أطفال يحترفون "الميكانيك"
كجميع أترابه يبدأ قريب رحلته الصباحية في السابعة من صباح كل يوم، لكن قريب بدلاً من أن يسلك طريق المدرسة، متأبطاً ذراع كتبه
، يسلك طريق المنطقة الصناعية التي تعرف بالحرفيين ليبدأ يومه مع معدات الميكانيك.
وعندما يدق جرس نهاية الدوام في المدرسة التي كان قريب أحد طلابها قبل 6 أشهر ويذهب أصدقاء قريب القدامى لمنازلهم ليأكلوا ويدرسوا ويلعبوا، يكون يوم قريب الذي لا مكان فيه للعب لا زال مستمراً. " ما بلاقي وقت برجع عالدار بغسل وبتحمم وبقعد بالدار وبنام، برجعوا بلعبوا أنا بضلني نهاري كله."
أجواء عمل غير صحية
روائح البنزين والكاز والتنر ليست وحدها ما يؤثر على صحة قريب ذو الأربعة عشر ربيعاً ورفاقه من الأطفال الذين يعملون بمهنة الميكانيك وتصليح السيارات، فالمنطقة مليئة بالنفايات والأوساخ التي عدى عن كونها تنتج روائح كريهة تشكل مكرهة صحية وتجمعاً للجراثيم.
ورغم مرور ستة أشهر على وجود قريب في هذا المكان إلا أن نفسه البريئة التي تهوى الحياة لم تستطع ان تعتاده، لذا فهو يتمنى أن يعود إلى المدرسة التي أخرجه والده منها " لأنه مش فالح" على حد تعبيره " طلبت من أهلي يرجعوني أبوي قللي شو بدك ترجع تسوي"
ساندويش فلافل ومنقوش زعتر
ساندويش فلافل ومنقوشة زعتر هي عنوان الوجبات التي يحصل عليها قريب ورفاقه خلال نهار عملهم الطويل، والتي يتناولونها في جو يخلو من أبسط الشروط الصحية، وحتى من دورات المياه العامة وخدمات الصرف الصحي.
ربيع طفل آخر ودع سنوات طفولته وبراءته بين جدران محل الميكانيك الذي يعمل به منذ سنة ونصف، ولدى سؤاله عن سبب قدومه إلى هذا المكان، يجيبنا ربيع وهو يحمل سيجارته في يده " مش فالح بالمدرسة قلت أتعلم صنعة أحسنلي"
معاذ أيضاً أحد الأطفال الذين يعملون في منطقة الحرفيين، لكن قصته مختلفة قليلاً إذ لا يعمل إلا خلال أيام العطلة الإنتصافية والصيفية، ويعتبر معاذ تعلمه لمهنة الميكانيك أماناً لمستقبله في حال عدم اتمام دراسته، التي يعي ضرورة متابعتها حتى وإن توفر العمل.
وينهي معاذ يومه كما زملائه من الأطفال العاملين في الميكانيك بالإستحمام وتناول طعام العشاء مضيفاً إليه نكهة خاصة وهي قراءة ما يقع بين يديه من كتب أو مجلات.
لا ندري ما هو الأسوأ وجود دولة تحارب قوانينها عمالة الأطفال ولا تتابع تنفيذ هذه القوانين كما لا توفر أدنى شروط الصحة في أماكن العمل للعاملين كباراً وصغاراً، أم وجود أشخاص يقبلون أن يشغلوا أطفالاً بعمر الزهور، أم أهل يقبلون أن يقتلوا براءة أطفالهم بتعريضهم للعمل مبكراً، لكن المؤكد أن هذه الأمور مجتمعة هي ما جعلت قريب يقطع على نفسه عهده أن لا يدع ابنه يعمل صغيراً مهما كانت الظروف.
إستمع الآن











































