للمرة الرابعة تم تنفيذ عمليات فلسطينية، فردية ذات طابع نوعي، مغامر وشجاع، داخل مناطق الاحتلال الأولى عام 1948: الأولى في بئر السبع 22/3/2022، الثانية في الخضيرة 27/3/2022، الثالثة في بني براك 29/3/2022، الرابعة يوم الخميس 7/4/2022، في قلب تل أبيب، قُتل بسببها 13 إسرائيلياً في العمليات الأربعة خلال اسبوعين.
وسواء نالت هذه العمليات الرضى والفرح والإحساس بالزهو، رداً على عنجهية الإسرائيليين وجرائمهم المتكررة شبه اليومية ضد الفلسطينيين، أو تم شجبها من البعض القليل، ولم تجد الاستجابة والقبول والرضى من أطراف دولية، ولكن ذلك لا يمكن حصره فقط بردات الفعل الفلسطينية على قمع الاحتلال وبطشه وفاشيته وتغوله على المكونات الفلسطينية الثلاثة:1-أبناء مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، 2-أبناء مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، 3-أبناء اللاجئين المشردين المنفيين خارج وطنهم فلسطين، التواقون للعودة إلى بيوتهم التي سبق للمستعمرة أن طردتهم منها.
لا يمكن النظر في هذا الفعل النوعي من قبل أفراد قد يكونوا منظمين، أو لا يكونوا، ولكنها عمليات فردية مثل عمليات الطعن وتتم بالعشرات، وعمليات الدهس التي يفعلها أفراد ضد الإسرائيليين، ولكن لا يمكن أن تكون مجرد ردات فعل آنية انفعالية وحسب، لأن من ينفذها يدرك الأبعاد المأساوية على نفسه، وعلى عائلته، وحجم التضحية التي يتقدم نحوها، مما يؤكد أنها قرار كفاحي عنيد، مسبق بوعي وتصميم.
الفعل الكفاحي بأبعاده السياسية والشخصية من قبل الفلسطينيين، حصيلة دوافع ذاتية كامنة من المعاناة، له دوافع وطنية بارزة من قبل مجموع أفراد ينتمون لشعب تواق للحرية والكرامة، مثله مثل أي شعب تعرض لظروف وعوامل ومؤثرات مشابهة.
الفعل الكفاحي، هو الفعل الطبيعي لرفض الاحتلال ومشروعه الاستعماري التوسعي على أرض فلسطين، الذي يعمل على بلع فلسطين بشكل تدريجي، متعدد المراحل، والشعب الفلسطيني من طرفه يخوض معركة تدريجية متعددة المراحل حتى ولو كانت متداخلة في تفاصيلها: يخوض معركة صموده في مواجهة المستعمرة التي تعمل على جعل الأرض الفلسطينية طاردة لشعبها، مثلما يخوض معركة بقاء قضيته الوطنية مشروعة حية قابلة للتحصيل، مسجلة وممثلة بقرارات الأمم المتحدة، وخاصة القرارين: 1-قرار التقسيم وحل الدولتين 181، 2-قرار حق اللاجئين بالعودة 194، وأن لا تتحول حقوقه واستحقاقاته إلى ديون معدومة.
لم يرتقِ النضال الفلسطيني إلى مستوى المعركة الشاملة من قبل كافة شرائحه ومكوناته، وإن كانت المستعمرة هي التي تخوض هذه المعركة الشمولية ضد الشعب الفلسطيني، مدركة خطورة تراخيها أمام نمو الوعي الفلسطيني، والاستعداد العالي للتضحية الكامن لدى قطاعات واسعة من قبل الفلسطينيين، دلالاتها هذه العمليات النوعية المتكررة.
الاستئثار من قبل طرفي الانقسام، لما تتوفر لطرفيهما من سلطة مازالت أسيرة للاحتلال، تجعلهما في حالة سكون فعلي، عبر التنسيق الأمني بين رام وتل أبيب، والتهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب، وهذا ما يفسر المبادرات الفردية نحو الخيار الكفاحي في رفض التنسيق والتهدئة معاً.