أخبار التلفزيون الأردني: عشر خطوات إلى الوراء

الرابط المختصر

تراجع أداء التلفزيون الاردني لم يعد مجالا للبرهنة، فالأمر كتب عنه الكثير وقيل فيه الكثير....

والحالة التي أثار فيها التلفزيون قضية العاصفة الثلجية واجبر الحكومة على الرد وتشكيل لجنة تحقيق بدت معزولة ويتيمة، وربما كانت تصرفا فرديا من الإعلامي عساف الشوبكي.
المتابع لنشرة أخبار الساعة الثامنة في التلفزيون يلمس بوضوح مدى التقهقر الكبير في أداء أهم مؤسسة إعلامية رسمية.
نشرة أخبار الساعة الثامنة ليوم الخامس والعشرين من الشهر الحالي، كانت نموذجا سيئا لهذا الأداء، فقد أظهرت ضعفا كبيرا في التحرير والإخراج وارتباكا في الأداء.
بداية تجاهلت النشرة عمليا كل الاخبار المحلية، وباستثناء تقرير عن الغطاء النباتي في المملكة لم يرد في النشرة أي خبر محلي على الطلاق. واما التقرير فلم يكن فيه أي معلومة جديدة تذكر سوى كلام عام عن التنوع النباتي في الاردن وعن اهمية النباتات في صناعة الادوية والعطور، وعدى ذلك لم يقدم التقرير أي جديد. وفوق كل ذلك جاء التقرير مثل اغلب تقارير نشرات الساعة الثامنة، عبارة عن مادة اعلامية ليس لها أي مناسبة ولا تحمل أي قيمة خبرية.
ويبدو ان هذه المواد التي لا تحمل أي معنى خبري او قيمة معلوماتية اصبحت سمة عامة لاداء نشرة الساعة الثامنة. ففي نشرة يوم الجمعة الثالث والعشرين من الشهر، وهي نشرة من المفترض انها تحمل عنوان "ستون دقيقية"، بث التلفزيون تقريرين الأول عن التعدي على الغابات الحرجية والثاني حول استشراء ثقافة الاستهلاك عند المواطن. وفيما كان يمكن فهم سبب ادراج التقرير الاول في نشرة اخبار الساعة الثامنة الا ان الاطالة في التقرير ثم في الحوار الذي تبعه مع وزير الزراعة والنائب عبد الثوابية جعل المادة طويلة ومملة ومجاملة للحكومة ولم تركز مطلقا على الاسباب الجوهرية للتعدي على الغابات، وخاصة موضوع اتاحة الاراضي الحرجية للاستثمار، وهو الامر الذي لم يعد سرا، ففيما لم يذكر التقرير هذا الامر مر الحوار عليه مرور الكرام. اما تقرير استشراء ثقافة الاستهلاك فقد حاول تبرئة ساحة الحكومة والسياسيات الاقتصادية عن افقار المواطن وتحميل هذا المواطن اسباب فقره، بل ان التقرير كان تحت عنوان "هل يصنع المواطن فقره؟؟".
على أي حال، قد تكون المواضيع التي تتطرق اليها تقارير النشرة حيوية ومهمة ومفيدة للمواطن، ولكنها اولا لا تصلح لنشرة اخبار مفترض فيها اطلاع المشاهد على المستجدات والتطورات في البلد اولا لا ان تكون نشرة دعائية وترويجية. فمكان هذه التقارير على اهمية تناولها، ان تم التطرق اليها بشكل موضوعي ومهني، في برنامج آخر وليس نشرة اخبار.
وبالطبع فان النشرة غيبت جملة اخبار محلية مهمة جدا مثل فشل انعقاد جلسة مجلس النواب الاخيرة والتي كان من المفترض ان تناقش عدة قضايا مهمة، بينها قضية منع محاكمة الوزير السابق عبدالرزاق طبيشات، اضافة الى الكثير من المستجدات الداخلية.
اما النشرة الاقتصادية فلم تتضمن سوى ثلاث اخبار محلية، إحداها عن أداء بورصة عمان، وهو خبر دائم وسهل ومنقول عن وكالة الأنباء الأردنية (بترا) فيما كان الخبر الآخر، وبدون صور، او تقرير فكان عن اجتماع اللجنة الاقتصادية في مجلس الاعيان والخبر الثاني كان عن اجتماع مدراء الجمارك الاردنية والفلسطينية. وبشكل عام فان السؤال يكمن في ما الفائدة التي يجنيها المشاهد من مثل هذه الأخبار؟؟.
وعلى أي حال، فان النشرة عابها الكثير من الخلل في التحرير مثل المقدمات الطويلة واعادة التكرار في الخبر نفسه.
لم تكن نشرة اخبار هذا اليوم استثناء عن القاعدة، فالمراقب لنشرات الاخبار يلحظ مدى تراجع موضوعيتها ومهنتيها، ولم تكن نشرة الاخبار التي عرضها التلفزيون يوم انعقاد قمة الرياض سوى عينة اخرى على مدى تراجع الاخبار في التلفزيون، واضافة الى كل المشاكل التحريرية فان النشرة حفلت باخطاء تقنية لم يكلف المقدمون انفسهم عبء الاعتذار للمشاهدين عنها.
وكالعادة ايضا، كانت النشرة عبارة عن اخبار بروتوكولية من تلك التي تحفل بها وكالات الانباء العربية، رغم وجود وفد اعلامي اردني، وعندما اراد المراسل استضافة محللين للحديث عن القمة لم يجد سوى استضافة صحفيين أردنيين، هما نبيل الشريف وايمن الصفدي، دون كل المحللين والصحفيين العرب والاجانب الحاضرين. ولم تتنوع الآراء عندما استضافت النشرة في الاستديو محللين أردنيين أيضا. وكما ان النشرة لم يكن فيها أي ترتيب منطقي للتقارير، عاب هذه التقارير ايضا الكثير من التكرار من مثل اضافة عبارة "القمة العربية المنعقد في الرياض في الثامن والعشرين من الشهر"؟؟.
لم يعد أداء التلفزيون في نشرة الاخبار تحديدا مرضيا للجمهور الأردني، وهذا استنتاج لا ندعيه لوحدنا وإنما يظهر في ما يكتب وما ينشر في الصحف والمواقع الالكترونية. ولكن اذا كان المشاهد الاردني هو الخاسر فلا شك ان الدولة تبقى الخاسر الاكبر. فبالاضافة الى تحملها وتحمل المواطن العبء المالي فان انتشار الفضائيات والرموت كنترول ابعد المشاهد عن تلفزيونه الوطني. وبعد ذلك هل من مبرر لكل هذا العمل "الدعائي" ان لم يكن هنالك مشاهدين، ام ان هؤلاء هم آخر من يفكر بهم القائمون على التلفزيون.

أضف تعليقك