أيام كان الدينار يحكي

الرابط المختصر

رغم بلوغه الستين من عمره فإن الدينار كتسمية للعملة الوطنية الأردنية لم يحظ باستخدام واسع في الثقافة المالية الشعبية, فالكلام لا يزال عن "الليرة" و"نص الليرة" و"ربع الليرة", كما يشتري الناس أشياءهم "بخمس ليرات" أو "ست ليرات ونص"... وهكذا. ويكاد استخدام لفظ الدينار يقتصر على الكتابة خاصة على الشيكات وفي التعاملات الرسمية إضافة الى مجال الكلام عن المبالغ المالية الكبيرة, حيث لا نقول عن صاحب الثروة انه يملك مئة مليون ليرة مثلاً, بل نقول مئة مليون دينار, وفي ذلك اعتراف بما في لفظ دينار من فخامة مقارنة بلفظ "الليرة".


بالطبع علينا الاستدراك للاشارة الى أن فخامة لفظ الدينار المقارنة تلك هي فخامة مستحدثة, لأن تسمية "الليرة" تعود أصلاً الى أيام الليرة الذهبية, والمعروف ان تلك الليرة لم تكن "تحكي" بل كانت "تخرخش", وكان سماع "خرخشة الليرات" يُذهِب العقول بمقدار لا يقل عما يفعله "حكي الدنانير", ولا يزال طلب النقود في بعض الأوساط يتم بشيء من المواراة, فيقول طالب النقود لمالكها: "خرخش" أو "خرخشني" أي أسمعني صوت نقودك, والواقع أن الدلالات الحديثة ل¯"الخرخشة" و"المخرخش", ربما تكون هي التي لعبت دوراً في تراجع مستوى الفخامة في الليرة لصالح الدينار.

من المفيد ذكره هنا, ان السجناء قدموا من حيث لا يدرون حلاً لهذا الاشكال المفاهيمي المالي بين الشعبي والرسمي, فهم يستخدمون لفظة خاصة للاشارة الى النقود لم أسمعها في مكان آخر هي "التُكتُك", وأغلب الظن أنها مشتقة من صوت "تكتكة" الأوراق النقدية الحديثة أي الدنانير التي لم تعد تحكي. ومن يدري, فقد تسمى أيامنا هذه في المستقبل: "ايام كان الدينار يتكتك".