ألمانيا..عندما تدعم "الاشتراكية الديمقراطية" الاحتلال وقوى الاستعمار!!

الرابط المختصر

لا يخفي الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني دعمه الكامل للاحتلال الاسرائيلي في عدوانه على الفلسطينيين عموما وقطاع غزة خصوصا رغم ما يرفعه الحزب من مبادئ "العدالة الاجتماعية".

وأعلنت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر في 15/أكتوبر تأييدها لطرد داعمي حركة المقاومة الإسلامية حماس من ألمانيا، وأيد زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي هذا الموقف، مطالبا مسلمي البلاد بإدانة الحركة التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

كما شدد المستشار الألماني شولتس على أن "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها"، محذرا من تحول هجوم حماس إلى "حريق كبير لا يمكن احتساب تداعياته على المنطقة بأسرها". كما أكد في اتصال مع نتنياهو دعم ألمانيا "الحازم والراسخ" لإسرائيل.

 منحت ألمانيا الضوء الأخضر لإسرائيل لتستعيد اثنتين من طائراتها المسيرة المقاتلة "هيرون تي بي"، التي كانت ألمانيا قد أجَّرتها في وقت سابق لتدريب طياريها، واستخدام هاتين الطائرتين في هجماتها على قطاع غزة. إضافةً إلى ما سبق، فقد صرَّح بوريس بيستوريوس وزير الدفاع الألماني بأن الحكومة تدرس طلبا من تل أبيب لإمدادها بذخائر السفن الحربية، مع تأكيدات بأنها ستلبي جميع الطلبات الإسرائيلية فور صدورها (21). كما نقل عن نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت أن إسرائيل لا تحتاج إلى دعم عسكري أو فني في الوقت الحالي، وإنما إلى المساندة السياسية (22). لكن في حالة تفاقم الوضع، يسهل تخيل إنشاء جسر جوي بين برلين وتل أبيب، يمد الأخيرة بكل ما تحتاج إليه من معدات عسكرية، نعلم أنها ستُستخدم في النهاية في قتل وتهجير المزيد من الفلسطينيين.


منظمات ألمانية تضيق على الموظفين العرب!
 

وفي محاولة للتماهي مع موقف الحزب المتطرف للاحتلال وقوى الاستعمار، قال موظفون محليون أردنيون في منظمات ألمانية عاملة في الأردن  إنه "تلقوا تهديدات بالفصل من العمل في حال نشروا على شبكات التواصل الاجتماعي اي موقف يؤيد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية".

بينما ذهبت منظمات اخرى لمحاولة انتزاع موقف داخلي من الموظفين يدين الهجوم الذي نفذته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي أو ما يطلق عليها "طوفان الأقصى"، الأمر الذي دفع موظفين في بعض المنظمات الى ارسال رسالة احتجاج حسب ما ذكر موظفين، رفضوا ذكر اسمهم خوفا أن يخسروا وظائفهم.

ونشرت في منظمات المانية مثل Friedrich Naumann Foundation - Jerusalem على موقع فيس بوك و X وقوفها لجانب اسرائيل "قالت في منشورها "تدين مؤسسة فريدريش ناومان بشدة أعمال العنف التي قام بها إرهابيو حماس يوم 7 أكتوبر في جنوب إسرائيل، بما في ذلك قتل واختطاف مدنيين إسرائيليين أبرياء".

تتجاهل مؤسسات ألمانية مثل (مؤسسة فريدريش ناومان) ما يجري من مجازر في قطاع عزة وقتل الآف الاطفال والنساء والمدنيين رغم انها تعلن عن نفسها مؤسسة ليبرالية  تعمل على تعزيز حرية الفرد والسعي لتحقيق السعادة.

ترفع هذه المؤسسات شعارات ديمقراطية اشتراكية تدعو الى التحرر من النظام الرأسمالي من خلال الحرية والعدالة الاجتماعية وتفعيل كل من الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية سوية، لكنها في ذات الوقت تحابي القوى الرأسمالية الاستعمارية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

ما هو  الحزب الاشتراكي الديمقراطي؟

يعتبر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني أقدم هيئة سياسية في البلاد، ويعود تاريخ تأسيسه إلى 1875. منع من العمل السياسي خلال الحكم النازي، وكان من بين القوى التي دفعت ثمنا غاليا خلال هذه المرحلة السوداء من تاريخ البلاد، إذ لقي عدد كبير من أعضائه حتفهم في معسكرات الاعتقال أو فضلوا الغربة بعيدا عن جحيم القمع الوحشي النازي.

 

بعد الحرب العالمية الثانية، وبفضل زخمه في النضال لعقود، احتل الحزب مكانه الطبيعي في المعارضة كأول قوة سياسية إلى حدود 1966، وهو تاريخ دخوله في ائتلاف حكومي مع حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي "سي دي إي" برئاسة المستشار كورت غيورغ كيسنغر.

وفي 1969 عاد له لأول إلى مرة منصب المستشار، الذي احتله فيلي براندت حتى 1974 ثم خلفه "رفيقه" هلمودت شميدت حتى 1982. أما آخر مستشار من هذا الحزب فقد كان غيرهارد شرويدر من 1998 حتى عام 2005. ليمر الحزب بفترة شبه فراغ، سيطرت فيها أنغيلا ميركل على السلطة في البلاد بفضل الشعبية الكبيرة التي كانت تتمتع بها، واكتفى الاشتراكيون بفهم براغماتي للمرحلة بالدخول معها في ائتلافات.

يصوت للحزب الاشتراكي الديمقراطي عادة ناخبون ينتمون إلى الطبقات العاملة، خاصة منها تلك التي تمارس أنشطتها في المعامل، كما يمنحه جزء مهم من الطبقة الوسطى، على غرار الأحزاب الاشتراكية في أوروبا، أصواتهم، وهي فئة تشكل في الكثير من الحالات أعمدة الحزب وكوادره التي تخوض باسمه المعارك السياسية في البلاد.

ويعد إقليم ولاية شمال الراين ويستفاليا، بغرب البلاد، معقلا للحزب الاشتراكي الديمقراطي، والذي نجحت ميركل في انتزاع الفوز به في 2017 بموجب الانتخابات التشريعية في المنطقة. وكانت ضربة موجعة أخرى لهذا التنظيم السياسي، شكك على إثرها الكثير من المراقبين في إمكانية استعادة عافيته والعودة بشكل قوي للساحة في ظرف سنوات قليلة.

ويلخص الإعلام الألماني برنامج هذا الحزب تقليديا في محورين رئيسيين هما: العدالة الاجتماعية والتعليم. وبفضل ما يوليه من أهمية للطبقة العاملة، ظل الحزب في علاقة وثيقة معها، لكن في 2010، وبسبب الإصلاحات الاقتصادية لغيرهارد شرويدر، عبر ما عرف بـ"أجندة 2010" والتي أضرت بهذه الفئة، تراجعت شعبيته وسطها، وتسببت له في أضرار كثيرة. وحاول الحزب في الحملة الانتخابية الأخيرة إعادة ربط صلة بهذا الجزء المهم من كتلته الناخبة التقليدية، وتعهد عبر مرشحه برفع الأجور بـ12 يورو للساعة الواحدة.

لماذا يدعم الحزب الاشتراكي الديمقراطي اسرائيل؟

تُعَدُّ العلاقات الألمانية الإسرائيلية ذات طبيعة خاصة لأسباب تاريخية يعلمها الجميع تتعلق بالحقبة النازية، لكنَّ الدعم الألماني المكثف لإسرائيل منذ نشأتها له دواعٍ براغماتية أيضا جاءت في لحظات تاريخية بالغة الحساسية لبرلين. فبعد انقشاع غبار الحرب العالمية الثانية، تنازعت قوى الحلفاء على ألمانيا المهزومة وقسّمتها إلى مناطق محتلة. ومع احتدام الحرب الباردة بين الكتلتين الغربية والشرقية، انقسمت ألمانيا في عام 1949 رسميا إلى دولتين: ألمانيا الغربية (جمهورية ألمانيا الاتحادية رسميا) الموالية للولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا، التي تبنَّت النظام الرأسمالي واقتصاد السوق، وألمانيا الشرقية (جمهورية ألمانيا الديمقراطية) الموالية للسوفييت، بنظام شيوعي مركزي. وقد استمر هذا الانقسام طويلا، حتى سقوط الاتحاد السوفيتي ومعه جدار برلين الفاصل بين الدولتين عام 1990 .

لعل التعبير الأوضح عن التوجه الألماني الحالي الذي يدعم إسرائيل دعما مطلقا في خطواتها القادمة ويُسقط المدنيين من حساباته هو رد كريستيانه هوفمان، نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، على سؤال صحافي في مؤتمر للحكومة بخصوص الحصار الكامل الذي أعلنته حكومة نتنياهو على قطاع غزة، وإذا ما كانت الحكومة الألمانية تؤيده أم ترى أن قطع المواد الغذائية والماء والكهرباء يُعَدُّ انتهاكا للحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني. وكرَّرت هوفمان ما قاله شولتز: دعم إسرائيل مصلحة وطنية عليا، ولإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. وأنهت إجابتها بحزم: "في الوقت الحالي، لن نخوض في تفاصيل أخرى".

وفي حين بدأ يَرِِد ذكر الجانب الإنساني للنزاع على استحياء في تصريحات رئيس الوزراء والسياسيين الألمان (29)، ربما نتيجة للزيادة المطردة في أعداد القتلى والمصابين جراء القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع، فإن هذه التصريحات غالبا ما تأتي على هامش الدعم شبه المطلق لإسرائيل، وإعلان مزيد من الإجراءات لخنق القضية الفلسطينية وحصارها.


 

أضف تعليقك