أيها الغرب كيف حال شرقك؟!
رأينا في السنوات الأخيرة كيف دب الرعب في أوصال الحكومات العربية حين اكتشفت أن لدى الدوائر الغربية المختصة حساسية شديدة تجاه مسائل حقوق الإنسان
عندنا مثل حقوق المرأة و الطفل و العمالة الوافدة وخدم المنازل.
فهرعت هذه الحكومات لاتخاذ إجراءات عاجلة على طريقة من يصحو من نومه متاخراً فيرتدي ثيابه بسرعة و نتيجة الارتباك يرتدي ربطة العنق دون أن يرتدي القميص و ربما يغفل عن ارتداء قطعة أخرى أكثر حساسية.
وهكذا وبشكل مفاجئ جيء بسيدات لطيفات غافلات لعضوية المجالس الوزارية و واجهات رسمية أخرى في البلدان العربية، وخرج المنادي بصوت عال أيها الغرب: كيف تتهموننا باضطهاد المرأة ألا ترون الوزيرات و السفيرات لدينا!!
وبدأت وسائل الإعلام المحلية البائسة بتركيز الضوء على وجوه هؤلاء النسوة تماما كما يفعل صاحب محل تجاري بدميته الجميلة المنصوبة خلف الزجاج ليراها كل المارة.
ورأينا فيما رأينا وزيرات أو سفيرات أو مديرات في أكثر من دولة عربية يتم إبراز صورهن جالسات في المقدمة و يدلين بشهاداتهن إذا ما لزم الأمر بأن المرأة في بلادنا نالت كل حقوقها لا بل أن منهن من تذهب لأبعد من ذلك و تدعي أن وضع المرأة لدينا أحسن من نظيراتها في الغرب وعبر هذه الصورة الادعائية نظن أن المشكلة أصبحت محلولة ولا داعي لفتح مثل هذه الملفات المشبوهة.
أما الواقع الماثل أمام عيوننا في البيوت و الشوارع و الأسواق و مراكز العمل فهو غير مهم لأنه مغطى بستار سميك من التجاهل و السرية و الإنكار و الطمس.
لكن هذا الواقع يعرفه أهله الذين قالوا قديماً أهل مكة أدرى بشعابها، مثلما أن الدوائر الغربية ذاتها قادرة إن أرادات أن تعرف الحقيقة.
والحقيقة التي يعرفها الأهل أننا غير معنين لا بل غير مقتنعين (بفرية) حقوق الإنسان التي جاءتنا من الغرب، لكننا تحت الضغط مضطرين أن نتظاهر بعكس ذلك.
ولا يهمنا عملياً أن تبقى المرأة تضرب من قبل رجال العائلة أو تشتم من قبل الممرضات في عيادة الولادة وهي تعاني الآم المخاض،فما يهمنا هو إبراز الصورة الإدعائية المعدة للتصدير للخارج.
أما هناك في الجزء المتحضر من العالم فقد وصل الأمر إلى حد اعتبار إمعان النظر في وجه المرأة من قبل احد زملائها في العمل شكلاً من أشكال التحرش يستوجب العقوبة...
فهل نمعن النظر نحن في مشهد وزيراتنا اللطيفات على المسرح و خلفهن وراء الكواليس نساء تضرب بالأحذية و أيدي المكانس، وأطفال يضربون على وجوههم التى كرمها الله في مدارس تحثهم مناهجها ان يجددوا أمجاد خالد وصلاح الدين.
إنها ألوان من عذابات البشر في هذا الشرق الحزين يطول شرحها مع ان حكوماتنا هي الأسرع عالمياً بالتوقيع على أي اتفاقية دولية في مجال حقوق الإنسان حتى دون أن تقرأ بنودها إمعانا منها في تسويق صورتها الادعائية دون أن تعرف أنها لا تخدع في النهاية إلا نفسها.











































