أطفال يتعرضون لاعتداءات جنسية والتستر أعظم المصائب

الرابط المختصر

" أثناء لعب الطفل محمد 5 سنوات مع رفاقه علاء وعبد الله في أحد أحياء منطقة حنينا بمدينة إربد حضر إليهم مهند 20 عاما وعرض عليهم مرافقته إلى كرم زيتون قريب من منطقة لعبهم لاصطياد العصافير فرافقوه, وعندما وصلوا إلى الكرم طلب من علاء وعبد الله انتظاره قرب إحدى العبّارات واصطحب محمد إلى داخل الكرم وقام ببطحه على الأرض وخلع ملابسه عنوة وسط صراخ محمد الهستيري وقام باغتصابه دون شفقه, وبعدها عاد الطفل إلى بيته وهو ينزف وقاموا أهله بنقله إلى المستشفى وصدر تقرير طبي شرعي يفيد بوقوع حالة هتك عرض.



بدورها أدانت محكمة جنايات إربد مهند باعتباره مغتصب وقام بهتك عرض الطفل محمد وبحسب قانون العقوبات بالمادة 298/2 بسجنه سنتين, تلك الإجراءات القانونية هل أعطت ذلك الطفل حقه!!! "



القانون الأردني يعاقب على جرائم الاعتداءات الجنسية بأنواعها: الاغتصاب, هتك العرض, الفعل المنافي للحياء بعقوبات قد تصل إلى عدة سنوات وحتى الإعدام في حالة مقتل المعتدى عليه إلا أنه ترك المجال في تحديد العقوبة في حّديها الأدنى والأعلى لسلطة القضاء بما يتوافق وشدة الجريمة, أسبابها, دوافعها وظروف ارتكابها.



كما أن المشرع الأردني لم يعّرف جريمة هتك عرض إنما ترك مهمة التعريف للفقه والقضاء.



وبحسب الفقه فان جريمة هتك العرض هي كل فعل مخل بالحياء يقع على جسم المجني عليه ويكون الفحش إلى حد المساس بعورات المجني عليه التي لا يدخر وسعا في صونها وحجبها عن الناس, أو إلى حد اتخاذ المجني عليه أداة للعبث به في المساس بعورات الجاني أو الغير.



ليذهب القضاء الأردني في تعريفه لهتك العرض بأنه جريمة لا تتكون فقط من كل فعل مخل بالحياء يستطيل جسم المجني عليه يعد عورة إنما يتكون أيضا من كل فعل يستطيل إلى جزء لا يعد عورة لكنه يخدش عاطفة الحياء العرضي لدى المجني عليه.

عند تعرض الطفل إلى الاغتصاب فانه يواجه بعدها صدمة نفسية كبيرة لا يدركها إنما تتنامى مع شخصيته والتي تكون طور النمو والإدراك فقد تتعرض شخصية الطفل جراء الاعتداء إلى التصدع وانطواء والتخلخل وتتدهور في شخصيته مؤثرة على حياته الاجتماعية وعلى مستقبله.



وتعتبر الإساءة النفسية من أشد أنواع الإساءات التي يتعرض لها الطفل بعد الاعتداء عليه حيث يعلق استشاري الأمراض العصبية والطب النفسي الدكتور محمد الشوبكي " يتعرض الطفل إلى عدة أشكال من الاعتداءات اللفظية والكلام الجارح النابي وتصرفات سادية على الطفل من القرص والضرب البسيط كمقدمة للاعتداء ومن ثم محاولات للمس المناطق الحساسة لجسد الطفل أو تعريضه للأفلام الجنسية".



ويتابع الشوبكي " عندما يتعرض الطفل إلى الإساءة الجنسية لا يدرك ما يحصل له ويبدأ التفكير بما حصل له في سن المراهقة وعندها يصيبه الاكتئاب وقد يحدث الانتحار وهذا ما حدث لأكثر من مراجع لي عبر عشرين سنة".



القلق والخوف وبداية الانحراف السلوكي والجنسي هي السمات التي تصيب الطفل المعتدى عليه ويؤكد الدكتور الشوبكي أن 80% من المنحرفين يعود سبب سلوكهم إلى الاعتداءات الجنسية التي تعرضوا لها.



وينتقد الدكتور الشوبكي خطوة التستر التي يقوم به الأهالي عندما يتعرض أطفالهم للاعتداء حيث تتأثر شخصيات هؤلاء الأطفال ويفقدون الثقة بالمقربين لهم في العائلة نتيجة التستر على اعتداء طال كرامتهم.



ويدور جدل في الأوساط المدنية حول إسقاط الحق الشخصي عن الضحية الطفل إذ أن الولي أو الوصي عن الطفل هو من يملك إسقاط حق الطفل وذلك كما يعلل بعضهم, وتشير دراسة أجراها إتحاد المرأة الأردنية مطلع هذا العام إلى أن ما نسبته 24% من القضايا المنظورة أمام المحاكم في جرائم هتك العرض ضد الأطفال يتم فيها إسقاط الحق الشخصي من قبل ولي الطفل والذي يكون وفقا للقانون إما الأب أو الجد.



خوفا من العار وانتشار الخبر بين الناس ذلك هو هاجس ولي أمر الطفل المعتدى عليه والذي سرعان ما يتنازل عن حق الطفل بسرعة ودرء من العيب والإشاعات التي تلحق بالطفل, هذا ما أكده أحد أقرباء طفل تم الاعتداء عليه في منطقة ماركا الشمالية ويقول " قام والدي الطفل بالتستر على ما حدث لطفلهم بسبب عادات المجتمع التي لا ترحم الضحية ويلحقه العار طوال حياته".



وعلى هذا الصعيد يرى الدكتور ذياب البداينة أن إسقاط الحق الشخصي للطفل يعزز دونية الطفل في المجتمع وأيضا يعمل على تعزيز الشعور بانتقاص العدالة والإنصاف.



ويضيف في ورقة له قدمها في مؤتمر لليونيسيف خصص عن إسقاط الحق الشخصي للأطفال المعتدى عليهم والإساءات الجنسية التي يتعرضون لها أن الكبار يتفاوضون ويقبضون ويعامل الطفل كموضوع وكأنه طرف ثالث لا المجني عليه وأيضا إلحاق الوصم الاجتماعي بالطفل كشخص انتهكت حرمته وتم التعدي على جسده رغم عنه.



ويشير البداينة إلى أن الجاهات والعطاوات تؤدي إلى إشهار الوصم الاجتماعي من خلال الإعلان الاجتماعي عن الجاهة والحديث العلني عن الحادثة في الجلسات وبالتالي الأضرار بمكانة الطفل اجتماعيا.



وأظهر تقرير صادر عن الأمن العام أن عدد الأطفال المعتدى عليهم في الأردن عام 2003

وصل إلى 404 طفل والجناة 537 ومجموع الجرائم بشكل عام 365 جريمة, ليتصدر عام 2003 أكثر الأعوام وقوعا لجريمة الاغتصاب, حيث كان عدد الأطفال المجني عليهم عام 2000: 239, 2001: 232, 2002: 201, ليبدو أن عام 2003 ازدادت حالة الاعتداء الضعف عن سابقه من السنوات.



ويصنف التقرير صلة القرابة بين المعتدى والطفل المعتدى عليه لعام 2003 حيث تصدر الغريب عن العائلة 503 حالة, والأب 16 حالة, العم 4 حالات, الخال 5 حالات, زوجة الأب حالة واحدة.



وتصدرت العاصمة عمان مناطق المملكة في عدد الاعتداءات التي وقعت فيها حيث وصل العدد إلى 226 تليها محافظة إربد 85 حالة, الزرقاء 47, البلقاء 22 والعقبة 24 حالة.



احد الشباب روى لعمان نت حادثة حصلت لأحد الأطفال في أحد أحياء منطقة جبل المريخ ويقول " قام شاب عَرف عنه الطيش و"الزعرنة" حيث تعرض للطفل وعمره 10 سنوات وهو عائد من المدرسة ليجذبه إلى بيت مهجور وقام باغتصابه أمام أصدقائه حيث كان مستعرضا قدرته الجنسية على الطفل ليذهب الطفل بعدها إلى بيته باكيا, ولم نعلم إن قدم أهل الطفل شكوى أم أنه لم يخبرهم بما حصل معه".



ومن الدراسات المحلية حول الاعتداءات على الأطفال ما أجراه الباحث الاجتماعي حكم مطالقة مدير مركز سمير الرفاعي لرعاية الطفولة عن الاعتداءات الجسدية على أطفال الشوارع.



حيث بين مطالقة أن 75% من أطفال الشوارع يتعرضون لإساءات مختلفة من أهمها الاعتداءات الجنسية والجسدية كون الطفل في الشارع يكون بعيدا عن الرقابة والحماية من الأسرة الأمر الذي يدفعه للبحث عن شلة معينة توفر له الحماية اللازمة مقابل تقديمه العديد من التنازلات منها الجسدية والجنسية ليثبت ولائه للشلة.



ويضيف مطالقة "من خلال دراستنا للعديد من الحالات الميدانية تبين وجود العديد من الاعتداءات تحدث من قبل الأسرة لأبنائها حيث يدفع بعض الإباء أبنائهم للعمل في الشارع لكي يجلبوا لهم النقود وإذا لم يفعلوا ذلك يتعرضون للضرب المبرح الأمر الذي يدفع الطفل في بعض الأحيان لبيع جسده من اجل النقود".



ويبرر مطالقة سبب ارتفاع الاعتداءات الجسدية بين أطفال الشوارع إلى عوامل مختلفة من أهمها الوضع الاجتماعي والاقتصادي لهؤلاء الأطفال الذين ينحدرون من مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة وفقيرة في نفس الوقت حيث لا يوجد بهذه المناطق تصور واضح لمعنى الطفولة واحتياجاتها.



وتسجل حالات اعتداء كثيرة في صفوف الأطفال الذين يعملون في القطاعات الإنشائية والصيانة والميكانيك وتقول رئيسة وحدة عمل الأطفال في وزارة العمل نهاية دبدوب في هذا الصدد إن الكثير من الحالات تسجل في العمل سواء من رب العمل أو من الزملاء البالغين أو الجو المحيط به.



وتضيف أن الاعتداءات تصنف إلى ثلاثة أنواع: نفسية, لفظية وجسدية وأن الأخيرة واضحة للعيان بينما النفسية تظهر في عدم تقبله للآخرين, وتزيد " من خلال عملنا الميداني كنا نلاحظ أن الأطفال لا يتعاونون معنا بسرعة حيث كنا نلاحظ آثار الكدمات على أجسادهم وعند سؤالنا عن سبب تلك الكدمات لا يجيبون".



لافتة دبدوب إلى أن أنهم في وزارة العمل سيقومون بإعداد استبيان بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وسيتم وضع أسئلة تتعرض إلى الاعتداءات الجنسية التي قد تعرضوا لها حيث تم الاستعانة إلى أطباء وخبراء في مجال علم النفس والاجتماع مع تدريب المشرفين على الاستبيان على طريقة طرح السؤال.



وتشير إلى أنهم في الوزارة قاموا بالإطلاع على دراستين خصصتا عن الاعتداءات الجنسية على الأطفال حيث كان الجانب الصعب هو إفصاح الطفل عن ما حدث معه إلا بعد أكثر من جلسة.



وتضيف " أكثر المناطق التي يتعرض فيها الطفل للاعتداء الجنسي هي البعيدة عن الرقابة الحكومية والفقيرة والإنشائية من مدن صناعية ومحال الميكانيك تحديدا والمناطق الفقيرة في عمان الشرقية خصوصا ".

أضف تعليقك