أمراض المستشفيات قد تتسبب بموت المرضى

الرابط المختصر

ادخلت العشرينية عبير قبل بضع سنوات مستشفى في احدى محافظات المملكة للعلاج من التهاب رئوي بسيط كما شخصه الأطباء ،وهذا المستشفى معروف في المنطقة بسوء الخدمات الطبية من نقص في الكوادر وعدم توفر الأدوية الضرورية والأساسية اضافة الى عدم مراعاة شروط النظافة والتعقيم فيه والتسيب في استقبال الزوار للمرضى وعدم تقيدهم بشروط المستشفى حفاظا على حياة المرضى .

ودون سابق انذار ودون معرفة للسبب المباشر انتكست حالة عبير الصحية بشكل سريع وتوفيت خلال يومين من دخولها المستشفى، وكما تقول والدتها المكلومة ''اؤمن ان الأعمار بيد الله وان هذا قدرها ولكني على يقين بأن وضع المستشفى المزري ما زاد حالتها سوءا'' .
تشكل امراض المستشفيات مشكلة واضحة للعيان ''حسب المختصين''، وهذه الأمراض والإلتهابات المكتسبة اوالتي تصيب المرضى من المستشفيات والتي تشكل خطورة على المرضى وربما تؤدي للموت تحدث نتيجة لبعض انواع البكتيريا المقاومة لعمليات التعقيم والتنظيف في المستشفيات والتي تصبح اشد فتكا مع عدم توفر المضادات الحيوية المنتجة حديثا لمعالجة آثار الإصابة بهذا النوع من البكتيريا .
د. عدنان اللحام رئيس قسم الهندسة الطبية واختصاصي علم الجراثيم في الجامعة الألمانية الاردنية قال : ان المستشفى هو لعلاج المرض وليس مكانا للحصول على المرض فعادة ما تستخدم المستشفيات العديد من المواد المعقمة والمطهرة والمضادات الحيوية لتنظيف وتعقيم المستشفيات ، ولكن بالرغم من ذلك تبقى بعض انواع البكتيريا المقاومة بعد عملية التعقيم ، وهذه الانواع من البكتيريا يصعب عادة معالجتها بالمضادات الحيوية المتوفرة في المستشفيات في الأردن الا ما ندر .
هناك عوامل اخرى بالاضافة الى بيئة المستشفى مثل قلة المناعة وزيادة استخدام المضادات الحيوية للعلاج والمكيفات والاجهزة الطبية والعاملين في المستشفى والزائرين للمرضى وكثرة المرضى والهواء والمياه هذا وقد وصلت نسبة الامراض المكتسبة من المستشفيات الى 20% او من 2-4 مليون حالة سنويا في العالم والتي تتسبب بمقتل 90 الف شخص سنويا وان هذه الامراض تكلف الوقت والمال والمعاناه حيث انها تكلف 8 ملايين يوم اضافي للعلاج سنويا وزيادة في التكلفة بما يقارب 5-10 بليون دولار سنويا وهذا الأمر يشكل خطورة بالدرجة الأولى على المرضى بعد العمليات التي تترك ''جرحا مؤقتا '' اذ تسبب لهم هذه البكتيريا التهابات مستعصية وربما قاتلة خصوصا اذا تسببت بتجرثم الدم .
ويحذر الباحث اللحام ،في حال وجود أكثر من ثلاث حالات اصابة بأحد الأمراض المعدية او التي تسببها البكتيريا الموجودة في المستشفى بضرورة اغلاق القسم وعزله من اجل اعادة تعقيمه بشكل كامل تلافيا لإنتشار هذا النوع .
وأكد ان هذه المشكلة تعاني منها غالبية مستشفيات المملكة بسبب عدم تقييد زيارات المرضى في المستشفيات من قبل افراد عائلاتهم واصدقائهم والتي تكون بأعداد كبيرة ، من البكتيريا الضارة التي يخلفونها وراءهم في المستشفى وتتسبب بزيادة اعداد وانواع البكتيريا الضارة في المستشفيات والتي تتحول الى انواع مقاومة للتعقيم وفتاكة بالمرضى وهذه الأنواع من البكتيريا شديدة المقاومة يصعب معالجتها الا بالمضادات الحيوية المنتجة حديثا وهي غير متوفرة في الأردن لعلاج هذه الحالات الا بشكل نادر جدا في القطاع الخاص .
وطالب اللحام المستشفيات الأردنية باتباع الإجراءات التي تقوم بها المستشفيات في اوروبا والغرب من فحص روتيني لجميع مرضى المستشفى وكادر المستشفى من اطباء وممرضين وغيرهم للكشف عن حملهم لأية جراثيم وبائية ، وعلى الأخص انواع البكتيريا المسببة لهذه الأمراض وهي البكتيريا العنقودية المقاومة لأنواع (M.R.S.A البنسلين ).
وأكد اللحام ان هذا الفحص الروتيني سريع وبسيط عبر الأنف وانه في حال ثبت وجود هذه البكتيريا العنقودية لدى العاملين في المستشفى من اطباء وممرضين وغيرهم يتم عزلهم عن المرضى في العناية المركزة ، والمرضى الذين لديهم جروح مكشوفة او ذوو المناعة الضعيفة ، واذا كان المريض حاملا لهذه البكتيريا يتم عزله في غرفة خاصة ويكون الممرضون المتابعون لحالتهم ثابتين .
ومن انواع البكتيريا العنقودية شديدة المقاومة ايضا اضافة الى )V.R.S.A( و ) V.I.S.A(. والأسينوباكتر والزوائف والأمعائيات والكلبسيلات.
د.محمد عبد المجيد عبيدالله طبيب انف وأذن وحنجرة في مستشفى الجامعة أكد ان السبب الرئيسي لمقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية يكمن بكثرة استخدام المضادات الحيوية دون داع ، ويحذر المواطنين من كثرة استخدام المضادات الا M.R.S.A.
واشار الى الإجراءات الإحترازية التي يقوم بها مستشفى الجامعة في حال ثبت اصابة أي مريض بأنواع البكتيريا المقاومة ، اذ يتم عزله بشكل مباشر عن باقي المرضى في غرفة خاصة ، ويمنع ادخال أي زائر او حتى أي فرد من كادر المستشفى من الطبيب والممرض وعامل النظافة الذي يقوم بتنظيف الغرفة الا بعد اتباع شروط التعقيم اذ يوفر معقما لليدين خارج الغرفة ، ثم يرتدي من يدخل غرفة المريض قناع للفم والأنف و''مريول '' خاص معقم ،كما يمنع زيارة الأطفال وضعيفي المناعة للمريض حرصا على سلامة الجميع .
كما يقوم المستشفى باجراء فحص شامل ومجاني لأي موظف في المستشفى تعرض لوخزة اثناء تعامله مع المريض .
وقال بأنه من الصعوبة بمكان اجراء فحص لكل زائر يدخل المستشفى او لكوادر المستشفى كاملة كما في الغرب ، نظرا لعدد الزوار الهائل للمرضى في مستشفيات المملكة ، وتعتبر هذه العملية بهذه الحالة مكلفة للغاية ولا تستطيع ميزانية المستشفيات تحملها . ومشكلة اخرى تكمن في انقطاع ادوية هذه الأنواع من البكتيريا في صيدليات المستشفيات وعدم توفرها بشكل دائم لأسباب عديدة ربما بعضها يعود لإرتفاع اسعارها خصوصا وانها في الغالب ادوية مستوردة .
وأضاف : في بعض الأحيان يمكن ان يكون الممرض مثلا او احد كوادر المستشفى مصابا بهذه البكتيريا دون ان يعلم واثناء تعامله مع المرضى يتسبب باصابتهم بالبكتيريا المقاومة مما يشكل خطرا على حياتهم ، لذلك انصح المستشفيات باجراء فحص روتيني لكوادره بشكل دوري حفاظا على سلامة الجميع وان يتم تخصيص ميزانية خاصة لهذا الأمر .
وفي دراسة للدكتور عاصم الشهابي على احدى المستشفيات الكبرى في الأردن قبل بضع سنوات تبين فيها من خلال رصده لأنواع البكتيريا المقاومة للمضادات في ذلك المستشفى وقوع العدوى الجرثومية في 30% اي 155 من اصل 519 من جميع المرضى الذين ادخلوا تباعا عام في وحدة العناية المركزة في المشتشفى ومن بين نوائب العدوى التي بلغ مجموعها 233 وجدت جراثيم سلبية غرام 110 حالة( 49%) وجراثيم ايجابية غرام في 69 حالة( 31%) وانواع مختلطة من الجراثيم في 25 حاله 11%) .
كما وجدت انواع المبيضات في 19 حالة( 9% ). وكانت انواع الجراثيم الخمسة التي تم استفرادها اكثر من غيرها هي : العنقوديات الذهبية 40 والآسينو باكتر 28 والزوائف 22 والأمعائيات 20 والكلبسيلات 17 .
ولوحظ ان المقاومة ضد المضادات الحيوية الشائعة تراوحت بين المتوسطة والشديدة بين المستفردات الإيجابية غرام والسلبية غرام على التوالي .
ووجد ان الجراثيم السلبية للغرام كلها تقريبا كانت حساسة للدواءين إميبينيم وسيبروفلوكساسين .