أي مصير ينتظر المخدوعين بالبورصات الأجنبية

الرابط المختصر

عدم تعاون المواطنين يعيق جهود الحكومة في حصر الأموال والشركات

ما زالت الجهات الحكومية تبذل ما بوسعها لاحتواء تداعيات شركات البورصات العالمية واسترجاع اموال الاف المواطنين المودعة لديها. منذ البداية كانت العملية برمتها تنطوي على ممارسة الاحتيال فالشركات التي تدعي المتاجرة بالبورصات العالمية كانت تجمع الأموال من المواطنين برضاهم وتودعها لدى البنوك مستفيدة من هوامش الفائدة ثم تعيد تقسيط المبالغ المالية لاصحابها على انها ارباح استثمار. لم يكن هناك قانون يجرم جمع الأموال من المواطنين لغاية المتاجرة كما اكد رئيس الوزراء نادر الذهبي أمس في لقاء مع فعاليات سياسية واعلامية ولهذا سارعت الحكومة الى وضع قانون مؤقت لتنظيم المتاجرة بالبورصات الاجنبية بعد التشاور مع مجلسي الاعيان والنواب.
قبل اصدار القانون المؤقت حاول مراقب الشركات اكثر من مرة عدم ترخيص شركات تعمل في هذا المجال استفادت من نصوص قانون الشركات الذي يسمح لأي شخص بتأسيس شركة لغايات مختلفة وبعض من رفضت طلبات ترخيصهم لجأوا الى محكمة العدل العليا في حينه وحصلوا على احكام قضائية لمصلحتهم.
لكن هذه الشركات حاولت استغلال القانون مرة ثانية باعلان نيتها التصفية الاختيارية بعد صدور قانون البورصات الأجنبية الا ان مراقب الشركات كان لهم بالمرصاد وحال بموقفه هذا من دون ضياع اموال المتعاملين.
بعد هذه الخطوة توالت التطورات واتخذ رئيس الوزراء قراره باعتبار القضية جريمة اقتصادية وتم احالتها الى محكمة أمن الدولة.
في مقابل الاجراءات الحكومية لتضييق الحلقة على شركات البورصة الاجنبية, يشكو رئيس الوزراء من عدم تعاون المواطنين اذ لم يتقدم مواطن واحد في البداية بشكوى ضد احدى الشركات فبينما كانت جهات التحقيق تتحفظ على املاك اصحابها وتصدر مذكرات توقيفهم واغلاق مكاتبهم كان المئات من المستثمرين يتجمهرون امام مقرات الشركات لاستلام ارباحهم الشهرية!.
عدم تعاون المستثمرين بالبورصات الأجنبية ما زال يحول من دون تمكن الجهات الرسمية من حصر قيمة المبالغ المستثمرة او اسماء الشركات التي تتعامل بهذا النشاط. ويشكل هذا الأمر عقبة ستؤدي حتماً الى تأخير اعادة الاموال لاصحابها ان وجدت في حساباتهم البنكية.
والمفارقة هنا اننا لا نتحدث عن مستثمرين بسطاء يجهلون القوانين وانما عن فئات واسعة من رجال الاعمال والاكاديميين والمتعلمين الذين انطلت عليهم اللعبة ووضعوا الملايين في ايدي اشخاص اقل منهم خبرة ومعرفة ليتلاعبوا فيها, وكانوا ضحايا لثقافة الربح السريع التي راجت في مجتمعنا بعد التحولات الاقتصادية في السنوات الأخيرة التي كرست قيم الشطارة بدل الجدارة والسعي نحو الغنى من دون اعتبار للجوانب الاخلاقية والوطنية.
لغاية الآن تم الحجز على عقارات وممتلكات (8) شركات فقط ومنع (33) شخصا من السفر لكن الحجز على اموالهم يتطلب التقدم بشكوى من المتضررين وهو أمر لم يحدث بعد.
السؤال الذي يشغل بال الاف المتعاملين مع الشركات والجهات الحكومية هل يمكن اعادة جميع الاموال لاصحالها? الطريق الى ذلك ما زالت طويلة وحسب خبراء شاركوا في لقاء أمس يمكن القول ان المواطنين الذي اودعوا اموالهم في مرحلة استعادوا معظمها على شكل ارباح كانت تدفع لهم شهريا اما المتعاملون الجدد فهم الفئة المرشحة للخسارة كونهم لم يتسلموا الا مبالغ محددة ولعدة اشهر, في الأحوال كلها حجم الخسائر يتحدد على اساس قيمة المبلغ المدفوع ويظل الان مرهوناً في النهاية بما يتوفر من اموال وعقارات تم الحجز عليها لتوزيعها على المستثمرين مخصوم منها ما استلموه من ارباح وهمية.