن جندي والانتماء للجهاد الإسلامي. وحكمت بالسجن لمدة 22 شهرا وأطلق سراحي بتاريخ 6/9/2009.

وبعد عام من إطلاق سراحها فوجئت إحسان، وهي تتابع نشرة الأخبار عندما شاهدت شريط فيديو يظهر الجندي يتراقص على أنغام الموسيقى الصاخبة وهي معصوبة العينين لحظة اعتقالها.

وتابعت: لم أصدق ما تشاهده عيناي وكاد يغمي علي من هول الصدمة... بدأت بالبكاء، وطيلة الليل لم يغمض لي جفن لحظة واحدة، أعاد الشريط رحلة العذاب التي عشتها أمام عيناي وأنا بين مجموعة من الجنود المجرمين الساديين الفاسدين الذين فقدوا الحساسية والإنسانية.

لن يهدأ لي بال حتى يتم معاقبة الجندي قضائيا حتى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه إهانة أو إذلال أي أسير أو أسيرة فلسطينية....

من جانبه، أوضح مدير نادي الأسير في محافظة الخليل أمجد النجار، أنه لحسن حظ الأسرى العراقيين أن التقطت لهم صور فوتوغرافية تبين ممارسات التعذيب الوحشي التي تعرضوا لها من قبل السجانين وشاهدها العالم، ولكن في حالتنا الفلسطينية لم تستطع الكاميرا التقاط إلا البسيط لما يحدث من انتهاكات خطيرة وجرائم حرب تمارسها سلطات الاحتلال بحق الأسرى في أقبية التحقيق والمعسكرات والسجون.

وقال النجار: إن تغييب حماية القانون الدولي لحقوق الأسرى يساهم في تمادي الانتهاكات بحق الأسرى والأسيرات والاستفراد بهم وتدميرهم نفسيا وجسديا وسلبهم لكرامتهم الإنسانية مثلما يحدث الآن.

وفي نهاية المؤتمر وعقت دبابسة شهادة مشفوعة بالقسم من خلال محامي نادي الأسر محمد شاهين، وذلك لرفع قضية وشكوى ضد الجنود وملاحقتهم قضائيا حتى يتم معاقبتهم.

ولكن السؤال الذي يبقى مطروحا هل ستنجح الأسيرة دبابسة في مقاضاة الاحتلال، وهل يستطيع أحد في العالم أن ينصفها من جبروت السجان؟ أم ستبقى معاناتها ومعاناة جميع الأسرى فقط ذكريات أليمة لهم ولذويهم.