أموال المواطنين مكافآت لموظفي الأمانة..هدر أم حوافز؟

الرابط المختصر

أعلن ديوان المحاسبة مؤخرا عن تقريره الرقابي لشهر كانون الثاني، وتناول فيه "بالتفصيل" عن اعتداء على المال العام في 25 وزارة ومؤسسة عامة، اعتمدت على 11235 عملية تدقيق مسبقة و485 فجائية.وما جاء في التقرير فيما يتعلق بأمانة عمان أن "الديوان وبعد تدقيق القرارات الصادرة عن لجنة شؤون الموظفين في الأمانة والتي تم تشكيلها بموجب قرار مجلس الأمانة رقم (109) تاريخ 18\7\2006 تبين صدور مجموعة من القرارات تتضمن صرف مكافآت مالية مقطوعة وربعية بمبالغ مرتفعة لمجموعة من الإداريين والموظفين في الأمانة".

وبلغ مجموع المبالغ التي تم صرفها بشكل مخالف لغاية تاريخه 149 ألف دينار، ليوصي التقرير "بالتقيد بتعليمات الحوافز والمكافآت وبما يتفق مع المعايير المحددة".

الأمانة تعتبر من المؤسسات التي لديها دخل مالي كبير، وموازنتها وصلت هذا العام 289 مليون دينار، ولدى أمينها صلاحيات واسعة ومجلس الأمانة له "سلطة"، وكلما ازدادت الإيرادات والأموال والصلاحيات كل ما كانت الحاجة للضبط والمحاسبة أكثر ويرى الكاتب والمحلل سميح المعايطة: "أن تفرد أي شخص بالسلطة حتى لو كان عالي المهنية فالسلطة تدفعه لممارسة أمور يمكن أن يكون فيها تجاوزات..والأمانة وفي الشهور الثلاث الأخيرة وما جرى حول صرف أموال للمستشارين وأتعاب المحامين المستشارين خارج الأمانة وبوجود دائرة قانونية وفيها كما أعلم تضم 55 محامياً، وتستعين بمكتب محاماة خارج الأمانة.. فماذا يمكن أن نفسر ذلك!".

ماذا يعني زيادات بالآلاف وأخرى بعشرة دنانير!
الزيادات التي طرأت على المستشارين والموظفين "مستغربة" ويقول المعايطة "170% وأكثر وراتب آخر 1500 دينار وبعضهم يزداد إلى 4000 دينار، بحجة أن شخص متفرغ ويعطي كل ما لديه، ورغم أنه شخص منتخب ويفترض أنه تقدم للأمانة خدمة للناس، فحتى لو انتخب لمنصب نائب الأمين، أو مدير دائرة وجاءت زيادة إلى 2000 دينار فهي كبيرة ويأتي ذلك في الوقت التي تزيد الحكومة المتقاعدين العسكريين 10 دنانير شهريا وهنا نطلب حالة من الانسجام والمعايير والتي تؤدي للحفاظ على المال العام، ففي اللحظة التي تتابع التجاوزات في المال العام، ومن قبل ديوان المحاسبة وهي جهة حكومية فالمفروض أن تكون مؤثرة أكثر وتدفع الحكومة باتخاذ إجراءات تضمن حسن إدارة المال العام".

والسؤال الذي ينتظر الإجابة.."ما الدور الذي يقوم فيه ديوان المحاسبة بعد صدور التقرير؟"

ويتعدى تساؤل المعايطة إلى دور المناط فعلا على ديوان المحاسبة.."هل نريده أرشيف للتجاوزات وتوثيق للتجاوزات والخروج بنظام وأسس ومعايير، وديوان المحاسبة يقوم بتسليم تقريره بعد سنتين ويعطيه لمجلس النواب بعد انتهاء دورته بفترة زمنية قصيرة، فهل لنا أن نتخيل أن التقرير يسلم قبل انتهاء دورة مجلس النواب العادية بثلاث أسابيع".

تقرير الديوان..كتبنا وما كتبنا
مناقشة تقرير ديوان المحاسبة "لا تعني أي نوع محاسبة وربما حاولنا أن نحيل أي قضية أوردها الديوان إلى القضاء فستحل بعد أربع سنوات، وبعد مضي الوقت يصبح التقرير كما الأغنية الشهيرة لفيروز (كتبنا وما كتبنا) فالديوان يؤدي دوره بشكل جميل ودوره المحاسبة ومراقبة التجاوزات والفساد ..والدور إذن أن يكون "الضابطة العدلية" وربما يتحسن الأداء، وذلك مع تشكيل هيئة مكافحة الفساد وبمنظومة القوانين التي تعتز الحكومة بأنها أنشأتها، والمفترض أن نفعل ما هو موجود من مؤسسات حكومية قائمة".

3 مليون ونصف مكافئات
وبالعودة إلى ما تناوله التقرير عن الأمانة، حيث علق مدير الدائرة المالية في الأمانة، محمود خليفات: "المكافآت صدرت عن اللجنة المختصة وهي لجنة شؤون الموظفين وهي صاحبة الصلاحية في إعطاء المكافآت لموظفي أمانة عمان، وعدد أعضائها 14 يترأسها أمين عمان، وفي الموازنة نعم ولأول مرة نخصص رقم كبير جدا وقد بلغ 3 ونصف مليون دينار، بصرف مكافئات لموظفي الأمانة تقديرا لجهودهم، وقد بدأنا بتطبيق نظام المكافئة منذ تشرين أول الماضي".

سياسة الأمانة بدأت بالمكافآت وبتعديل أوضاع العمال أولا "ثم بدأت الإدارة تفكر بزيادة رواتب الموظفين أو صرف مكافآت لهم، وكان القرار عندما صدر من مجلس الوزراء بصرف مبلغ 300 دينار لكل مهندس كان بداعي الحد من تسرب الموظفين من بعض الوظائف في الأمانة إلى القطاع الخاص، مثل مبرمجين ومهندسين زراعيين ودرسنا هذه الوظائف ومدى التسرب الموظفين فيها إلى القطاع الخاص".

ويتابع خليفات .."وضعت اللجنة أسس وصرفت المكافآت بالطريقة الموضوعة بالدراسة، ونذكر أنه ولأول مرة يرفع دولة رئيس الوزراء موازنة الأمانة 2007 كاملة إلى رئيس ديوان المحاسبة لأجل بحثها".

أين يكمن دور مجلس الأمانة؟
يرى عضو مجلس أمانة عمان، محمد عناب، أن لا تجاوزات في المال العام، وأعتبر التقرير بالاجتهاد من دائرة شؤون الموظفين وإذا كان هناك من رأي حول المبالغة، "فأنا أشكك بوصف الحالة غير دقيق".

الحوافر لأجل الاستقطاب
وبرأي عناب أن الجميع "لم يعتد على مثل هكذا أموال مخصصة وبالتالي خلق نوع من البلبلة ومن الشوشرة لهم، أما واقع الحال فلا يمكن أن تحافظ على الكفاءات العالية وتستقطبها بدون حوافز، وينبغي التوضيح أن المستشارين لم يأتوا للأمانة ليخدموها فنحن كأعضاء مجلس عملنا هو خدمة العامة بينما المستشارين وغيرهم هم موظفين فإذا لم تدفع لهم الرواتب فلن يعملوا معنا".

وحول انتقاد دائرة قانونية في الأمانة وتعاقدها مع مكاتب محامين بمبالغ طائلة، يعلق العناب "برأيي الشخصي نحن في الفترة الحالية بحاجة إلى مستشار خارجي إلى حين تصبح الدائرة القانونية تضم طاقما قانونيا محترفا يستطيع أن يقوم بالأمانة، لذا فنحن مضطرون الدفع لمكتب قانوني ومستشار لحين تجهيز الدائرة القانونية".

الحوافر تتجاوز الرواتب
وعضو مجلس الأمانة رياض عبد الكريم، يقول أن المكافآت جاءت بموجب قرارات لجنة الموظفين، "وكانت في السابق معنوية لكن الآن هي إستراتجية جديدة يقوم عليها أمين عمان عمر المعاني" ويرى عبد الكريم وهو أحد أعضاء لجنة الموظفين والذي سجل التحفظ على نظام المكافآت يرى أن "نظام الحوافر المعطاة للموظفين لا يعتبر حوافز، لأنها تتكافأ مع الرواتب وقد تتجاوزه، وهذه ليس مرة واحدة إنما بشكل دوري وكل ثلاثة شهور".

في حين قال أحد أعضاء مجلس الأمانة والذي فضل عدم ذكر اسمه أن "خطوة الأمانة دفع حوافر أعلى والتي قد تتجاوز راتب الموظف قد أسميها شراء مناصب، لأن الهدف من العمل مع الأمانة هو الصالح العام، لا استقطاب".

النواب والوقت المستقطع
والحال ينسحب على مجلس النواب، والدور المطلوب منه، ويقول النائب في البرلمان، محمد أبو هديب، وهو أحد نواب محافظة العاصمة عمان، "حتى في الإدارة السابقة كنا نشير إلى مواقع الخلل الإداري والمالي، وتجاوزات بلغت أرقاما خيالية وعطايا وهدايا كلها كانت هدر للمال العام، وهذه المبالغ التي ذكرها تقرير المحاسبة غير قانونية بالمطلق وتطاول على المال العام".

"نناشد أن تخرج الأمانة وتبرر، وعليهم أن لا يلتفوا على القانون، وأنا أعلم أن جزء من المكافآت التي طلبوا صرفها تمت من خلال رئاسة الوزراء وهذا خلل في النظام".

"ونناشد رئيس الوزراء بأن يسأل عن المكافآت ولأن الذين يحصلون على المكافآت هم أخوتي وجميعهم رواتبهم مرتفعة ومع العلم أنهم من أعلى الرواتب بين موظفي الدولة".

ووصف أبو هديب إدارة الأمانة "بغير الراشدة وهناك خطأ جسيم خاصة وأنها لا تزال في أول عهدها"، لذلك تمنى أن يقوم مجلس الأمانة بواجبه "وللأسف لم يقم بالشكل المطلوب، وهناك من الموظفين من أخذ مكافئات تجاوزت العشرة والعشرين والخمسة وعشرين ألف دينار بدون وجه حق".

مجلس النواب... أين دوره؟
"للأسف ليس هناك دور رقابي بالمستوى المطلوب، ورغم أن عمر المجلس لن يتجاوز الأسبوعين إلا أن القضية ليست قضية تشهير، إنما قضية مال عام كي نستطيع مناقشتها، وهناك هدر كبير للمال ويجب أن يُسأل الأمين ويجب أن يكون هناك توضيح وإن كان على ضوابط فليكن ولنستمع".

ويقول الكاتب سميح المعايطة..."قد نرفض المبالغ التي تصرفها الأمانة على مشاريع مثل جسر عمان المعلق بملايين الدنانير رغم خدمته للمنطقة، لكن، نرفض مثل هذه المبالغ في الوقت الذي تتوسع فيه عمان وهناك مناطق فيها مظلومة، ولكن قد تكون المبالغ نابعة عن اجتهاد لم يكن في مكانه وسوء تقدير وإدارة وربما الأهم من كل ذلك هو أن الأمانة تحّصل إيراداتها من الناس عبر الضرائب المفروضة، لأجل تحسين الخدمة وما استغربه أن يؤتى بمكتب محاماة ويأخذ على الساعة 50 دينارا، ويكون له صلة قرابة بمسؤول أمانة حتى لو كان الشخص نزيها يعني على الأقل من باب اتقاء الشبهات أن لا يكون ذلك، وهنا نصرف على التدريب والتأهيل والدورات، ونسأل بالتالي عن ترتيب الأولويات..المواطن أم المستشار! ".

أضف تعليقك