أزياء فاشن في لباس المحجبة تتنافس فيه الثقافة الخارجية مع الاختراعات المحلية

الرابط المختصر

لو نظرت إلى شوارع عمان؛ وفي مسح بسيط وتفحصت ما ترتديه الفتيات المحجبات، ستجدهن يلبسن ألواناً وأشكالاً باتت "تشكل موضة جديدة في لباس المحجبات لم تكن مألوفة في السابق"، وبحسب بعض الفتيات فإن "ذوق السوق يفرض على كثير منهن لباسا غير مقتنعات به أبداً"، ولكن أيضا الفضائيات بما تبثه أصبح أرضية خصبة لبعض الفتيات، وتقول الشابة عطاف تعمل في محل بيع الألبسة الشرعية أن "تلك الموضة خاضعة لمدى تأثر البنت المحجبة بما تراه على الفضائيات أو ما تقوم به بعض المحلات من اختراع الأزياء، وهنا الغيرة تجعل الفتاة تقلد الأخرى وبالتالي تصبح موضة تتناقلها الفتيات".



الموضة وجاذبية الطلب والألوان حدث ولا حرج



ومع هذه الموضة، والتي أصبح فيها للإشارب أنواعاً وأشكالا مختلفة، فقد دخلت عليه أقمشة مختلفة، تعرف "بالشيفون الشفاف، جيبير، القطن بأنواعه"، ويطلعنا الشاب إبراهيم عابدين متخصص ببيع الألبسة الشرعية، أن محله ترتاده فتيات من كافة الأعمار والإقبال على الإشاربات والشالات أكثر من الجلباب لأن "موضة الحجاب على نقيض مع الجلباب والذي تراه الكثير منهن أنه OLD FASHEN ".



المرأة المحجبة لم تعد كما كانت في السابق محددة لباسها والألوان التي تنتقيها، وتقول عطاف "ألوانا غربية نبيعها وعليها إقبال كثيف منها: العفني، اللوزي، الخوخي، فواكي، الفيروزي والليموني، وكل ذلك يتواءم مع موديلات جديدة كالفولارات حول الرقبة، والعصبة أو المدرقة على الرأس أو اليانس على الأكتاف، فالخيارات متعددة أمام المحجبة".



هل أصبح الحجاب يشكل عائقاً لدى كثير من الفتيات فتلجأ إلى تفّصيل القطعة بأزياء ترضيها، فبالنسبة للطالبة الجامعية هديل البطوش أنها "مشكلة كبيرة، لا بد أن تقوم المحلات والوكالات المتخصصة بأزياء المحجبة أن ترضي جميع الأذواق لا فئة واحدة تبحث عن لفت النظر فحسب".



"من حق الفتاة المحجبة أن تلبس وتواكب الموضة، لا أن تبقى أسيرة الجلباب طالما أن لباسها لا يخدش الحياء ولا يخالف اللباس الشرعي"، هذا ما تقول الطالبة الجامعية فدوى الخطيب، وتضيف "المحجبة ليست إنسانا من حجر لا يواكب المستجدات والتطورات في الحياة. هل علينا أن نبقى داخل الجلباب".



الأزياء والألوان كفيلة بجذب غير المحجبة لتتحجب



"الطلب على أشده ويوجد إقبالا كثيفا"، يقول إبراهيم حول الأزياء الجديدة للمرأة المحجبة، وتتفق معه عطاف وتضيف "في محلي تحجبت ستة فتيات خلال مدة ستة أشهر، وليس هذا فحسب بل هناك نساء يأتين وهن من الديانة المسيحية يترددن على المحل لشراء الإسكافيات -وهو شال يربط على الرقبة-، وكل ذلك لأن الأزياء الجديدة تغويهم وهذه نقطة تحسب إيجاباً لمن هي مترددة في ارتداء الحجاب".



رغم ذلك، تنتقد بعض الفتيات لباس المحجبات، لأنه مناقض لأسس اللباس الشرعي المتمثل بالحشمة والسترة والتي فقدتها بعض المحجبات، وتقول هديل البطوش، "هذه الموضة أساءت سمعة المحجبة" وترى أن الفتيات اللواتي يلبسن الموضة في الجامعات أصبحن، "لا يميزن بين اللباس المنسجم مع حجابهن وغير المنسجم؛ فقد أصبحن نرى الاثنتين على سواء، بل وفي بعض الحالات غير المحجبة قد تكون متسترة أكثر من المحجبة".



وتعّدد هديل الأسباب التي تعتمدها المحجبة في لبسها، "قد يكون من باب مواكبة الموضة، إضافة إلى أذواق السوق والذي يفرض على الفتاة نمطاً معيناً لم تكن تألفه في السابق"، وكل ذلك بحسب هديل يعتمد على قناعة الفتاة بالحجاب.



أزياء الإشارب إما ثقافة من الخارج أو اختراع شخصي



وتتساءل عطاف "هل يمكن أن نسمي الإشاربات المزركشة والملونة بألوان فاقعة بحجاب، لا أظن ذلك، هذه موضة مؤقتة لا أكثر ولا أقل، فكيف لي أن أسميها محجبة وشعرها ظاهر من تحت الاشارب"، لافتة إلى أن هناك "محلات أصبحت تعتمد على اختراع الأزياء والألوان، لأجل إغواء الفتاة تحت دعايات تفيد بأن هذه الطريقة في الحجاب أحدث زي للمحجبة من تركيا وإندونيسيا والصين".



خديجة 50 عاماً أم لثلاثة فتيات محجبات، تقول "بناتي يلبسن حسب الموضة، ومن حقهن أن يواكبن الموضة، كأي فتاة عادية غير محجبة لها الحق في لباسها وذوقها لكن شرط الالتزام بالحشمة"، وترى أن هذا الأمر يندرج في إطار الحرية الشخصية.



ويعلق الكاتب الإسلامي زياد أبو غنيمة، "ينبغي أن يتحقق الشرط الشرعي في اللباس من حيث إسباغ الستر على جسد المرأة، ولا يظهر منها إلا وجهها وكفيها، فإذا تحقق هذا الشرط، لا يوجد أي مخالفة شرعية ترتكب، وأن لا يكون لباسها يفتن".



وينتقد أبو غنيمة بعض المحجبات، وذلك "لعدم اهتمامهن بأناقة لباسهن. فالإسلام دين الأناقة والذوق فينبغي أن يكون لباسها فيه ذوق"، وحول الألوان المنتقاة إذا كانت الألوان لا تؤدي إلى فتنة، "فلتلبس الألوان طالما أنه ليس ضيقا وأن يكون فضفاضا ومستورا"، منتقداً في الوقت ذاته "المكياج" ويقول "هنا السؤال الذي يجب أن نوجهه لأخواتنا أليس حراما ما نشاهده من تبرج".



وتُرجع عطاف طريقة وأسلوب لباس الفتاة المحجبة إلى أسرتها، "بالتأكيد هذا يعتمد على أسرة الفتاة التي تسمح لها بالخروج بهذا اللباس. أنا في عائلتي لا أخرج واخوتي كما نشاهده في الشارع من تجاوزات على من يلبسن الحجاب".



أستاذ الاجتماع حسين الخزاعي، يرى أننا "نعيش في عصر الانتقال الثقافي السريع"، وأن العالم أصبح "غرفة صغيرة وليس قرية صغيرة، ولهذا السبب أصبحت الثقافات تنتقل بين البلدان بسرعة كبيرة، وهذا الأمر ينطبق على اللباس، فالكثير من الفتيات يلبسن الإشارب إرضاءً للعادات والتقاليد فقط".



الإجبار حال كثير من الفتيات في ارتداء الحجاب، وتتعاظم هذه الحالات في الدول التي تمنع خروج المرأة دون الحجاب، بينما الأردن فالأمر لديه مختلف؛ فالعادات والتقاليد هي الفيصل عند العائلات، لذلك تمنع بناتهن الخروج بدونه حتى وإن كان لباسهن غير مقيد باللباس الشرعي، "فالمهم الشعر لا يظهر".



هند الحلو شابة محجبة تواكب الموضة في لباسها، وتنتقد لباس بعضهن، قائلة "هناك فتيات يلبسن قبعات ويخبأن رؤوسهن وتبقى رقباتهن ظاهرة، هذا ليس حجاب"، معتقدة أن "الفضائيات تصل إلى كل بيت أثرت علينا كثيرا".



المحجبة للدعايات والفيديو كليبات وأخرى تُستبعد من التلفزيون



الفيديو الكليب والإعلانات لم تعد حكراً على الفتيات غير المحجبات بل باتت ُتظهر الفتاة المحجبة، بطريقة دعائية، إما "إرضاءً للدول التي تلزم الحجاب وكي يصل المعلن إلى هذه الدول، وهنا يتم تُحّجيب فتاة الموديل"، لكن ما نشاهده في بعض الأغنيات، هو وجود فتاة محجبة تلبس على الموضة "وهذا ما تظهر به فتاة محجبة تظهر في أغنية للشاب المصري هيثم سعيد والذي يلاحق فتاته المحجبة، ويخرجان سوية في شوارع القاهرة"، فهذه الأغنية كما تقول سعاد الماضي "ما المقصود منها، هل لأجل إظهار أن الفتاة المحجبة تواكب الموضة وتخترق كار الأغنيات، لا أعلم!" لا تعلم سعاد ما الهدف منها لكن تجيب على ذلك زميلتها فتون في أن الغاية منها هو "لإيصال رسالة إلى العالم في أن الفتاة المحجبة تحب وتعشق وليس آلة خالية من المشاعر كما يصورها الغرب".



ما المانع "هذه موضة"!



وعلى نقيض ذلك، وما تجدر الإشارة له هو ما قام به التلفزيون الأردني مؤخرا "باستبعاد المذيعة نوف التميمي من الظهور أمام الكاميرا وذلك للباسها الحجاب"، إلا أن مدير عام التلفزيون محمد الصرايرة كان قد نفى أن يكون نقل المذيعة نوف التميمي لارتدائها الحجاب، وإنما لغيابها عن العمل" لكن هذه العذر لم يقنع كثيرين".



هذا حال نوف التميمي في التلفزيون، لكن دور الأزياء أخذت منحى في اختراع أزياء مختلفة، وباتت المحلات المختصة بالحجاب تشهد إقبالاً ورواجاً وبالتالي ازدادت أعدادها، لكن مع ذلك فإن الشابة أحلام عياش لا تواكب الموضة وترتدي الجلباب، قائلة في الوقت نفسه أن الإشارب "طرأت عليه موضة لا يمكن الحياد عنها. والملتزمة مثلي تبقى مرتدية الجلباب".



إيناس آندي محجبة ترى أن هذا الموضوع ليس مثارا للجدل، "طالما أن الفتاة غير كاشفة لشعرها ولباسها وغير مخالف للباس الفتاة المسلمة، فما المانع من ارتدائها أشكالاً مختلفة من الإشاربات وكذلك الألوان"، معلقة "هذه الأزياء ليست من عادات وتقاليد مجتمعنا".



وتقول أماني صادق "غريزة الإنسان تدفعه دائماً لأن يظهر بأحسن حلة، والفتاة المحجبة كأي مخلوق آخر، تريد أن تظهر بأحسن مظهر، لما كل هذه الهيصة عليها". في حين ترى ريم إسماعيل الشيخ أن "اللباس يعبر عن نفسية الفتاة، فهي تريد أن تعبر عن نفسها وأن تضاهي غير المحتشمة إغواءً".



الحجاب بين العادات والتقاليد والقرى والمدن



ويعلق الدكتور حسين الخزاعي أن نسبة الفتيات اللواتي يلبسن الحجاب في الأردن لا تتجاوز الـ60% بينما غير المحجبات 40% وفي القرى أكثر من العاصمة، "وذلك حسب انصياعهم للعادات والتقاليد والتي تظهر بجلاء في القرى أكثر من المدينة".



هل تعاني بعض الفتيات غير المقتنعات بارتداء الحجاب من الكبت، وهل مرغمة حقا على ارتدائه، يقول الخزاعي "هناك فتيات يرتدين الحجاب عند خروجهن من البيت وعند وصولهن إلى الجامعات وأماكن عملهن يقمن بخلعه وهذا بالتأكيد يعود إلى عدم قناعتها بالحجاب، وبالتالي يؤدي بهن الأمر إلى التحايل على أسرهن".



وتعتبر الشابة فرح عويس أن الموضة السائدة، "غير مقبولة أبداً، ومنافي لباس بعض الفتيات للزي الشرعي الذي أقره الإسلام على المرأة"، من أين جاءت هذه الموضة تتساءل فرح، وتتابع "رغم تطور الأزياء في لباس المرأة، إلا أنه للأسوأ".



وتلفت هديل إلى أن المحلات المتخصصة ببيع أزياء المحجبات، لا تراعي اللباس المحتشم لها، داعية تلك المحال "أن يشتروا ملابس تراعي الدين الإسلامي، وذلك كي لا تضطر الملتزمة إلى تفصيل الملابس والمعاناة".



أزياء المحجبة إما أن تأتي من دول كتركيا واندونيسيا والصين وسوريا، أو من خلال أزياء تختلقها المحلات لجذب المتسوقات، وكما تلفت عطاف، "أقوم بعمل طريقة معينة في الإشارب وأزين الموديل في الفاترينا ثم تأتي الفتاة وتطلب الإشارب ومع الطريقة المبتكرة في لبسه"، أيضا هذا يرتبط بالسرعة أو الجنونية في انتقال الأزياء من بلد إلى آخر ومن فتاة إلى الأخرى بحسب الدكتور الخزاعي.



ويقول محمد عصام يعمل في محل بيع الألبسة الشرعية بجبل الحسين أن "هذه موضة، ليست بالضرورة تعبر عن الحجاب، ويزداد الطلب على الألوان كثيراً، وهناك جانب إيجابي عندما تكون الأزياء والألوان جاذبة لغير المحجبة وبالتالي يجعلها تفكر جدياً بالحجاب". متحدثاً عن فتيات يأتين له ويطلبن أزياءً يرونها في المحطات الفضائية.



عوامل خارجية هي ما تجعل الفتاة المحجبة تتأثر ويظهر على لباسها، فعدم قناعتها بالحجاب كما لدى بعضهن، يدفعهن في ارتداء ملابس لا تتناسب مع الشروط الواجب على المسلمة التقيد بها، لكن لعلها موضة دارجة كما في أي موضة أصبحت في مجتمعنا لطالما أصبح سهل التأثر من عادات وأسلوب ونمط حياة المجتمعات الأخرى، وكل ذلك يعتمد على عادات وطباع المجتمع الذي يرى بعضه "عيب ظهور الشعر، لكن لا بأس من ظهور الجسد".

أضف تعليقك