أردنية تستلهم “الكرات الترابية” من الحرب العالمية لحماية البيئة (صور)

الرابط المختصر

“إرميها وربك يرويها”.. ثلاث كلمات تعيش معها ولها الشابة الأردنية وجدان ملكاوي، والتي استلهمتها من فكرة يعود تاريخها لحرب دموية، استنزفت البشر والشجر، لتحولها إلى مشروع فريد، عنوانه استدامة النظم البيئية والمحافظة على النباتات البرية.

في منزل زوجها أسامة المصري (49 عاما)، الكائن على مساحة أرض لا تتعدى 700 متر مربع، بمدينة “أم قيس”، التابعة للواء بني كنانة، في محافظة إربد، شمالي الأردن، كانت انطلاقة وجدان (39 عاما) صوب طريق التميّز والابداع.

إذ حولت عش الزوجية إلى لوحةٍ طبيعيةٍ، تزدان بمئات الأنواع من الأشجار والنباتات دائمة الخضرة، والتي أطلقت عليه اسم “بيت الورد”.

وجدان، والتي لا تحمل أي شهادةٍ جامعية، لم تتلقى أي تعليم في مجال الزراعة، ولكنها تأثرت بخبرات والدها، واسترشدت بما اكتسبته منه، لتتحول إلى خبيرة، كما يصفها البعض، ومقصداً للسيّاح من مختلف دول العالم.

ـ تجربة شخصية ونماذج عالمية

لم تتوقف الشابة الأردنية عند حدود التقليد والمستهلك من الأفكار، لكنها قررت أن تصنع لنفسها فرصة تميزها عن غيرها، لتجد من خلال البحث على الإنترنت، أسلوبا اتبعه مقاتلو الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، وتحوله إلى نموذج تُحافظ فيه على النباتات البرية، وخاصة المهدد منها بالانقراض، وفق ما روته لمراسل الأناضول.

تقول وجدان، بأسلوب يدلل على مدى حبها للطبيعة، “لدي نبتة وجدتها وأنا في الصف السابع، وكانت شبه ميتة، وحملتها إلى بيت والدي، وقمت بإعادة زراعتها وأعطيتها كل اهتمامي، حتى نمت من جديد، ونقلتها معي إلى هنا بعد الزواج، وهي من ألهمتني إلى ما أقوم به حاليا”.

وتضيف “بدأت بزراعة عقل النباتات المختلفة في كؤوس بلاستيكية صغيرة، وتطور الأمر معي إلى أن تحول المكان إلى مشتل يحوي آلاف النباتات المختلفة، وعنوان للسياحة البيئية”.

يُقال إن الإنسان يحمل من اسمه صفاته، فوجدان ومعناها “النفس الباطنة بما تضم من إحساسات”، اختارت الاستمرار بالعطاء، فهي ترى بأن “الحياة تعطي أكبر خبرة”.

وانطلاقا من ذلك، توضح “وجدت من خلال البحث على الإنترنت فكرة تعود للحرب العالمية الثانية، وتُنسب لطيار أمريكي (لم تذكر اسمه)، كان يقوم يرمي الحلوى للأطفال في برلين، فيما يدلل على حبه لإنهاء الحرب ورفض للقتل والتدمير”.

وتمضي وجدان، في محاولة الوصول إلى توضيح تفاصيل الفكرة، أن “اليابانيين حاولوا أن يستلهموا من هذه الفكرة ما يخدم الطبيعة، وكانوا ينثرون بالطائرات كرات ترابية، ويضعون فيها بذور أشجار، في محاولة لإحياء المناطق القاحلة التي تأثرت من جراء الحروب”.

كما تؤكد أن بحثها أوصلها بأن “فراعنة مصر استخدموا ذات الفكرة بعد فيضان نهر النيل. وعام 2002 تم استخدامها في فلسطين أيضا”.

ـ 200 كرة ترابية يوميا

ومتابعة حديثها، تقول وجدان، “حاولت تطبيق الفكرة على بعض النباتات البرية، وهي الزعتر والزعيتمان والجرجير البري والبابونج والعكّوب والعصفر البري، وغيرها من النباتات الأخرى”.

وفي توضيحها لتفاصيل الفكرة، تبين الشابة الأردنية “أقوم أولا بالتأكد من صلاحية البذور للنمو، وزراعتها داخل المنزل، وعندما أتأكد من صلاحيتها، أبدأ بالعمل عليها”.

وتمضي “أشكل كرات ترابية بعد خلطها ببعض الأسمدة والمخصبات، ثم حشوها ببذور النباتات، قبل رميها في مناطق عشوائية، وأحيانا يتم اللجوء إلى ممارسي رياضة المشي للمساعدة في اختيار الأماكن المناسبة لهذه الكرات”.

وجدان، تصف نفسها بأنها “أول من ينفذ هذه الفكرة بالأردن”، قائلةً: “إرميها وربك يرويها”.

وتشير “الكرات لا يتعدى حجمها بضع سنتيمترات، وهذا يهدف للحفاظ عليها من جهة، وضمان وفرة المادة العضوية لذات البذرة في داخلها وبما يساعدها على النمو من جهة أخرى”.

وتردف “يصل عدد ما أشكله من تلك الكرات نحو 200 يومياً بمساعدة زوجي.. أعمل بها بشكل شبه يومي، ولكنني أكثر العمل قبيل فصل الشتاء؛ لأنني أحب أن أرى تغييرا في المكان مع قدوم الربيع”.

– لقاء مع الملك والملكة

وعلى الرغم من لقائها بعاهل البلاد الملك عبد الله الثاني، والملكة رانيا، وتشجيعهما لها، إلا أن وجدان، لم تخفِ أسفها من عدم الدعم الرسمي لمشروعها وفكرتها.

لكنها تلفت بأنها أصبحت مقصدا لعشاق السياحة البيئة، وبأنها تستقبل مجموعات من السياح، والذين يعيشون تجربة المشاركة في تشكيل الكرات الترابية.

وتمنّت، في ختام حديثها، أن يتم إدراجها على المسارات السياحية في منطقتها، لا سيما وأن المنطقة تحتوي على أهم المواقع الأثرية بالمملكة، والمعروفة باسمها (مدينة أم قيس الأثرية)، لتعلم الأجيال والفئات المجتمعية المختلفة على هذه الفكرة الرائدة.

الاناضول